اكد الناطق باسم المبعوث الدولي كوفي انان الجمعة انعقاد مؤتمر جنيف السبت، وذلك على وقع استمرار اعمال العنف وخروج تظاهرات في العديد من المحافظات السورية غداة واحد من اكثر الايام دموية منذ بدء الاحتجاجات سقط فيه اكثر من 180 قتيلا. فبعدما سادت شكوك الجمعة في امكان عقد اجتماع جنيف في ضوء خلافات بين روسيا والدول الغربية، صرح المتحدث باسم انان لفرانس برس ان اجتماع مجموعة العمل حول سوريا سيعقد السبت بعدما انهت اللجنة التحضيرية التي تضم كبار الموظفين اجتماعاتها الجمعة. وقال احمد فوزي "لقد انتهت المشاورات التحضيرية. ستتواصل السبت على مستوى وزاري". وسط هذه الاجواء، اسف انان الجمعة لقيام جهات خارجية بتشجيع النظام والمعارضة المسلحة في سوريا على الاستمرار في نهج العنف، وجدد دعوته الى الوحدة لحل هذه الازمة. وقال انان في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الاميركية عشية اجتماع جنيف ان "العديد من القوى الخارجية ضالعة بشدة (...) ان الحذر المتبادل دفعها الى السعي لتقويض" خطة الموفد الدولي لارساء السلام في سوريا. ومن دون ان يسمي دولا محددة، اتهم انان هذه الدول "بتشجيع الحكومة (السورية) وقسم من المعارضة، عمدا او لا، على الاعتقاد ان القوة هي الخيار الوحيد". وكانت وزارة الخارجية الروسية اعلنت الجمعة انها تعتبر اجتماع جنيف "خطوة ايجابية" على طريق التوصل الى "توافق دولي". وقالت الخارجية الروسية في بيان "ننظر الى اجتماع جنيف بوصفه خطوة ايجابية في السعي الى اسس للتوصل الى توافق دولي ممكن بهدف تسوية الوضع في سوريا"، وذلك قبل اللقاء بين وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيرته الاميركي هيلاري كلينتون مساء الجمعة في سان بطرسبورغ. وكان عدد من وزراء الخارجية، بينهم وزراء الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا، هددوا بعدم المشاركة في اجتماع جنيف في حال لم تتوافر شروط نجاحه. ورفضت المعارضة السورية الخميس المشاركة في اي حكومة في ظل بقاء الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة. ميدانيا، حصدت اعمال العنف الجمعة 39 قتيلا بينهم ما لا يقل عن 16 من القوات النظامية وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، وذلك غداة واحد من اكثر الايام دموية منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في سوريا في منتصف اذار/مارس 2011 اسفر عن مقتل 180 شخصا على الاقل. وقال المرصد السوري ان ثلاثة مواطنين قتلوا في "قصف تتعرض له منذ صباح اليوم الجمعة مدينة دوما ومحيطها من القوات النظامية السورية التي تحاول السيطرة على المدينة". واطلقت تنسيقية دوما نداء من "الاهالي المحاصرين والممنوعين من المغادرة"، قالت فيه ان هؤلاء "يوجهون نداء لحمايتهم من القتل". وشهدت بلدة معضمية الشام في ريف دمشق الجمعة "اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية السورية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة"، بحسب المرصد. ووقعت اشتباكات في حي جوبر في دمشق بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية ما ادى الى مقتل طفل، بالاضافة الى مدني اثر اصابته باطلاق رصاص في بلدة عين ترما بريف دمشق. ويستمر القصف والاشتباكات العنيفة في احياء عدة من مدينة حمص، من دون ان تنجح بعد محاولات الصليب الاحمر والهلال الاحمر في الدخول الى المدينة لاجلاء الجرحى والمدنيين. وجدد المرصد السوري في بيان مناشدة "كافة المنظمات والهيئات ومنظمتي الهلال والصليب الأحمر ارسال طواقم طبية بشكل عاجل الى مدينة حمص" حيث نحو الف عائلة محاصرة. وجاء في البيان "تتعرض مدينة حمص لأشرس هجمة عسكرية منذ انطلاق الثورة مع حصار خانق على أحياء الخالدية وجورة الشياح والقصور والقرابيص وكافة أحياء حمص القديمة منذ ما يقرب الشهر، الأمر الذي جعل من الوضع الإنساني كارثيا على كافة الصعد". واشار الى "نقص اكثر من حاد في الاحتياجات الأساسية للمعيشة وخصوصا الخبز، اذ يضطر الاهالي الى استهلاك الخبز اليابس والقديم"، اضافة الى انقطاع المياه والكهرباء والنقص في المحروقات والادوية والمشافي. وفي محافظة حلب (شمال) قتل مواطنان احدهما مقاتل معارض خلال اشتباكات مع مسلحين تابعين للنظام في قرية كفرناها بريف حلب. وفي محافظة دير الزور (شرق)، قتل تسعة مواطنين اثر اشتباكات وقصف تتعرض لها مناطق في المحافظة. وذكر المرصد ان ضابطا منشقا هو قائد كتيبة مقاتلة معارضة قتل عند منتصف ليل الخميس الجمعة في منطقة معرة النعمان في محافظة ادلب (شمال غرب) في كمين نصبته له القوات النظامية السورية. كما قتل في المحافظة ثلاثة مدنيين، احدهم اثر اصابته باطلاق رصاص عشوائي من حاجز جسر امن الدولة في مدينة معرة النعمان. في مدينة درعا (جنوب)، قتل ثلاثة مواطنين في اطلاق الرصاص الذي تشهده بعض احيائها اشتباكات. وقال المرصد ان قوات نظامية اقتحمت الجمعة حي صلاح الدين في مدينة حلب (شمال) حيث اصيب عدد من الاشخاص بجروح في اطلاق نار. وقتل، بحسب المرصد، ما لا يقل عن 16 عنصرا من القوات النظامية، بينهم خمسة اثر استهداف قافلة للقوات النظامية عند مفرق العوينات بمحافظة اللاذقية و11 في محافظة الرقة وحمص ودير الزور ودرعا وريف دمشق. في موازاة ذلك، خرج آلاف السوريين في جمعة "واثقون بنصر الله" الى الشارع رغم تصاعد اعمال العنف مطالبين باسقاط النظام، وووجهت بعض التظاهرات باطلاق نار واعتقالات. وسارت التظاهرات من حلب شمالا وادلب (شمال غرب) والحسكة ذات الغالبية الكردية في الشمال الشرقي، الى حمص في وسط البلاد ودرعا جنوبا، وصولا الى احياء العاصمة دمشق، بحسب ناشطين. وكان رئيس المجلس العسكري الاعلى في الجيش السوري الحر العميد الركن مصطفى الشيخ اكد الجمعة وجود حشود للقوات النظامية السورية على بعد حوالى 15 كيلومترا من الحدود التركية، مرجحا انها بمثابة "عرض قوة" في مواجهة الاتراك بعد اسقاط مقاتلة تركية بنيران سورية قبل اسبوع، ما دفع تركيا الى تعزيز قواتها على الحدود. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس حول الحشود العسكرية السورية على الحدود التركية، اكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي بالقول "لا نوايا عدوانية لدى سوريا".