اعتقل ثوار سابقون في جنوب ليبيا سيف الاسلام القذافي اخر ابناء الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الفارين، والمطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية، ووعد النظام الليبي الجديد بتامين محاكمة عادلة له. وانتقل رئيس الحكومة الانتقالية الليبية عبد الرحيم الكيب مساء السبت الى مدينة الزنتان (170 كلم جنوب غرب طرابلس) حيث اعلن في مؤتمر صحافي ان سيف الاسلام سيحظى ب"محاكمة عادلة". وقال الكيب من الزنتان على مقربة من المكان الذي اعتقل فيه سيف الاسلام "اعلن باسم الشعب الليبي ان سيف الاسلام سيحاكم محاكمة عادلة وسيحظى بالحقوق التي يرعاها القانون وهي الحقوق التي حرم منها شعبنا طيلة اربعة عقود". واضاف الكيب "كلي امل ان يكون القبض على القذافي بداية مرحلة بناء دولة الحرية والقانون والشفافية". وبدأ الكيب كلمته بالقول "اعلن الى شعبنا انه تم القبض على سيف الاسلام القذافي وهو الان تحت سيطرة ثوار الزنتان"، مضيفا "اتقدم بهذه المناسبة بالتهنئة الى رجال ونساء وثوار ليبيا". وقال الكيب في وقت لاحق "ان النظام القضائي الليبي سيتصل بالمحكمة الجنائية الدولية للنظر في المكان الذي سيحاكم فيه سيف الاسلام"، مضيفا ان "اي تعاون مع المنظمات الدولية مرحب به".واضاف "سنكشف لسيف الاسلام من نحن: نحن لسنا عصابات مسلحة، نحن اناس متعطشون للحرية". واكد ان سيف الاسلام "سيعامل باحترام". واوضح من جهة ثانية انه لن يسمح لوسائل الاعلام بالاتصال بسيف الاسلام "لان ذلك يتعارض مع القوانين الدولية بشان الاسرى". وكان وزير العدل وحقوق الانسان الليبي محمد العلاقي اعلن في وقت لاحق السبت لوكالة فرانس برس ان سيف الاسلام الذي كان يعتبر الوريث لوالده، "اعتقل في جنوب ليبيا" دون تحديد تاريخ اعتقاله. وفي مؤتمر صحافي في طرابلس، قال قائد "عمليات الثوار في الزنتان" بشير الطيب ان رجاله "قبضوا على سيف الاسلام مع ثلاثة من مساعديه في منطقة اوباري". واضاف ان سيف الاسلام "سينقل الى الزنتان"، موضحا ان المجلس الوطني الانتقالي هو الذي سيبت في تسليمه او عدم تسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية. وبثت قناة ليبيا الاحرار التي تمولها قطر صورة يظهر فيها سيف الاسلام قالت انها الاولى منذ اعتقاله، وهو كثيف اللحية متكئا على اريكة وقد غطت بطانية ساقيه وهو يلوح بيده اليمنى التي ضمدت ثلاث من اصابعها. وافاد قادة عسكريون في المجلس الوطني الانتقالي ان سيف الاسلام قد جرح في قصف على قافلة عندما كان يغادر بني وليد خلال سقوط معقل قوات القذافي في منتصف تشرين الاول/اكتوبر. ولم يكن سيف الاسلام (39 عاما) يشغل اي منصب رسمي لكن كان له نفوذ كبير مع تحوله في السنوات الاخيرة الى موفد للنظام الليبي الاكثر مصداقية ومهندس الاصلاحات والحريص على تطبيع العلاقات بين ليبيا والغرب. لكنه منذ اندلاع الثورة في منتصف شباط/فبراير دأب على استخدام لهجة عدائية وخاض مقاومة شرسة من اجل انقاذ نظام والده. واصدرت المحكمة الجنائية الدولية بحقه في 27 حزيران/يونيو مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية كما اتهمته بلعب "دور اساسي في تنفيذ الخطة" التي اعدها والده "لقمع" الانتفاضة الشعبية "بكل الوسائل". وانتهى النزاع في 23 تشرين الاول/اكتوبر باعلان المجلس الوطني الانتقالي "التحرير الكامل" للبلاد بعد ثلاثة ايام من مقتل معمر القذافي اثر اعتقاله في سرت شرق ليبيا. وتستهدف مذكرة التوقيف ايضا والده وكذلك صهره عبد الله السنوسي قائد الاستخبارات سابقا، وافادت مصادر في النيجر ومالي ان السنوسي لجأ الى مالي نهاية تشرين الاول/اكتوبر. واعلن الطيب ان ليس لديه معلومات بشان السنوسي لكن "مجلس الثوار" في طرابلس اوضح ان عبد الله ناكر المتحدر من منطقة الزنتان اكد استنادا الى شهود ان السنوسي شوهد في منطقة القيرة في جنوب ليبيا. وانطلقت ابواق السيارات في طرابلس ترحيبا باعتقال سيف الاسلام بعد ان ترددت في العاصمة الليبية صباح السبت شائعات عن اعتقاله. وقد اختفى سيف الاسلام عن الانظار منذ ليل 22 الى 23 اب/اغسطس عندما خرج على الصحافيين الاجانب بعد ان قيل ان الثوار اعتقلوه، مؤكدا ان "كل شيء على ما يرام" في طرابلس وذلك قبل ساعات من سقوط باب العزيزية مقر القذافي في العاصمة. وفي التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر، اكد مدعي المحكمة الجنائية