قال ناشطون من المعارضة ان طائرات حربية سورية قصفت ضاحية في دمشق يوم الاربعاء في محاولة لطرد المعارضين من معقل يهدد سيطرة الرئيس بشار الأسد على العاصمة. ونشب قتال شرس عند ضواح أخرى للمدينة في أخطر تحد لسلطة الأسد في عدة أشهر. وفي بروكسل بحث مبعوثون من حلف شمال الاطلسي طلبا من تركيا لنشر صواريخ باتريوت على أراضيها للدفاع عن نفسها ضد أي هجمات سورية. ورغم ان هذا الاجراء يهدف الى منع امتداد الصراع المستمر من 20 شهرا الى دول مجاورة لسوريا فانه يشير الى تدويل الصراع بشكل متنامي. وبعد أشهر من التقدم البطيء استولى مقاتلو المعارضة على عدة مواقع للجيش عند مشارف دمشق وفي المناطق النائية في الاسابيع القليلة الماضية من بينها قاعدة للقوات الخاصة قرب مدينة حلب المركز التجاري لسوريا وموقع للدفاع الجوي قرب البوابة الجنوبية للعاصمة. وبدأ معارضو الاسد يحصلون على بعض التأييد الدولي مع سعي ائتلاف المعارضة الجديد الذي تشكل مؤخرا من جماعات ومقاتلي المعارضة للاعتراف به كممثل شرعي وحيد للشعب السوري. وأصبحت بريطانيا يوم الثلاثاء تاسع دولة تعترف بالائتلاف. وقال شاشانك جوشي من المعهد الملكي للدراسات الدفاعية في لندن ان التطورات في الاسابيع القليلة الماضية تحول ميزان القوى لصالح المعارضة. واضاف لرويترز عبر الهاتف "استخدام كلمة جمود لوصف الصراع ربما لم يعد مناسبا. يرتقي المعارضون في سلم الحرب." وشنت مقاتلات سورية من طراز ميج لليوم الثاني على التوالي غارات قصفت خلالها ضاحية داريا الواقعة وسط اراض زراعية قرب الطريق السريع الجنوبي حيث يقاتل المعارضون وحدات من الحرس الجمهوري. وأظهر بث حي للمعارضة على الانترنت دخانا كثيفا يتصاعد من منطقة سكنية في داريا وأصوات بنادق آلية. وقال تلفزيون الاخبارية الموالي للحكومة ان الجيش بدأ حملة لتطهير داريا ممن وصفهم بالارهابيين وعرض لقطات لجنود على أطراف البلدة حيث قال نشطون ان 23 شخصا قتلوا في اليومين الماضيين. لكن معارضين ونشطاء أشاروا إلى أن قوات الأسد تواجه صعوبة في طرد قوات المعارضة أشد منها في آخر مرة دخلت فيها الضاحية في اغسطس آب. وذكرت مصادر المعارضة ان الف شخص قتلوا في اغسطس آب خلال هجوم كبير لطرد مقاتلي الجيش السوري الحر المعارض من داريا بعد ان سيطر مقاتلو المعارضة على الضاحية وشكلوا ادارة محلية وبدأوا يهاجمون اهدافا موالية للاسد في دمشق. وقال ابو كنعان وهو ناشط معارض مازال موجودا في داريا في اتصال هاتفي "يبدو المشهد العسكري مختلفا عن اغسطس. النظام يدفع بالقوات تحت حماية المدفعية والطائرات لكنها لم تتقدم حقا داخل داريا." وأضاف "في المرة السابقة قرر مقاتلو المعارضة الانسحاب بعد ان قتل قصف الجيش عددا كبيرا من المدنيين. مازال هناك مدنيون في داريا لكن الاغلبية فرت والمقاتلون يتمسكون بمواقعهم." وذكرت الوكالة العربية السورية للانباء ان "ارهابيين" وهو المصطلح الذي تصف به المعارضين هاجموا المتاجر والمنازل ومسجدا في داريا. وقال فواز تللو وهو نشط معارض قديم له صلة بالمعارضة المسلحة ان مقاتلي