أدلى ملايين الناخبين الإيرانيين بأصواتهم في انتخابات الرئاسة يوم الجمعة وحثهم الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي على المشاركة بقوة في الاقتراع لتفنيد التلميحات الأمريكية بشأن جدية الانتخابات. ويتعين على أكثر من 50 مليون إيراني لهم حق الاقتراع اختيار خلف للرئيس محمود أحمدي نجاد من بين ستة مرشحين لا يختلف أي منهم مع حكم رجال الدين المستمر في إيران منذ 34 عاما. وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها بعد تمديد مدة الاقتراع لخمس ساعات في العاصمة طهران بسبب ما وصفته وسائل الإعلام الرسمية بإقبال غير متوقع على التصويت. وجرى تمديد التصويت لأربع ساعات في باقي أنحاء إيران. ومن غير المتوقع إعلان نتائج الانتخابات قبل السبت حيث تقدر السلطات نسبة الإقبال على التصويت بحوالي 70 في المئة. ومن غير المرجح ان تسفر هذه الانتخابات عن تغييرات جذرية في علاقات إيران المضطربة مع الغرب وجيرانها في دول الخليج العربية لكنها قد تخفف من شدة الخطاب العدائي الذي يفضله أحمدي نجاد. وهذه هي أول انتخابات رئاسية في إيران منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2009 المطعون في نتائجها مما أدى الى تفجر احتجاجات في الشوارع استمرت شهورا في الجمهورية الاسلامية. وتبحث القوى العالمية التي تجري محادثات مع ايران تتعلق ببرنامجها النووي عن أي مؤشر على أن طهران تراجع موقفها التفاوضي بعد ثماني سنوات من التصلب تحت رئاسة أحمدي نجاد. وبعد ان أدلى الزعيم الأعلى الإيراني بصوته في العاصمة طهران حث الإيرانيين على الإقبال على التصويت بأعداد كبيرة وسخر من شكوك غربية في مصداقية الانتخابات. وقال ساخرا في تصريحات اثناء ادلائه بصوته نقلها التلفزيون الرسمي مباشرة "سمعت مؤخرا أن أحدهم في مجلس الامن القومي الأمريكي قال: (نحن لا نقبل هذه الانتخابات في ايران). إننا لا نعير ذلك أي اهتمام." وفي الرابع والعشرين من مايو أيار شكك وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مصداقية الانتخابات منتقدا استبعاد مرشحين ومتهما طهران بتعطيل خدمات الانترنت. وانتقد كل مرشحي الرئاسة - باستثناء سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين الحالي - الآداء الدبلوماسي الذي جعل إيران أكثر عزلة وتئن تحت وطأة العقوبات الاقتصادية. ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن جليلي قوله بعد أن أدلى بصوته "يجب على الجميع أن يحترم الاسم الذي ستأتي به صناديق الاقتراع والشخص الذي يختاره الشعب." وقال حسين وهو ناخب في طهران عمره 27 عاما إنه سيصوت لجليلي (47 عاما) مستشار الأمن القومي لخامنئي والذي كان من أفراد الحرس الثوري وفقد إحدى ساقيه في الحرب العراقية الايرانية بين عامي 1980 و1988 . وأضاف حسين وهو متطوع في ميليشيا قوات التعبئة الشعبية (الباسيج) المتشددة أن جليلي "هو الوحيد الذي أثق انه يحترم مباديء الثورة...وهو يشعر بحاجة المحتاجين." وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي يؤيد كثير من الإيرانيين ذوي الميول الليبرالية رجل الدين حسن روحاني وهو المرشح المعتدل الوحيد في انتخابات الرئاسة. وحظي روحاني رغم أنه محافظ معتدل بتأييد الإصلاحيين بتقديمه برنامجا سياسيا أكثر تقدمية. وقالت سارة التي أدلت بصوتها في شمال طهران "إنني إصلاحية وهو لا يزيد عن كونه معتدلا في أفضل الأحوال أعطيته صوتي لأنه أفضل ما يمكن الحصول عليه في هذه اللحظة." وكان مجلس صيانة الدستور الذي يجيز من يحق لهم الترشح قد منع عددا من المرشحين من ابرزهم الرئيس الإيراني الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني وهو من الجيل المؤسس للجمهورية الاسلامية ومن المتعاطفين مع الاصلاح إلى جانب حليف أحمدي نجاد المقرب اسفنديار رحيم مشائي. وأثار تقليص عدد المرشحين مخاوف من اقبال ضعيف للناخبين وهو ما سعى الزعيم الأعلى لدحضه. وقال خامنئي "المهم هو أن يشارك الجميع. "ينبغي ان يأتي ابناء شعبنا الاعزاء (للتصويت) بحماسة وحيوية وأن يعرفوا ان مصير البلد في ايديهم وأن سعادة البلد تعتمد عليهم." وتشعر دول خليجية عربية بالقلق من نفوذ ايران الشيعية في العراق ومساندتها للرئيس السوري بشار الاسد وحليفه في الحرب الاهلية حزب الله اللبناني. وتؤيد دول سنية عربية المعارضة في سوريا. ويعتقد أن ثلاثة فقط من بين المرشحين المحافظين الخمسة لديهم فرصة للفوز في الانتخابات أو خوض جولة الإعادة بعد أسبوع. وينظر إلى جليلي الذي يدافع عن الحفاظ على سياسة خارجية قوية على أنه المرشح الرئيسي بين المحافظين. وتعهد المرشحان الآخران وهما رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي بألا يتراجعا أبدا عن مواصلة البرنامج النووي الإيراني لكنهما انتقدا بشدة الموقف التفاوضي المتصلب لجليلي. ويدافع روحاني أيضا عن حقوق إيران النووية لكنه شدد على أهمية العمل بطريقة بناءة مع القوى العالمية لتخفيف آثار المفاوضات. والأرجح أن يتبع روحاني سياسة خارجية تميل إلى المصالحة رغم انتمائه للمؤسسة الدينية كباقي المرشحين. وقال موقع كلمة الإلكتروني المعارض إن مقر الحملة الانتخابية لروحاني أرسل خطابا إلى مجلس صيانة الدستور يطلب منه حذف اسم محمد رضا عريف - وهو مرشح إصلاحي انسحب هذا الأسبوع لصالح روحاني - من أوراق الاقتراع. وجاء في الشكوى أن اسم عريف كان موجودا في بطاقات التصويت في بعض مراكز الاقتراع وهذا قد يحدث ارتباكا لدى الناخبين. ومن الصعب قياس المزاج العام نظرا لغياب استطلاعات للرأي يعول عليها في إيران بخلاف مدى النفوذ الذي يمارسه خامنئي والحرس الثوري على الاقتراع. وجرى تعزيز الأمن وكانت حملات الدعاية ضعيفة مقارنة بالمؤتمرات الحماسية التي سبقت انتخابات عام 2009 عندما ظن أنصار المرشحين الإصلاحيين أنهم يتنسمون رائحة التغيير في إيران. وانتقدت جماعات حقوق الإنسان إيران لمزيد من الاعتقالات والقيود على النشطاء والصحفيين قبل انتخابات اليوم الجمعة وشطب 678 مرشحا. ويرفض المسؤولون الإيرانيون الاتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان ويقولون إن لها دوافع سياسية. ويقولون إن الانتخابات في إيران حرة ونزيهة وديمقراطية. (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن) من يجانة تربتي وزهرة حسينيان