كثفت اجهزة امن حكومة حماس حملتها الامنية ضد الجماعات السلفية المتشددة في قطاع غزة، خصوصا بعد الهجوم الدامي في سيناء الذي اسفر عن مقتل 16 من حرس الحدود المصري في الخامس من آب/اغسطس الماضي. وتتهم هذه الجماعات حركة حماس التي تسيطر على القطاع باعتقال واستدعاء العشرات من عناصرها لا سيما بعد هجوم سيناء في جنوب رفح. ويقول ابو عبد الله القيادي في مجموعة سلفية معروفة "ما يؤلمنا ان يوجه الخنجر لصدور المجاهدين من قبل من يسمون انفسهم مسلمين في جهاز الامن الداخلي (بحكومة حماس) وحملاتهم المحمومة ضد المجاهدين لا تهدأ". واضاف "اعتقلوا وحققوا مع نحو 30 من مجاهدينا، ان حماس تواصل الهدنة مع اليهود، والعدو يقوم بمطاردة المجاهدين ليل نهار". ويؤكد ابو قتادة المقدسي وهو ناشط سلفي ان "امن حماس يلاحق مجاهدين يستهدفون العدو، وقد تكثفت حملة مطاردة المجاهدين بعد هجوم رفح المصرية". وتتهم جماعة "مجلس شورى المجاهدين في اكناف بيت المقدس" التي تبنت هجمات صاروخية على اسرائيل في الاسابيع الاخيرة حماس بتعذيب ناشطيها. ولا يخفي اسلام شهوان الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة حماس وجود اعتقالات ب"اعداد قليلة" لناشطين سلفيين، لكنه رفض الاتهامات بوجود تعذيب. وعن ملاحقة حكومته للسلفيين لاطلاقهم صواريخ على اسرائيل قال شهوان "نحن لا نتعامل الا مع من يخالف القانون ويخل بالامن ولا نتعامل الا مع جهات معروفة" مضيفا ان "الرد على اي عدوان اسرائيلي متفق عليه بين فصائل المقاومة بتنسيقه لحماية المصلحة الوطنية". واثر هجوم سيناء اغلقت مصر معبر رفح وهو المنفذ الوحيد لغزة على الخارج كما اغلقت عشرات الانفاق على الحدود، وتعرضت حماس لهجوم اعلامي مصري لاذع ما دفعها لتكثيف اجراءتها ضد السلفيين. ويرى مخيمر ابو سعدة استاذ الفكر السياسي في جامعة الازهر ان "مصر تمارس ضغطا على حماس لملاحقة التيارات السلفية سواء تلك التي لها علاقة بهجوم سيناء او لا" مضيفا "ان حماس تشعر ان مصر الجديدة سند قوي يجب ان تعتمد عليه مستقبلا، لذا تحرص على التنسيق" مع القاهرة. وتشكلت لجنة مشتركة تضم مسؤولين مصريين وآخرين من حكومة حماس "لمتابعة كافة الملفات الامنية" بحسب طاهر النونو المتحدث باسم حكومة حماس. واعتبر حزب التحرير الاسلامي الاصولي في بيان صدر في غزة ان "حماس تفرض منطق القوة في التعامل مع الجميع". ويضيف ابو عبد الله الناشط في جماعة سلفية انه "ليس في منهجنا ان نحارب اي مسلم، اما اذا فرضت علينا سندافع عن انفسنا ومجاهدينا". وتوقع المحلل ابو سعدة ان المسألة "مسألة وقت قبل وقوع الصدام الحتمي بين حماس والجماعات السلفية" موضحا ان "حماس قد تنجح باقناع بعض هذه الجماعات فكريا وايديولوجيا وتفشل مع اخرى كالتي تعتقد ان حماس انحرفت عن الشريعة والمقاومة مثل مجلس شورى المجاهدين". لكن مصطفى الصواف رئيس التحرير السابق لجريدة فلسطين المحلية اشار الى ان حماس