اغتيل الاربعاء بالرصاص في العاصمة التونسية القيادي اليساري المعارض شكري بلعيد ما اثار موجة ردود فعل منددة داخليا ودوليا وتظاهرات احتجاجية ضد حزب النهضة الاسلامي الحاكم اوقعت مقتل شرطي، في حين اعلن رئيس الوزراء عن تشكيل حكومة جديدة من كفاءات وطنية. واثر واقعة الاغتيال غير المسبوقة لسياسي بالرصاص في وضح النهار في تونس المستقلة، وجه حمادي الجبالي رئيس الوزراء التونسي والامين العام لحزب النهضة مساء الاربعاء كلمة الى الشعب التونسي اعلن فيها عن تشكيل حكومة "كفاءات وطنية لا تنتمي الى اي حزب" سياسي. وأطلق مسلح مجهول الرصاص على شكري بلعيد امام منزل الاخير بالعاصمة تونس، ثم لاذ بالفرار مع شخص اخر كان ينتظره على دراجة نارية. وشكري بلعيد (49 عاما) محام ومعارض شرس للحكومة ولحركة النهضة التي اتهمتها عائلة القتيل بالضلوع في اغتياله فيما نفت الحركة هذه الاتهامات. وقالت بسمة الخلفاوي ارملة بلعيد ان زوجها "تلقى تهديدات في اكثر من مناسبة وقد لفت نظر السلطات مرات عدة لكن دون جدوى إذ أجابوه بان عليه تحمل مسؤولية ان يكون معارضا". واتهم عبد المجيد، شقيق شكري بلعيد، رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي بتدبير عملية الاغتيال الا ان الغنوشي رفض هذه الاتهامات وحذر من ان هناك اطرافا لم يسمها تريد جر تونس نحو "حمام دم". وكان بلعيد يتولى الامانة العامة لحزب "الوطنيين الديمقراطيين" (ماركسيون عرب) الذي شكل في 2012 مع احزاب يسارية ائتلاف "الجبهة الشعبية". وتظاهر آلاف المواطنين في عدة ولايات تونسية تنديدا باغتيال بلعيد. وتخللت المظاهرات مواجهات بين الامن والمحتجين الذين هاجموا مقرات لحركة النهضة ورددوا شعارات معادية للحركة ولرئيسها. وجرت اعنف التظاهرات وسط العاصمة تونس حيث قتل عنصر امن في مواجهات بين آلاف من المحتجين والشرطة التي استخدمت بشكل مكثف قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. ورفع المتظاهرون الذين رددوا مرارا النشيد الوطني، شعارات مثل "الشعب يريد اسقاط النظام" و "الشعب يريد الثورة من جديد" و "النهضة جلاد الشعب". وندد مواطنون باطلاق الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع على الموكب الذي رافق سيارة اسعاف تحمل جثمان بلعيد، جابت شارع الحبيب بورقيبة حيث يقع مقر وزارة الداخلية. وشهدت العديد من المدن التونسية تظاهرات احتجاج مماثلة. ودعت احزاب "الجبهة الشعبية" و"المسار" و"الجمهوري" و"نداء تونس" الى اضراب عام يوم جنازة بلعيد المقررة الجمعة. كما دعت احزاب المعارضة الممثلة في المجلس التاسيسي المكلف بصياغة دستور الجمهورية الثانية في تونس، الى تعليق عضويتها بالمجلس. واعلن القضاة والمحامون في بيان الدخول في اضراب يومي الخميس والجمعة تنديدا ب"هذه الجريمة البشعة وبهذا المنزلق الخطير نحو العنف السياسي والتصفيات الجسدية الغريبة عن المجتمع التونسي". وبعد اغتيال بلعيد ، عاد الرئيس التونسي منصف المرزوقي من فرنسا الى تونس والغى مشاركته في قمة منظمة التعاون الاسلامي بالقاهرة. واعربت الرئاسة التونسية الاربعاء في بيان عن "بالغ صدمتها" من "اغتيال الوجه الحقوقي والسياسي المرحوم شكري بلعيد"، داعية التونسيين الى "التنبه الى مخاطر الفتنة" و"ضبط النفس". وأعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة مساء الاربعاء في خطاب توجه به الى التونسيين عبر التلفزيون الرسمي عن تشكيل "حكومة كفاءات وطنية لا تنتمي الى اي حزب، تعمل من اجل (مصلحة) وطننا". ولفت الى ان مهمة الحكومة التي ستكون "محدودة" في الزمن، تتمثل في "تسيير شؤون الدولة والبلاد الى حين اجراء انتخابات (عامة) سريعة". واوضح ان الحكومة ستكون "مصغرة" وستتشكل من "ابرز ما لدينا من كفاءات، وفي كل الوزارات السيادية وغيرها، تعمل على الخروج من هذه الوضعية". وتابع ان الحكومة سوف "تلتزم بحيادها عن كل الاحزاب" السياسية وان "رئيس الحكومة وكتاب الدولة لن يتقدموا (يترشحوا) الى الانتخابات". وشدد على ضرورة ان تكون الانتخابات العامة القادمة "سريعة وشفافة ونزيهة بمراقبة دولية كثيفة". ودعا الجبالي رئيس المجلس الوطني مصطفى بن جعفر الى "ان يحدد لنا تاريخا واضحا وجليا وفي اقرب الاجال للانتخابات". ولفت الجبالي الى انه "لم يستشر" عند اتخاذ هذا الموقف "لا احزابا حاكمة ولا معارضة بل ضميري ومسؤوليتي امام الله والشعب". ولم تصدر على الفور ردود فعل واضحة من القرارات التي اعلنها رئيس الوزراء التونسي، كما لم تعرف كيفية ولا موعد تشكيل الحكومة الجديدة ولا متى ستستقيل الحكومة الحالية. خارجيا نددت الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند باغتيال بلعيد "الذي حرم تونس من احد اشجع اصواتها". ونددت واشنطن بهذه "الفعلة الدنيئة والجبانة". وعبرت برلين عن "الحزن" داعية التونسيين الى "حماية ارث" الثورة التونسية السلمي. ونددت لندن ب "الفعلة الجبانة والوحشية الهادفة الى زعزعة الانتقال الديمقراطي في تونس". الجزائر 6-2-2013 (ا ف ب) - عبرت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان الاربعاء عن "ادانتها الشديدة لجريمة الاغتيال الدنيئة". وعبرت الجزائر في بيان عن "تضامنها العميق" مع "العشب التونسي الشقيق"، مؤكدة انها على "ثقة من قدرة الاشقاء التونسيين على تجاوز هذه المحنة العصيبة والمضي قدما نحو استكمال المسار الديموقراطي المنشود". ودانت هيومن رايتس ووتش، والفدرالية الدولية لحقوق الانسان اغتيال بلعيد ودعت الى تحقيق مستقل. وتظاهر مئات الاشخاص مساء الاربعاء في باريس بدعوة من احزاب وجمعيات تونسية في فرنسا وذلك قرب مقر السفارة التونسية للاحتجاج على مقتل المعارض التونسي شكري بلعيد بالرصاص اليوم في العاصمة التونسية. كما تجمع نحو مئة تونسي رغم البرد، مساء الاربعاء امام القنصلية التونسية في مونتريال للتعبير عن تنديدهم بمقتل المعارض بلعيد. وتغرق تونس في ازمة سياسية بسبب غياب التوافق حول دستور تونس الجديد وجدول زمني لباقي الفترة الانتقالية وخصوصا موعد الانتخابات القادمة.