يخشى الايرانيون الذين يعيشون في بريطانيا أن تؤدي أحدث عاصفة دبلوماسية بين لندنوطهران الى توتر علاقاتهم مع أسرهم في بلادهم وأن تهدد العلاقات التجارية والثقافية المهمة بين البلدين. وبلغ التوتر الناجم عن برنامج ايران النووي ذروته الاسبوع الماضي عندما نهب محتجون مقر السفارة البريطانية في ايران خلال هجوم قالت طهران ان منفذيه كانوا طلابا غاضبين. وردت بريطانيا باتهام طهران بمساندة الهجوم على نحو واضح وطردت الدبلوماسيين الايرانيين المعتمدين في لندن. وتناقش الزبائن والعاملون في مطعم ايراني بغرب لندن بخصوص اثار الهجوم على السفارة واغلاق مقر البعثة الدبلوماسية الايرانية في بريطانيا جلوسا أمام أقداح القهوة والشاي الساخن وأطباق اللحم المشوي على الطريقة الايرانية والحساء التقليدي. زار فريدون الذي يعيش في بريطانيا منذ 22 عاما ايران الصيف الماضي لكنها زيارة لن تتكرر قبل وقت طويل خوفا من مصادرة جواز سفره البريطاني عند عودته. وقال الرجل البالغ من العمر 60 عاما والذي يرفض ذكر اسم عائلته شأنه شأن كثيرين اخرين خوفا من تعرضه أو أفراد أسرته للانتقام في ايران "اذا ذهبت الى ايران غدا فلا ضمان أنني سأتمكن من العودة." وثمة شعور عميق بعدم الثقة في البريطانيين داخل ايران حيث توصف بريطانيا بأنها "الثعلب العجوز" بسبب الاعتقاد السائد بأنها ما زالت تتلاعب بالشؤون الدولية. ولا يزال دور بريطانيا في انقلاب عام 1953 الذي أطاح برئيس الوزراء الايراني محمد مصدق الذي كان يتمتع بالتأييد محفورا في نفسية الايرانيين الجماعية. وأصاب الهجوم على سفارة بريطانيا الذي وصفه سفيرها بأنه "تحريب انتقامي أرعن" الكثيرين بالذهول في بريطانيا وفي ايران. وكان عم فريدون قد سلم جواز سفره وعقد ملكية منزله قبل الهجوم الى العاملين بسفارة بريطانيا في طهران مع طلب للحصول على تأشيرة دخول. وبعد نحو أسبوع ما زال الرجل لا يعرف شيئا عما حدث للجواز والعقد داخل مجمع السفارة الذي تعرض للنهب. وثمة متاعب أخرى تلوح نذرها في الافق. فقد قال نادل في المطعم انه كان يأمل زيارة ايران في الشهور القليلة المقبلة لكنه يحتاج الى تجديد جواز سفره الايراني ولا يعرف أين يذهب. واذا ظلت السفارة الايرانية في لندن مغلقة فمن الخيارات المطروحة أن يستضيف بلد اخر قسما لرعاية المصالح الايرانية مماثلا للقسم الذي تستضيفه سفارة باكستان في واشنطن والذي يتوجه اليه الايرانيون المقيمون في الولاياتالمتحدة لطلب الحصول على جوازات سفر أو شهادات قيد الميلاد. وثمة حل اخر هو استخدام سفارة ايران في أيرلندا لتمثيل المصالح الايرانية في بريطانيا. جاءت زيادة التوتر بعد أن فرضت بريطانيا عقوبات مالية على ايران الشهر الماضي في أعقاب نقرير مهم أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخصوص برنامج ايران لنووي. وتشتبه بريطانيا والولاياتالمتحدة وحلفاء أوروبيون اخرون في أن ايران تحاول سرا بناء أسلحة نووية وهو اتهام تنفيه الجمهورية الايرانية قائلة انها لا تريد الطاقة الذرية الا لتوليد الكهرباء ولاستخدامات سلمية أخرى. وكان يجلس الى طاولة فريدون ايراني اخر هو علي الذي ترك بلاده قبل ثلاثة عقود لكنه يزورها كثيرا. وقال الرجل الذي يبلغ من العمر 57 عاما ويعمل في تجارة البسط والتحف الايرانية ان طهران يحق لها تطوير طاقة نووية لكن وجود قنبلة ذرية في حوزة الجمهورية الاسلامية سيكون مثل "اعطاء سيف لرجل أعمى". وعبر علي عن مخاوفه من زيادة حدة التوتر بدءا بوقف شركة الطيران الوطنية الايرانية رحلاتها الجوية قريبا الى بريطانيا وذلك رغم محاولة ايران يوم السبت تهدئة الازمة الدبلوماسية. وقال "ليست هذه سوى البداية. سيواجه كل الايرانيين الموجودون هنا أو الذين يريدون القدوم الى هنا مشكلة." ولم يقلل التوتر بين البلدين من جاذبية بريطانيا لدى المهاجرين الايرانيين حيث تشير أحدث بيانات احصاء السكان الى وجود زهاء 70 ألف شخص ايراني المولد في بريطانيا في الوقت الحالي. وتوجد في غرب لندن متاجر يملكها ايرانيون تقدم خدمات البريد السريع الى أي عنوان في ايران كما تتباهى بخبز "سنكك" القادم رأسا من أفران المخابز في طهران. وجاء التبادل الثقافي مع الهجرة. علي أصغر راميزانبور الذي شغل سابقا منصب وزير الثقافة في ايران يساعد حاليا في تنظيم معارض لفنانين ايرانيين في لندن. وذكر أن الحصول على تأشيرات دخول للفنانين وتصريح من طهران لعرض أعمالهم سيكونان أكثر صعوبة. وقال راميزانبور"لندن من أهم المراكز للفنانين الايرانيين التي يستطيعون فيها أن يبيعوا انتاجهم الفني والحصول على دعم دولي ليتمكنوا من مواصلة عملهم داخل ايران." وأضاف "عندما تسوء العلاقات بين البلدين يضر ذلك أول ما يضر الكتاب والفنانين المستقلين في ايران." وفضلا عن المعاناة من التعقيدات البيروقراطية وتأخر البت في الطلبات والتكاليف الاضافية كان أكثر ما يشعر به رواد المطعم هو الحرج. وأشار مالك المطعم الذي يدعى علي أيضا الى جدران تزينها صور كبيرة لمدينة تخت جمشيد أو برسبوليس حيث أطلال الامبراطورية الفارسية القديمة. وقال "أحاول أن اضع صورا جميلة لايران على الجدران وأن أعرض للناس كيف كانت ايران وما هي. ثم يحدث أمر من هذا القبيل".