يُردِّد الماديون: الفلوس بتهدي النفوس... اللي معاه قرش يساوي قرش... ما أحلي الحياة والجيب مليان وما أقبحها والجيب فاضي... معاك مصاري تطير فوق الكباري اديني قرش وارميني في البحر ( دا بدل اديني عمر...) المال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة... الشيء الوحيد الذي لا يخطئ فيه أحد هو المال مثلما لا يخطئ الطفل ثدي أمه... المال لا يجلب السعادة لكن يسمح لنا ان نعيش تعاستنا برفاهية... المال دم ثان... ويرد عليهم القانعون: الفلوس مع التيوس الفلوس مش كل حاجة القناعة كنز لا يفنى السعادة ليست في المال المال خادم جيد .. لكنه سيد فاسد المال والشيطان لا راحة لهما... حتى إذا امتلك الإنسان المال وتمتع بالصحة لن يتوقف عن التساؤل إن كان سعيدا أم لا...
ههههه نعم أضحك هئ هئ هئ نعم أبكي... أضحك وأبكي في وقت واحد بل في مزيج عجيب فمن يراني يحتار أأنا سعيد أم حزين؟! أأنا مقتنع بنظرة الماديين أم بنظرة القانعين؟! أأنا ممن يهمهم المال ويشغل بالهم أم ممن يرونه مجرد وسيلة في اليد لا في القلب؟! تساؤلات عديدة بل دوائر ومتاهات لا يُعْرَف أين بداياتها من نهاياتها... وبعيد عن نظرتي الشخصية التي لا تقدم ولاتؤخر... فقضية المال والمادة والحاجة الشديدة لهما تسيطر على الإنسان منذ الخليقة... ولقد تناولها الكثيرون كلٌ من وجهة نظرة... ولكننا هنا حقا وصدقا نحاول فض الاشتباك العقيم والأزلي بين النظرية والشعارات وبين الواقع والحاجة... نحاول الجمع والتوفيق بل والمصالحة بين هؤلاء الذين يموتون عشقا في المال والذين يموتون من قلة المال... وهل من يرى أن المال يجب أن يكون في اليد لا في القلب فعلا ويقينا حاله الواقعي الملموس يقول: أنه يمتلك الفلوس لذا لا يشعر بما يعانيه المبئوس الذي بلا فلوس... وهل لو تحوَّل حاله لحالهم سيرفع تلك الشعارات أم سينزوي ولا تسمع له همسا... علي الصعيد الآخر قد نري بعضا ممن يعانون ويسفون التراب لا تهدأ نفوسهم ولا تغفو لهم عين لا من الفقر والعوز بل من القهر والكمد والحقد علي هؤلاء المترفين المرفهين والذين يتمرغون في الديباج والحرير ويغطسون في حمامات السباحة والجاكوزي ليل نهار لدرجة أن أجسامهم باشت... بينما هم رائحتهم من النتن فاحت... ليس المقام هنا تسجيل واقع أو توجيه نصح أو تعالم أو تفلسف ردئ... بل محاولة متواضعة لوضع صيغة توافقية ترضي كل الأطراف... ولا أعني بالأطراف هنا : أصحاب النفوس المريضة من هنا أو هناك أي لا أعني الأغنياء المتعالين المغرورين ولا الفقراء الحاسدين الحاقدين... بل أعني من معه المال ولا يشعر بالسعادة ومن فقد المال و يشعر بالتعاسة... فلو توجهت لهؤلاء ولأولئك بروشتة علاج لكانت مليئة بالنظريات والشعارات الرنانة والتي سئموا منها ولو توجهت لهم بغير ذلك لكنت ضالا مضلا... وإن كنت بذلك قد أرضيت غرورهم وأشبعت غرائزهم وحبستُ عني سهامهم... إذن ما الحل الذي يرضي جميع الأطراف ولا يعتبر متجاوزا للواقع قازحا عليه؟! فكرت في التوجيه الديني وربطهم بالله ورسوله ودراسة حال السلف الصالح... ولكني وجدت أن نقطة الوصول هذه قد تكون مشفرة وتحتاج لباسورد كما الحال في الانترنت... فالنفوس المنهكة بأوجاع الدنيا أو بغرورها لديها رادارات تشويش شيطانية ربما لا تنكسر موجتها إلا بتعرض صاحبها لصدمة نفسية بفقد عزيز أو برؤية حادث أليم... ولكن هذه المواقف عارضة طارئة سرعان ما تفقد تأثيرها بمرور الأيام والسنين... ورسولنا الكريم لم يدعُ للعبادات إلا بعد تأسيس العقيدة لمدة ثلاثة عشر عاما... تخيلوا الرسول العظيم المؤيد من قبل رب العالمين لا يأمر بالصلاة والزكاة والصوم وغيرها... إلا بعد اطمئنانه على صلاح جهاز الاستقبال لأنه يدرك بالطبع أنه شرط لضمان وصول الرسالة ليس فقط جودة جهاز الإرسال بل أيضا جودة جهاز الاستقبال... ومن هنا لابد في الصيغة التوافقية أن تكون عملية موضوعية واقعية أرضية ترابية ملموسة وليست خطب رنانة يقولها صاحبها ويذهب ليستمتع... إنني أرى : أنه لكي يشعر الغني بالسعادة والبركة لابد أن يكون لديه إحساس حقيقي بالفقراء يتمثل في : إخراج صادق لزكاة ماله. التصدق المستمر علي المحتاجين عدم المغالاة في النعمة لعدم كسر قلوب الفقراء يعلم أن الكفن بلا جيوب والدنيا فانية أن البركة في القليل لو تعامت عنه عين العائز الذليل. وأنه لكي يشعر الفقير بالسعادة : عليه بالعمل ثم العمل ثم العمل الأخذ بالأسباب الرضا بما قسمه الله له يدرك أنه لا حيلة في الرزق كف الأذى عن الغني ومعالجة قلبه فلا رزق يصيب قلب مريض وعلي الفريقين معالجة الحياة بمنطق: أنها زاااااااائلة وأن ما عند الله باااااق. ______________________ #بسن_القلم