وجه باراك اوباما الذي اصبح اول رئيس اميركي في السلطة يزور بورما، الاثنين نداء لاحلال ديموقراطية متكاملة وذلك في ختام زيارة استغرقت بضع ساعات واتاحت للحشود الفرحة في رانغون الترحيب بشخصية يعتبرونها "اسطورة". وعبر الرئيس الاميركي رانغون، العاصمة السابقة للبلاد التي ازدانت بالاعلام الاميركية والتي كانت لا تزال منذ فترة قصيرة العدو اللدود لها. واحتشد عشرات الاف الاشخاص وطلاب ارتدوا الزي التقليدي البورمي على جانبي الطريق وحملوا الاعلام وردد بعضهم بفرح "اميركا". وحمل البعض ايضا يافطات كتب عليها "اهلا اوباما" او حتى "الاسطورة، بطل عالمنا". وقال الرئيس الاميركي في خطاب طويل القاه في جامعة رانغون، احد ابرز مراكز النضال من اجل الديموقراطية والتي اغلقها المجلس العسكري الذي حكم البلاد سابقا بعد تظاهرات عنيفة في 1988، ان "الولاياتالمتحدة معكم". واضاف ان "هذه الزيارة المميزة تبدا للتو وستكون طويلة اكثر". وقال "يجب الا تنطفئ شعلة التقدم الهشة (...) يجب ان تتحول الى نجم يرشد شعب الامة". وتريد واشنطن من وراء هذه الزيارة مكافأة نظام نايبيداو على جهوده الاصلاحية منذ حل المجلس العسكري قبل عام ونصف العام، لا سيما انتخاب المعارضة اونغ سان سو تشي في البرلمان والافراج عن مئات السجناء السياسيين واجراء مفاوضات مع مجموعات متمردة من الاقليات الاتنية. واجرى اوباما الذي يرتقب وصوله عصرا الى كمبوديا للمشاركة في قمة آسيوية، محادثات في رانغون مع الرئيس البورمي الجنرال السابق ثان سين الذي كان وراء اطلاق سلسلة اصلاحات في البلاد منذ وصوله الى السلطة قبل سنة ونصف السنة. واجتمع الرئيسان في مبنى البرلمان المحلي في رانغون، العاصمة السابقة للبلاد. وبعد ذلك التقى اوباما المعارضة التي اصبحت نائبة اونغ سان سو تشي في منزلها. وسبق ان التقى الحائزان جائزة نوبل للسلام (1991 و2009) في المكتب البيضاوي في واشنطن في ايلول/سبتمبر الماضي. وصرحت سو تشي ان "اللحظة الاكثر صعوبة في المرحلة الانتقالية هي عندما يكون النجاح في المتناول، يجب علينا حينها ان ننتبه جدا كي لا يخدعنا سراب النجاح". وكانت الولاياتالمتحدة فرضت عقوبات اقتصادية على المجلس العسكري الحاكم سابقا اعتبارا من نهاية التسعينات من القرن الماضي. لكن تم رفعها بالكامل تقريبا في الاشهر الماضية بينها الحظر على واردات المنتجات البورمية الذي اعلن الجمعة. وقال ماييل راينو المحلل السياسي ان "ثان سين يستفيد بشكل كبير من هذه الزيارة على الصعيد الداخلي"، مضيفا انها تجعل ايضا من "اوباما رئيسا لا يطاله شيء". غير ان الرئيس الاميركي سيستفيد ايضا من هذه الزيارة لانه كان في 2009 اول من اعتبر انه لا بد من ان ترفق العقوبات بحوار مع العسكريين. واعتبر رومان كايوه مدير المكتب البورمي لشركة استشارات فرينز اند بارتنرز، ان "ادارة اوباما تريد ان ينسب اليها قسم من التغييرات". ووجد اوباما في رانغون عاصمة قديمة اضعفت من جراء خمسين سنة من ادارة عسكرية ومتعطشة لاستقبال المستثمرين الاجانب. لكن الملفات المطروحة على جدول الاعمال سياسية في الدرجة الاولى. وفي الغرب اسفرت اعمال العنف الاتنية عن سقوط 180 قتيلا بين بوذيين من اتنية الراخين ومسلمي اتنية الروهينجيا المضطهدين في عهد النظام العسكري السابق والذين ما زالوا يثيرون عدائية وعنصرية الشعب البورمي. واعلن باراك اوباما "لقد واجه شعب هذا البلد بما فيها اتنية الراخين، لفترة طويلة فقرا مدقعا واضطهادا". ودعا الى انهاء العنف الديني في غرب بورما معتبرا انه "ليس هناك عذر" للعنف ضد المدنيين. واضاف ان "الروهينجيا يتمتعون بالكرامة نفسها مثلكم ومثلي. المصالحة الوطنية ستاخذ وقتا لكن حان الوقت لوقف الاستفزازات والعنف من اجل انسانيتنا المشتركة ومستقبل هذا البلد". واعتبر ثان سين نهاية الاسبوع ان على بلاده ان تسوي ذلك الملف والا فانها "ستفقد سمعتها على الصعيد العالمي". اما بشان ملف المعتقلين السياسيين الشائك، فقد وعد الرئيس البورمي بوضع آلية قبل نهاية السنة لدراسة كل الحالات، بينما اعلن ناشطون من المعارضة صباح الاثنين الافراج عن 44 من رفاقهم. لكي تكتمل الفرحة.