تحيي مصر السبت الذكرى الثالثة للثورة الشعبية التي اطاحت حسني مبارك غير ان القمع الدامي للتظاهرات من قبل السلطات الجديدة التي عزلت الرئيس الاسلامي محمد مرسي يعيد الى اذهان البعض الممارسات القديمة للنظام السابق. وخلال ثورة 2011، قام المحتجون الغاضبون من تجاوزات الشرطة بمهاجمة مقراتها في مختلف انحاء البلاد ونجحوا بعد 18 يوما من التظاهرات في انهاء حكم مبارك الذي دام ثلاثة عقود. وقتل اكثر من 850 شخصا خلال هذه الثورة وسقط العديدون منهم امام اقسام الشرطة. غير ان ضباط الشرطة الذين حوكموا بعد اسقاط مبارك اما تمت تبرئتهم او صدرت ضدهم احكام مخففة. وقبل ثلاث سنوات اختار النشطاء اطلاق الثورة على مبارك في نفس اليوم الذي تحتفل فيه الشرطة بعيدها السنوي وهو الخامس والعشرون من كانون الثاني/يناير للتعبير عن رفضهم لممارستها. وبعد عام صاخب امضاه في الحكم محمد مرسي الذي ينتمي الى الاخوان المسلمين باتت هذه الجماعة، التي اعلنتها السلطات "تنظيما ارهابيا" توصف اليوم بجماعة "الشر". وتغير مزاج الرأي العام الى حد كبير ما دفع وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم الى الدعوة لاحتفالات وتظاهرات في 25 كانون الثاني/يناير. وفي احتفال اقامته الشرطة الخميس لاحياء ذكرى الثورة، وصف وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم جماعة الاخوان المسلمين بأنها "جماعة خائنة قفزت على ثورة الشعب العظيم وتربعوا على سدة الحكم واعدوا المكائد وبثوا الفتن". وهناك مخاوف من ان تشهد مصر في الذكرى الثالثة للثورة السبت يوما متوترا وربما عنيفا اذ دعا انصار مرسي الاسلاميون الى 18 يوما من التظاهرات اعتبارا من يوم غد الجمعة على الرغم من ان قانون التظاهر الذي صدر في تشرين الثاني/نوفمبر يشترط الحصول على تصريح مسبق من وزارة الداخلية. وقال "تحالف دعم الشرعية ومناهضة الانقلاب" الذي يقوده الاخوان المسلمين في بيان الاربعاء ان الهدف من هذه التظاهرات هو "انهاء حكم العسكر الذي ارتكب معظم، إن لم يكن كل الجرائم النكراء والمخزية منذ 25 يناير 2011 والتي بلغت ذروتها في الانقلاب العسكري علي الشرعية الدستورية". واكد وزير الداخلية في خطابه الخميس ان الشرطة "ستضرب بكل قوة وحسم" من يحاول افساد الاحتفالات السبت. ومنذ منتصف اب/اغسطس الماضي، قتل اكثر من الف من انصار مرسي كما تم توقيف الاف من اعضاء جماعة الاخوان المسلمين من بينهم الغالبية العظمى من قياداتها الذين يحاكمون الان مثلهم مثل مرسي بتهم تتعلق بالتحريض على العنف. وقتل كذلك عشرات من افراد الجيش والشرطة في هجمات اعلنت مجموعات اسلامية قريبة من القاعدة مسؤوليتها عنها وتبنت "جماعة انصار بيت المقدس" اكثر الاعتداءات دموية. وقالت منظمة العفو الدولية الخميس في بيان ان "مصر شهدت خلال الاشهر السبعة الاخيرة سلسلة انتهاكات مدانة لحقوق الانسان واعمال عنف من جانب الدولة على نحو غير مسبوق". واعتبرت المنظمة ان السياسات الحالية للسلطات المصرية تمثل "خيانة لكل التطلعات الى الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية" التي كانت المطالب الاساسية لثورة 2011. ويقول مايكل حنا وهو محلل متخصص في الشؤون المصرية في مركز سنتري فاونديشن الاميركي ان "عناصر من النظام القديم كانت فقدت مصداقيتها (بعد ثورة 2011) استغلت" اخطاء نظام الاخوان المسلمين، في اشارة خصوصا الى مسؤولي وزارة الداخلية. وتثير المخاوف من العودة الى النظام القديم منذ عدة اسابيع المثقفين الذين لم يبدو حتى الان اكتراثا بمصير الاسلاميين الذين يقتلون خلال التظاهرات. وامتنع جزء كبير من الشباب غير الاسلامي عن المشاركة في الاستفتاء على الدستور في 14 و15 كانون الثاني/يناير الماضي الذي اعتبر بمثابة مبايعة للفريق اول عبد الفتاح السيسي ما دفع الاخير الى التشديد خلال خطاب علني على انه "لا عودة للوجوه القديمة" المنتمية لنظام مبارك. وفي احتفال الشرطة الخميس، حرص الرئيس المؤقت عدلي منصور كذلك على توجيه حديث طويل الى الشباب لطمأنتهم بانه لا عودة الى نظام مبارك. وصرح "أقول لكم لن يكون لمن استنزفوا مقدرات هذا الشعب وبددوا وعيه لصالح مشروعاتهم الخاصة وطموحات السلطة أو البقاء حولها أن يقودوا المستقبل". واضاف "ان كل ما ثار عليه هذا الشعب الأبي من ملامح وممارسات ماض لا مكان لها في مستقبلنا فلا مكان بيننا لاحتكار دين أو لاحتكار وطن" في اشارة الى نظامي مرسي ومبارك. لكن الناشط وائل خليل يقول ان "انتهاكات الشرطة كانت القضية الرئيسية" اثناء ثورة 2011 "وستظل المشكلة الرئيسية".