تواجه السلفيين ب"الاسلوب الدعوي والفكري وعندما تستعصي الامور تلوح باجراءات امنية لمن يمس الامن كالاعتقال" دون ان يتوقع مواجهة بينهما. وتسبب جماعات سلفية باحراج حماس بهجماتها على اسرائيل وباتهامها لحركة حماس باعتقال عناصرها، بحسب ابو سعدة. ويرد شهوان الناطق باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة "نسمع عن كثير من هذه الجماعات، عليهم ان يعلنوا عن انفسهم للتفاهم معهم نحن جئنا لحماية المقاومة وليس كما يتهمنا البعض". ورغم ان السلفية الدعوية عرفت في فلسطين منذ ثمانينيات القرن الماضي الا ان السلفية الجهادية بدات تظهر في غزة منذ خمس سنوات فقط، ونشطت بعض المجموعات التفكيرية منها عبر الهجوم على مقاهي انترنت ومراكز تجميل وتصفيف شعر، لكن حماس شنت في العامين الاخيرين حملة قوية مكنتها من القضاء تقريبا على هذه النشاطات. وابرز هذه الجماعات المعروفة بقربها فكريا من القاعدة جماعة "التوحيد والجهاد" و"انصار السنة" و"جيش الاسلام" و"جيش الامة" و"مجلس شورى المجاهدين" اضافة لمجموعات اقل حضورا وعدد عناصرها غير معروف لكن ناشطين يقدرونه بالمئات. ولا يعتقد الصواف ان لدى هذه الجماعات ارتباطا تنظيميا "لا بتنظيم القاعدة ولا بإيران ولا غيرها بل هي اقرب لمجموعات الجهاد العالمي وربما تكون لها علاقات جزئية غير تنظيمية". ويشرح الناشط السلفي ابو محمد ان "القضية الفلسطينية تستوجب شد الرحال لفلسطين والجهاد بالمال والنفس واللسان لان اليهود يحتلون بيت المقدس التي ستعود منها دولة الخلافة". من جهته يوضح ابو قتادة ان "الشباب يتجهون للسلفية لانهم يدركون انها تمثل الشريعة والسلف الصالح". وعلى خلاف ابو سعدة يشير الصواف الى "تراجع لدى هذه المجموعات الاخذة في الانحسار بشكل كبير لتعامل حماس مع بعض اصحاب الفكر الوسطي بينهم". ويرى الصواف ان السلفية في غزة "لها ارتباط فكري وليس تنظيمي" مع جماعات في مصر ويضيف "هناك بعض النشاطات المشتركة قد تحدث مثل التدريب وهذا يحدث بشكل غير تنظيمي للاستزادة من الخبرات". وترفض هذه الجماعات الافصاح عن مصادر تمويلها، ويجيب ابو عبد الله "التمويل من ابناء الامة المخلصين ومن المجاهدين انفسهم، وعبر مساعدات بسيطة من شخصيات فلسطينية كريمة او حتى مؤسسات غالبيتهم في فلسطين". ويؤكد "لا نتلقى اي دعم من ايران، وهذا محض افتراء لتسهل محاربتنا". ويعتبر الفقر والبطالة وسوء الاوضاع المعيشية "تربة خصبة للانتماء للسلفية الجهادية وتجنيد الشباب لتيارات تكفيرية" وفق ابو سعدة. ويزيد الصواف وهو وكيل وزارة الثقافة في الحكومة المقالة ايضا "بعض الشبان يتجه للسلفية لنزعات شخصية او خلافات مع الفصائل وسوء فهم الدين الاسلامي". وتستفيد حماس من ادارتها لاكثر من الف مسجد في قطاع غزة في تعميم افكارها ومجابهة الفكر السلفي المتشدد. وتتهم جماعات سلفية حماس بانها تشن حربها على السلفيين "ارضاء لمصر" وهو ما ينفيه شهوان.