تثير حملات اعتقال كثيفة بين مسلمين للاشتباه بصلتهم بأنشطة جماعة "بوكو حرام" المحظورة في جنوبنيجيريا حيث غالبية السكان من المسيحيين، قلق مسلمي البلاد من استهداف أبناء طائفتهم. ففي البلد الذي شهد قبل نحو خمسين عاما حرب بيافرا، هذه الحرب الأهلية التي خلفت أكبر عدد من الضحايا بعد الحرب العالمية الثانية، يتوجس المراقبون من أن تؤدي هذه الاعتقالات الى نزاع دموي اتني وديني وحتى قبلي. وفي كانون الثاني/يناير تم توقيف ثلاثمئة تاجر أصولهم من شمال البلاد حيث غالبية السكان من المسلمين، على خلفية الاشتباه بانتمائهم الى جماعة بوكو حرام الاسلامية المسلحة في ولاية ريفرز بجنوب البلاد، قبل أن يطلق سراح معظمهم. وفي تلك الاثناء طرد 84 متدربا في ولاية ايمو في الجنوب النيجيري الى ولاية كاتسينا التي يتحدرون منها في شمال البلاد للاشتباه ايضا بصلتهم مع الجماعة المتطرفة. وفي كانون الثاني/يناير 2012 اوقفت الشرطة واعتقلت خلال شهر 25 صيادا من زامفارا (شمال غرب) كانوا يشاركون في موسم الصيد السنوي في غابات منطقة اينوغو (جنوب شرق). وقد اشتبه كذلك بعلاقتهم مع جماعة بوكو حرام لحيازتهم 19 بندقية صيد. والتمرد الاسلامي الذي خلف الاف القتلى في شمال نيجيريا منذ 2009، هو في صلب المشاغل الامنية ويتخوف البعض من انتقال اعمال العنف الى الجنوب الذي بقي في منأى حتى الان. والارتياب المتنامي تجاه المسلمين يثير التخوف من تصاعد التوترات الدينية والاتنية والقبلية. واعتبر سولومون دالونغ البرفسور في جامعة جوس (وسط) انه من الواضح ان قوات الامن "تستهدف المواطنين الذين يأتون من منطقة ذات توصيف جغرافي وسياسي محدد". والاعتقالات الاخيرة تحمل برأي دالونغ "مؤشرات تنذر بحرب اهلية"، ويرى اوجه شبه بين الفترة الحالية والتوترات التي سبقت حرب بيافرا. فالحرب الاهلية التي خلفت نحو مليون قتيل في نيجيريا بين 1967 و1970، اندلعت عندما اعلنت اتنية ايبو المسيحية الانفصال في الجنوب الشرقي على اثر توترات شديدة مع الهاوسا المسلمين في شمال البلاد. وفي الوقت الذي تستعد فيه نيجيريا للتوجه الى صناديق الاقتراع العام المقبل يعتقد بعض المراقبين ان ثمة دافعا سياسيا وراء هذه الاعتقالات الكثيفة. وفي جنوب شرق نيجيريا البلد الاكثر عددا بالسكان في افريقيا، قال عبدالله باوا واسي المتخصص في الشؤون الامنية، هازئا "يكفي ان يكون المرء ملتحيا ويلبس القفطان لكي يتهم بالانتماء الى بوكو حرام". واضاف "كل ذلك يحصل في سياق الالاعيب السياسية المرتبطة بانتخابات 2015". ويرى واسي وكذلك دالونغ ان الخصومة بين الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان وحاكم ولاية ريفرز روتيمي امايشي ليست بعيدة عن عملية اعتقال ثلاثمئة تاجر مؤخرا في هذه المنطقة. فامايشي هو من حكام الولايات الذين انسحبوا في الاونة الاخيرة من الحزب الرئاسي، الحزب الديمقراطي الشعبي، للالتحاق بحزب المعارضة الرئيسي، مؤتمر التقدميين. وما يتردد عن رغبة الرئيس جوناثان في الترشح الى الانتخابات يؤجج التوتر داخل فريقه حتى وان لم يصدر عنه اي اعلان رسمي في هذا الصدد حتى الساعة. ففي حال ترشح جوناثان فانه سينتهك عرفا درج عليه حزبه يقضي بمبدأ المداورة اي بعد ترشح مسيحي من الجنوب يقدم مسلم من الشمال ترشيحه الى الرئاسة. ويأخذ امايشي ايضا على الرئيس جوناثان سوء اعادة توزيع العائدات النفطية ونقص المساعدات العامة في ولاية دلتا النيجر التي ياتي منها القسم الاكبر من الذهب الاسود النيجيري. ولفت واسي الى ان هذه الاعتقالات "هدفها تخويف المسلمين في الشمال بغية تقليص عدد انصار امايشي" الذي يحظى بشعبية في اوساط الشماليين في ولاية ريفرز. وقد يكون هناك ايضا دافع سياسي وراء اعتقال المتدربين في كاتسينا، خصوصا وان حاكم ولاية ايمو روشا اوكوروشا الذي يتحدر هو نفسه من الشمال يعد من ابرز شخصيات حزب مؤتمر التقدميين. وراى خالد عليو الامين العام ل"جماعة نصر الاسلام"، وهي منظمة اسلامية نيجيرية تنوي الطعن امام القضاء في هذه الاعتقالات، ان "السياسيين الذين لا يتمتعون بتأييد شعبي" يلجؤون إلى إثارة النعرات الطائفية بهدف "زرع الشقاق (...) بين المواطنين لدوافع سياسية انانية". ولفت عليو الى "ان عدد افراد ايبو في الشمال يفوق عدد الهاوسا في الجنوب"، و"الاحداث التي ادت الى الحرب الاهلية قد تتكرر ان قرر الشمال الرد".