المعارضة كانوا يعملون بشكل منفصل عن بعضهم في آخر مرة كانوا فيها في داريا مما سمح لقوات النظام بالدخول وطردهم والانتقام من المدنيين. واضاف من برلين ان استعادة المعارضة للسيطرة على داريا وتصديها لافضل قوات الاسد يشير الى تغير على الارض. وقال ان الوضع العسكري للمعارضة لا يزال صعبا لكنه يتحسن. ووردت انباء أيضا عن قتال في عربين الضاحية الشرقيةلدمشق حيث قال معارضون انهم دمروا دبابة وقتلوا اثنين من الحرس الجمهوري. وعربين واحدة من الضواحي السنية الكثيرة في المنطقة الزراعية حول دمشق المعروفة باسم الغوطة. وقال ابو غازي وهم ناشط انضم إلى المقاتلين في عربين "الغوطة الشرقية كلها منطقة محررة بشكل كبير. جيش الاسد لا يزال متفوقا في القوة النيرانية لكنه يتآكل. لم يعد يمكنه الدفع بكثير من الجنود." والقيود الشديدة على وسائل الاعلام غير الحكومية تجعل من المستحيل التحقق من مثل هذه التقارير بشكل مستقل. وتمنع الوحدات العسكرية الأساسية لجيش الاسد مقاتلي المعارضة من اقتحام العاصمة نفسها حتى الآن. لكن تللو قال إن قوات المعارضة تكتسب قوة في دمشق فيما يرجع لأسباب منها انضمام مقاتلين اليها من مناطق نائية. واستشهد بهجمات المعارضة في الايام القليلة الماضية في حتيتة التركمان قرب مطار دمشق وتوسيعها نطاق سيطرتها على مناطق حضرية وريفية حول دمشق على الرغم من استمرار سيطرة قوات الاسد على تقاطعات الطرق الرئيسية. وقال جوشي من المعهد الملكي للدراسات الدفاعية ان الاسلحة المضادة للطائرات التي تم الاستيلاء عليها من قواعد عسكرية ستحد من فاعلية القوة الجوية وهي أهم سلاح لدى الحكومة. وقال إن هذا التقدم علامة على "تطور تكتيكي. سيتحسن أداؤهم مع زيادة المعارك." من ناحية أخرى يبحث سفراء الدول الاعضاء في حلف شمال الأطلسي طلبا من تركيا لنشر صواريخ باتريوت على أراضيها لمساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد أي هجمات سورية. وجاء الطلب التركي بعد محادثات بين انقرة وحلفائها في حلف الاطلسي بشأن كيفية تعزيز الامن على حدودها مع سوريا التي يبلغ طولها 900 كيلومتر بعد سقوط قذائف مورتر سورية داخل الاراضي التركية. وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله انه أبلغ سفير بلاده في الحلف بالموافقة على الطلب التركي. وقالت الحكومة الهولندية أنها تبحث طلب تركيا. وفي دبي ناشد أعضاء في ائتلاف المعارضة الجديد الحكومات الاجنبية ومستثمري القطاع الخاص جمع 60 مليار دولار قالوا انهم يحتاجون اليها لاعادة بناء سوريا من دمار الحرب. وقال اسامة القاضي عضو مجموعة العمل الاقتصادية السورية لرويترز في مؤتمر عن الاستثمار في دبي ان هذه الاموال ستستخدم بصفة اساسية في دعم العملة السورية ومشروعات اعادة بناء المساكن التي دمرت ودفع رواتب العاملين في القطاع العام. وقتل عدد يقدر بنحو 38 الف شخص في سوريا منذ بدء الانتفاضة في مارس اذار العام الماضي. (إعداد رفقي فخري للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن) من خالد يعقوب عويس وأوليفر هولمز