لويس مورينو اوكامبو ان اعتقاله "مسالة وقت" وقال مرارا انه اجرى "اتصالات" مع سيف الاسلام عبر وسطاء بهدف استسلامه. واعلنت متحدثة باسم اوكامبو مساء السبت ان الاخير سيزور ليبيا الاسبوع المقبل "في اطار جهود التعاون مع السلطات الليبية" بعد اعتقال سيف الاسلام، مضيفة "نحن على اتصال بوزير العدل الليبي للتاكيد على ان اي مخرج يتعلق باعتقال سيف الاسلام يجب يكون مطابقا للقانون". كما اعلن ناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية لفرانس برس السبت ان السلطات الليبية ملزمة بتسليم سيف الاسلام القذافي الى هذه المحكمة دون استبعاد ان تجري محاكمته في ليبيا. وقال المتحدث فادي العبد الله في اتصال هاتفي "لقد اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف وبالتالي فان السلطات الليبية ملزمة بالتعاون مع المحكمة"، مضيفا "اذا اعتبرت السلطات الليبية ان محاكمة على الصعيد الوطني ستكون الحل الافضل فبإمكانها ان تطلب من المحكمة الجنائية الدولية عدم اقامة القضية في لاهاي بناء على مبدأ التكامل". ودعت الولاياتالمتحدة السلطات الليبية الجديدة الى ضمان محاكمة عادلة و"معاملة انسانية" لسيف الاسلام. وقالت نيكول تومسون المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ان اعتقال سيف الاسلام ومحاكمته "سيمثلان خطوة اخرى تنأى عن الحقبة المظلمة التي دامت اربعين عاما من تاريخ ليبيا وتساعد في نقل الشعب الليبي نحو مستقبل سلمي وديموقراطي هو جدير به". واضافت المتحدثة الاميركية "نحث ايضا المجلس الوطني الانتقالي على مواصلة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن محاكمة سيف الاسلام". وتابعت "ان سيف الاسلام القذافي متهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية والمجتمع الدولي كان واضحا في مطالبته بان يحاسب على افعاله". من جانبها دعت فرنسا السلطات الجديدة في ليبيا الى "التعاون بالكامل" مع المحكمة الجنائية الدولية وتامين "محاكمة عادلة" لسيف الاسلام. واعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ان "فرنسا ترحب بتوقيف سيف الاسلام الذي يواجه مذكرة توقيف اصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية. ويفترض ان يخضع سيف الاسلام للمساءلة عن اعماله وان تتم محاكمته". كما دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون السبت المسؤولين الليبيين الى ضمان محاكمة سيف الاسلام "طبقا للمعايير الدولية". وقال كاميرون في بيان "ابلغتنا الحكومة الليبية مجددا اليوم انه سيستفيد من محاكمة طبقا للمعايير الدولية، وهو الامر الضروري حدوثه". من جهته، اشار الممثل الخاص للرئاسة الروسية في افريقيا ميخائيل مارغيلوف السبت الى ان روسيا ترحب باعتقال سيف الاسلام. واعرب حلف شمال الاطلسي السبت عن امله في ان تقوم السلطات الليبية والمحكمة الجنائية الدولية بضمان محاكمة عادلة لسيف الاسلام القذافي. وقالت وانا لونغيسكو المتحدثة باسم الحلف الاطلسي "نثق بأن السلطات الليبية والمحكمة الجنائية الدولية ستضمنان ان تأخذ العدالة مجراها حتى يمكن ان تبنى ليبيا الجديدة على اساس حكم القانون واحترام حقوق الانسان". وتابعت "انه (سيف الاسلام القذافي) متهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية في الصراع الذي ألحق بالشعب الليبي معاناة جمة". كما رحب الانتربول السبت ب"مرحلة جديدة لليبيا الجديدة" في اعقاب اعتقال سيف الاسلام، واعلن الامين العام لهذه المنظمة رونالد نوبل في بيان ان "توقيف سيف الاسلام مرحلة مهمة بالنسبة الى ليبيا الجديدة". ودعت منظمة العفو الدولية المجلس الوطني الانتقالي الى تسليم سيف الاسلام الى المحكمة الجنائية الدولية "كي يحاكم على جرائمه المفترضة في محاكمة عادلة" واضافت المنظمة في بيان "بعد ما جرى لمعمر القذافي والمعتصم القذافي (اللذين قتلا بعد القبض عليهما) يجب ان يتحمل المجلس الوطني الانتقالي مسؤولياته ويمنع ان يلقى سيف الاسلام نفس المصير". وكان سيف الاسلام اخر ابناء معمر القذافي الفارين في ليبيا، حيث ان ثلاثة من اخوته قتلوا خلال النزاع وهم سيف العرب في قصف حلف شمال الاطلسي في نيسان/ابريل وخميس في معارك بعد سقوط طرابلس نهاية اب/اغسطس والمعتصم بعد اعتقاله في سرت. ولجأ بقية ابناء القذافي الى بلدين مجاورين، محمد وهانيبال وعائشة مع ارملته صفية الى الجزائر والسعدي الى النيجر.