طهران (رويترز) - بدأ الايرانيون يوم الجمعة الادلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية التي يتوقع أن تعزز سلطة المؤسسة الدينية التي يسيطر عليها الزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي على حساب منافسيها السياسيين المتشددين بقيادة الرئيس محمود احمدي نجاد. ومن غير المرجح أن يكون للانتخابات أثر كبير على السياسة الخارجية الايرانية اذ ان برنامج ايران النووي المثير للجدل وعلاقاتها الدولية يخضعان لسيطرة خامنئي المحكمة. لكنها يمكن أن تسمح لرجال الدين بتعزيز موقفهم على صعيد تحديد الخلفية السياسية قبل انتخابات الرئاسة المقرر اجراؤها عام 2013 . وفي ظل مواجهة ايران عزلة دولية متزايدة وعقوبات غربية بسبب برنامجها النووي علاوة على تهديد من اسرائيل يدعو زعماؤها الى نسبة اقبال عالية في الانتخابات لتعزيز شرعيتهم. وقال خامنئي بعد الادلاء بصوته "هناك الكثير من الدعاية السلبية ضد بلادنا... القوى المتعجرفة تستأسد علينا لتحافظ على هيبتها. الاقبال العالي سيكون افضل لامتنا... وللحفاظ على أمننا." وأضاف "كلما زاد العداء تجاه ايران كلما زادت أهمية الانتخابات." وهذه هي أول انتخابات تجريها ايران منذ انتخابات الرئاسة عام 2009 حين أخمدت قوات الامن احتجاجات قامت بها المعارضة ودعاة للديمقراطية اتهموا السلطات بتزوير نتائج الانتخابات لصالح أحمدي نجاد ليفوز بفترة رئاسية ثانية. وقالت جماعات اصلاحية بارزة هذه المرة انها لن تشارك في هذه الانتخابات مما يمهد الطريق لمنافسة خالصة بين مؤيدي خامنئي ومؤيدي احمدي نجاد. غير أن انخفاض نسبة الاقبال يمكن أن يسلط الضوء على حجم الاحباط القائم بين الناخبين الايرانيين بشأن نتيجة انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2009 . وذكرت الاذاعة الرسمية أن مراكز الاقتراع فتحت أبوابها للناخبين في الثامنة صباحا (0430 بتوقيت جرينتش). ومن المقرر ان تغلق في السادسة مساء (1430 بتوقيت جرينتش) غير أن موعد الاغلاق مدد في انتخابات سابقة. وفي حين أن مراكز الاقتراع في شمال طهران كانت هادئة اصطف الناس في طوابير في وسط المدينة للادلاء بأصواتهم. وقالت محبوبة اسماعيلي (28 عاما) وهي تحمل رضيعها خارج مركز اقتراع بوسط طهران حيث اصطف نحو 50 شخصا للادلاء بأصواتهم "أنا هنا لادعم مؤسستي ضد مؤامرة الاعداء من خلال التصويت." وتتنافس مجموعتان رئيسيتان على مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 هما جبهة المحافظين المتحدة التي تضم انصار خامنئي وجبهة المقاومة التي تدعم احمدي نجاد. ولايزال احمدي نجاد يتمتع بدعم كثيرين في المجتمعات الفقيرة بايران بفضل صورته المتواضعة والاعانات المالية التي يوزعها بانتظام. لكن شعبيته تضررت بسبب الازمة الاقتصادية في البلاد. وبدأت العقوبات الغربية التي تهدف الى اجبار ايران على وقف أنشطتها النووية الحساسة تضر بواردات الطاقة والغذاء. ويخشى الغرب من أن تكون ايران تعمل على تطوير قنبلة ذرية لكن طهران تقول ان برنامجها مخصص لتوليد الكهرباء ولاغراض سلمية أخرى. وارتفعت أسعار السلع الاساسية بسبب انخفاض العملة الايرانية والعقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة على القطاعين المالي والنفطي الايرانيين. وكان منتقدون قد اتهموا احمدي نجاد بأنه ساهم في تفاقم أحوال المواطنين الايرانيين قائلين ان قراره استبدال الدعم على الاغذية والوقود باعانات شهرية مباشرة منذ عام 2010 أذكى التضخم الذي تبلغ نسبته الرسمية نحو 21 في المئة. وسيحاول خامنئي استغلال الانتخابات ليعيد ترسيخ سيطرته على السلطة بعد خلاف سياسي بين الزعيمين حين حاول احمدي نجاد تجاوز الزعيم الاعلى في التسلسل الهرمي السياسي الايراني المعقد. وكان منتقدون ذكروا أن احمدي نجاد وحلفاءه يحاولون تقويض الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسة الدينية في السياسة من خلال التأكيد على افكار وطنية في التاريخ والثقافة الايرانية في خطبهم. وفي حين لا يستطيع احمدي نجاد الترشح لولاية رئاسية ثالثة بموجب الدستور الايراني فان بعض التقارير الاعلامية الايرانية ذكرت أنه يدعم اسفنديار رحيم مشايي رئيس مكتبه كمرشح لخلافته في انتخابات الرئاسة العام القادم. وتلقى الزعيم الاعلى دفعة حين شكلت جماعات قوية تضم رجال دين بارزين وأعضاء بالحرس الثوري وتجارا تحالفا لدعم المرشحين الموالين له. ووافق مجلس صيانة الدستور الذي يتكون من ستة رجال دين وستة قضاة ويفحص اوراق المرشحين على 3467 شخصا من جملة 5382 شخصا تقدموا للترشح في الانتخابات. وقال بعض الساسة ان المجلس منع كثيرين من مؤيدي احمدي نجاد المعروفين من خوض الانتخابات مما اضطره الى اختيار مرشحين شبان غير معروفين. ونأى خامنئي الذي كان قد أيد ترشح احمدي نجاد لولاية ثانية عام 2009 بنفسه عن الرئيس الايراني في ابريل نيسان حين أعاد وزير المخابرات الى منصبه بعد ان عزله احمدي نجاد. وفي الاشهر القليلة الماضية اعتقل عشرات من حلفاء احمدي نجاد او أقيلوا من مناصبهم لارتباطهم بصلات "بتيار منحرف" يقول خصومه انه يهدف الى تهميش رجال الدين. وصدر حكم بسجن المستشار الاعلامي لاحمدي نجاد لمدة عام لاهانته خامنئي. ولم يطرح اصلاحيون قائمة بالمرشحين قائلين ان المقتضيات الاساسية للانتخابات "الحرة والنزيهة" لم تتوفر. وحظرت أحزاب سياسية اصلاحية كبيرة وسجن اصلاحيون بارزون او منعوا من ممارسة النشاط السياسي منذ انتخابات 2009 التي تقول المعارضة انها شهدت تلاعبا. ووضع الزعيمان المعارضان مير حسين موسوي ومهدي كروبي اللذان هزما في انتخابات عام 2009 قيد الاقامة الجبرية منذ اكثر من عام.