لم يتمكن وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والفرنسي لوران فابيوس الاربعاء من تجاوز خلافاتهما بشأن مشاركة الرئيس السوري بشار الاسد في حكومة انتقالية محتملة في سوريا مع تمسك كل منهما بموقفه. واجتمع الوزيران في وزارة الخارجية في باريس مع وزيري دفاع البلدين جان ايف لو دريان واناتولي سرديوكوف في اطار الاجتماع السنوي لمجلس التعاون الفرنسي الروسي بشان الامن الذي انشأ منذ عشر سنوات. وعلى الاثر استقبل الرئيس فرنسوا هولاند الوزراء الاربعة. وقال الوزير الروسي بعد مباحثاته مع فابيوس "اذا اصر شركاؤنا على موقفهم المطالب برحيل هذا الزعيم الذي لا يحبونه فان حمام الدم سيستمر". واوقعت اعمال العنف في سوريا اكثر من 36 الف قتيل خلال حوالي 20 شهرا من النزاع. واقر لوران فابيوس قائلا "نعم، هناك خلاف في التقويم بشأن وجود بشار الاسد في هيئة حكومية انتقالية". وتتمسك روسيا، الحليف الوثيق للنظام السوري، بالاتفاق الذي عقد في جنيف في نهاية حزيران/يونيو الماضي خلال اجتماع لمجموعة العمل التي تضم الاعضاء الدائمين في مجلس الامن (الولاياتالمتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا) وينص على انشاء هيئة حكومية انتقالية تمثل فيها المعارضة والنظام. الا ان اعضاء المجموعة يختلفون على تفسير النص. ففي حين يستبعد الغربيون مشاركة بشار الاسد فيها، تؤكد روسيا والصين ان السوريين هم اصحاب القرار في تحديد مستقبلهم. وشدد لافروف في باريس على انه بما ان البيان الختامي الذي اعتمد في جنيف "لا يتحدث عن ضرورة رحيل القادة السوريين فان الشعب السوري اذا هو الذي يجب ان يقرر رحيل بشار الاسد" مشيرا الى ان "هذه النظرية القائلة ان السوريين هم الذين يجب ان يقرروا مصيرهم هي موقف مجلس الامن الدولي". من جانبه ذكر فابيوس ب"صعوبة مفاوضات جنيف" داعيا الى ان يتم اختيار السلطة الانتقالية "بطريقة تتيح تحقيق وفاق (...) وهو ما لا يبدو لي انه يتفق مع (وجود) بشار الاسد". لكنه اشار الى وجود "نقاط اتفاق" مع نظيره الروسي بشان "الرغبة في وقف النزاع وتجنب انتشاره الى دول اخرى، وان تتمكن كل المجموعات من العيش معا". واضاف "نامل جميعا في توحيد قوى المعارضة. نامل ايضا في ان يتمكن مجلس الامن من استعادة دوره للتوصل الى حل" للازمة. واكد لافروف ان روسياوفرنسا "متفقتان على المحافظة على حقوق الاقليات وعلى التوازن الطائفي" وعلى "ضرورة وضع حد للعنف". واكد فابيوس ان المباحثات بشان ما بعد جنيف مستمرة. من جانبه اشار لافروف الى انه تم الاتفاق في جنيف على ان يختار كل طرف، الحكومة السورية والمعارضة، مفاوضين للاعداد لانتخابات وهو ما فعلته الحكومة، حسب قول لافروف، وليس المعارضة. وبشان المواضيع الاخرى التي بحثها الوزراء الاربعة اشار لوران فابيوس الى "اتفاق في وجهات النظر" بشان مالي وافغانستان ومكافحة القرصنة في المحيط الهندي التي قد تتطلب نشر طائرات استطلاع روسية في قاعدة جيبوتي الفرنسية. وبشان الملف النووي الايراني قال لافروف "قررنا المحافظة على وحدة الستة (الاعضاء الدائمون في مجلس الامن والمانيا). ان مواقفنا متقاربة جدا". وشكر جان ايف لو دريان لروسيا مساعدتها في "الدعم اللوجسيتي" لانسحاب القوات الفرنسية من افغانستان عن طريق الشمال. وفي مجال التعاون العسكري الفرنسي الروسي قد تستفيد فرنسا التي قلصت نفقاتها العسكرية، من خيار موسكو الاستراتيجي لتحديث معداتها ليكون لها وزن اكبر على الساحة الدولية. وقد وقعت باريس وموسكو في مطلع 2011 اتفاقا بخصوص بيع فرنسا اربع حاملات مروحيات من نوع ميسترال، وبحسب الاوساط العسكرية فان الروس مهتمون خصوصا بآليات مصفحة فرنسية جديدة. لكن في هذا النوع من الصفقات حيث المنافسة الدولية شديدة، غالبا ما تكون المحادثات طويلة وصعبة. وفي خصوص مشروع الحلف الاطلسي المتعلق بالدفاع المضاد للصواريخ الذي تعتبره روسيا تهديدا لامنها، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقاء مع فرنسوا هولاند في حزيران/يونيو الماضي، ان الحوار "ممكن مع فرنسا ومع جميع الدول الاخرى في الحلف" الاطلسي.