بدأ العد التنازلي لتفادي تخلف الارجنتين عن السداد الاثنين وسط مواجهة مع صناديق مضاربة يفترض ان تتوصل الى اتفاق معها لتجنب ذلك قبل نهاية تموز/يوليو. وتستحق اليوم دفعة اولى بقيمة 225 مليون دولار (165 مليون يورو) للجهات الدائنة التي وافقت في 2005 و2010 على اعادة جدولة ديونها مع شطب سبعين بالمئة منها. وكانت بوينس ايرس اودعت الخميس اكثر من مليار دولار قسم منها في بنك اميركي، لتسديد هذه الدفعة. الا ان القاضي الاميركي توماس غريزا الذي يتابع هذا الملف منذ سنوات، اعتبر الجمعة ان الارجنتين لا يمكنها ان تسدد ديونها المترتبة لهذه الجهات الدائنة قبل ان تدفع للصناديق المالية التي ربحت للتو امام القضاء في الولاياتالمتحدة دعوى تتعلق بخلاف على علاقة بافلاس البلد في 2001. وامر القاضي الجمعة باعادة المبلغ المودع الى السلطات الارجنتينية. وحكمت المحكمة الاميركية العليا لصالح صندوقين مضاربين هما "ان ام ال كابيتال" و"اوريليوس مانجمانت" يطالبان بتسديد اسهم من الدين الارجنتيني اشترياها باسعار متدنية جدا اثناء افلاس البلد. وبدات في نيويورك الاربعاء مفاوضات حول وسائل التسديد برعاية وسيط بين الارجنتين وهذين الصندوقين. واعلن هذان الصندوقان وهما في موقع قوة بعد نجاحهما القضائي، في بوينس ايرس انهما يوافقان على الدفع بواسطة سندات خزينة. واشترط الحكم الاميركي ان تدفع لهما الارجنتين 1,4 مليار دولار، لكن هذا التسديد سيكون اشبه بكرة ثلج قد تدفع الصناديق الاخرى (التي رفضت اعادة جدولة ديون الارجنتين) الى المطالبة بالمعاملة نفسها. وستزداد قيمة الديون التي سيترتب على الارجنتين تسديدها عندئذ 15 مليار دولار اضافية. وسيكون تسديد مثل هذا المبلغ الكبير مستحيلا اذ لا يملك البنك المركزي الارجنتيني سوى 28,5 مليارا من الاحتياطات بالدولار على خلفية عجز في مجال الطاقة وبدء انكماش اقتصادي. وعلى خط مواز، ستستحق دفعة اخيرة للجهات الدائنة التي وافقت في 2005 و2010 في الثلاثين من تموز/يوليو: ففي غياب اتفاق مع الصناديق المالية، قد تدخل الارجنتين عندئذ في حالة تخلف عن السداد. واعتبر دانيال ماركس المسؤول في شركة "كوانتوم فينانزا" للاستشارات "في حال لم يتم التوصل الى اتفاق مع الصناديق التي رفضت اعادة جدولة ديون الارجنتين في غضون شهر، سيصبح الوضع صعبا للغاية". وسيعقد المجلس الدائم لمنظمة الدول الاميركية اجتماعا عاجلا اليوم الاثنين بناء على طلب من الارجنتين للاطلاع على الوضع. وهذا الخلاف حول الديون الارجنتينية قد يهدد عمليات اعادة جدولة مستقبلية للديون الارجنتينية مع حض الجهات الدائنة على رفض اي تسوية مع الدول. وهكذا اعرب صندوق النقد الدولي عن "قلقه حيال تداعيات محتملة اكثر شمولا على مجمل النظام". وقال كزافييه غونزاليس فراغا المدير السابق للبنك المركزي الارجنتيني ان "الحكومة الارجنتينية تسعى لايجاد اتفاق مع الصناديق المالية، لكن من دون تطبيق بند +روفو+" اي حق كل دائن في الاستفادة من العرض الافضل". ومنذ افلاس العام 2001، تقوم بوينس ايرس بتسديد ديونها تدريجيا ل93 بالمئة من دائنيها في القطاع الخاص الذين توافقوا في 2005 و2010 على خفض نسبة 70 بالمئة تقريبا من الديون. اما بالنسبة للسبعة بالمئة المتبقية، فقد رفضت صناديق مضاربات هذا الاتفاق واحيت الخيار القضائي للمطالبة ب100 بالمئة من القيمة الاسمية للسندات التي كانت اشترتها باسعار منخفضة. والارجنتين التي تعتمد منذ 2002 على عائدات مهمة ناجمة من الصادرات الزراعية التي تستفيد من قفزة اسعار المواد الاولية، سددت ديونها لصندوق النقد الدولي في 2006 وابرمت الشهر الماضي اتفاقا مع نادي باريس. وتجد نفسها الان في وضع لا يمكنها الافلات منه. ودانت الرئيسة كريستينا كيرشنر التي تنتمي الى يسار الوسط عمليات "الابتزاز" التي تقوم بها صناديق الدين.