تعهد مؤتمر بون الذي خصص لمناقشة مستقبل افغانستان بعد انسحاب قوات الحلف الاطلسي القتالية منها في العام 2014، الاثنين بالاستمرار في تقديم الدعم لهذا البلد المضطرب لعشر سنوات اخرى مقابل تحقيقه تقدما في طريقة الحكم ومكافحة الفساد. وتعهد المشاركون في المؤتمر ومن بينهم وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل والامين العام للامم المتحدة بان كي مون، بالوقوف الى جانب افغانستان في مساعيها لاحلال الامن والاستقرار في البلاد. وجاء في البيان الختامي للمؤتمر ان "هذه الشراكة المتجددة بين افغانستان والمجتمع الدولي تنطوي على التزامات ثنائية قوية في مجال الحكم والامن وعملية السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعاون الاقليمي". واضاف البيان ان "حماية المدنيين وتعزيز حكم القانون ومكافحة الفساد بكافة اشكاله لا تزال من بين الاوليات الرئيسية". ودعا الرئيس الافغاني حميد كرزاي الاسرة الدولية الى مواصلة التزامها في بلاده حتى العام 2024. وقال في كلمة الافتتاح امام 100 شخص جاؤوا من مختلف انحاء العالم الى بون لتجديد دعمهم لافغانستان التي تشهد نزاعا مسلحا "سنحتاج الى دعمكم لعقد جديد على الاقل" بعد انسحاب القوات. وياتي هذا المؤتمر بعد عشر سنوات على انعقاد اجتماع مماثل في بون ادى الى وصول كرزاي الى سدة الحكم في افغانستان بعد ان اطاحت قوات دولية بقيادة الولاياتالمتحدة بنظام طالبان عقب هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 على الولاياتالمتحدة. الا ان باكستان وحركة طالبان اللتين تعدان طرفين مهمين في اية عملية لانهاء النزاع المسلح في افغانستان -- قررتا عدم المشاركة في مؤتمر بون، مما احبط الامال في حدوث تقدم حقيقي. وينتشر نحو 140 الف جندي اجنبي في افغانستان، ومن المقرر ان تنسحب جميع القوات القتالية بقيادة الحلف الاطلسي من البلد بنهاية 2014 حيث ستتسلم قوات الامن الافغانية مسؤولية الامن في البلاد. من جهته، صرح وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الذي استضاف المؤتمر انه لن يتم الاستعجال في الخروج من افغانستان، رغم شبح ركود اقتصادي عالمي جديد يمكن ان يحرف انتباه الغرب الى التحديات الهائلة التي تواجهها افغانستان. وقال "نحن نبعث برسالة واضحة الى شعب افغانستان: لن نترككم لوحدكم، ولن نتخلى عنكم"، متعهدا بتقديم المساعدة مكررا تصريحات مماثلة ادلت بها ميركل في خطاب قصير. واعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في المؤتمر ان الولاياتالمتحدة ستفرج عن مئات ملايين الدولارات المخصصة للتنمية بعد الاصلاحات المالية التي طبقتها كابول. وكانت الولاياتالمتحدة جمدت مساعدة تتراوح ما بين 650 و700 مليون دولار سنويا اثر قرار صندوق النقد الدولي وقف برنامجه لمساعدة هذا البلد في حزيران/يونيو بسبب عمليات اختلاس اموال والفساد المنتشر في بنك كابول اكبر المؤسسات المالية الافغانية والذي اعيدت هيكلته منذ ذلك الحين. وتسببت غارة جوية شنتها قوات الاطلسي الشهر الماضي وادت الى مقتل 24 جنديا باكستانيا، في اثارة غضب باكستان وامتناعها عن حضور المؤتمر. واعربت كلينتون عن اسفها للمقاطعة الباكستانية. وقالت ان "المنطقة باكملها معنية بمستقبل افغانستان ويمكن ان تخسر الكثير اذا عاد ذلك البلد ليصبح مصدرا للارهاب وانعدام الاستقرار - وهذا هو السبب بالطبع الذي كان يمكن ان يجعلنا نستفيد من مساهمة باكستان في هذا المؤتمر". واضافت "نحن لا نزال نؤمن بان لباكستان دورا مهما تقوم به"، مشيرة الى انها تلقت بارتياح تصريحات مسؤولين في الحكومة الباكستانية يؤكدون فيها رغبتهم في استمرار التعاون خصوصا في مجال التصدي للارهاب. وفي لفتة تصالحية، اشار المؤتمر بشكل خاص الى العبء المترتب على باكستان وايران في التعامل مع مشكلة اللاجئين من افغانستان. وجاء في البيان الختامي "نحن نقر بالعبء المترتب على جيران افغانستان، خاصة باكستان وايران في تامين ملجأ مؤقت لملايين الافغان في هذه الاوقات الصعبة، ونحن ملتزمون القيام بالمزيد من العمل من اجل عودتهم الطوعية الامنة والمنظمة الى بلادهم". وتغيبت طالبان التي تقود تمردا دمويا منذ عشرة اعوام، عن المؤتمر، وقالت ان الاجتماع لن يؤدي سوى الى "اغراق افغانستان في لهيب الاحتلال". وكانت مسالة المصالحة الوطنية اضافة الى انتقال السلطة الى كابول والالتزام الدولي بعد العام 2014، على راس جدول اعمال المؤتمر في الاساس. الا ان هذه الامال تبددت بعد ان توقفت "الاتصالات" التي بدأت منذ مطلع العام، واغتيال كبير مفاوضي الحكومة الافغانية الرئيس السابق برهان الدين رباني على يد مبعوث طالباني مفترض اجهز على العملية. غير ان كرزاي اكد انه لا يزال منفتحا على المحادثات. وقال "العملية السياسية ستظل شموية ومفتوحة على طالبان وغيرهم من المسلحين الذين ينبذون العنف ويقطعون صلاتهم بالارهاب الدولي، ويقبلون بالدستور الافغاني ويدافعون عن الحياة السلمية".