حرب السادس من أكتوبر التي أنهت احتلال لسيناء استمر لست سنوات تعد هي الأكبر بعد الحرب العالمية الثانية، إذ استطاع المصريون بمهارة قلب موازين القوى العالمية، في إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث خططت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين في وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان احتلتهما إسرائيل في 1967. وكانت الخطة تعتمد على مفاجأة اسرائيل بهجوم من كلا الجبهتين المصرية والسورية، وخداع أجهزة الأمن و الاستخبارات الإسرائيلية الأمريكية، من أجل استرداد الأرض التي احتلتها إسرائيل بالقوة، بهجوم موحد مفاجئ، في اليوم الذي وافق عيد الغفران اليهودي.
- بدأت الحرب يوم السبت 6 من أكتوبر/تشرين أول 1973 بهجوم مفاجئ من الجيشين المصري والسوري على القوات الإسرائيلية، وتحققت الأهداف من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، وتوغلت القوات المصرية 20 كيلومترا شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان.
- وبدأت مصر الحرب بضربة جوية تشكلت من 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة فى وقت واحد، استهدفت محطات الشوشرة والإعاقة والمطارات ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
- و بعدها بخمس دقائق قامت أكثر من 2000 قطعة مدفعية و هاون ولواء صواريخ تكتيكية ارض بقصف مركز لمدة 53 دقيقة صانعة عملية تمهيد نيراني من اقوي عمليات التمهيد النيراني في التاريخ.
- وبدأت بعدها عمليات عبور مجموعات اقتناص الدبابات قناة السويس، لتدمير دبابات العدو ومنعها من التدخل في عمليات عبور القوات الرئيسية وعدم استخدام مصاطبها بالساتر الترابي علي الضفة الشرقية للقناة.
- وفي الساعة الثانية وعشرين دقيقة اتمت المدفعية القصفة الأولي لمدة 15 دقيقة، وفي توقيت القصفة الثانية بدأت موجات العبور الأولي من المشاة في القوارب الخشبية والمطاطية.
- ومع تدفق موجات العبور بفاصل 15 دقيقة لكل موجة وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء تم عبور 8 موجات من المشاة وأصبح لدى القوات المصرية على الشاطئ الشرقي للقناة خمسة رؤوس كباري.
- ومع عبور موجات المشاة كانت قوات سلاح المهندسين تقوم بفتح ثغرات في الساتر الترابى لخط بارليف، وحين فتح الثغرات قامت وحدات الكباري بإنزالها وتركيبها في خلال من 6-9 ساعات.
- وفى خلال الظلام أتمت عملية العبور حتى أكملت 80 ألف مقاتل مشاة و 800 دبابة ومدرعة ومئات المدافع.
وعلى الرغم من مرور 42 عامًا على الحرب من العام 1973، لا يزال النقاش داخل الدولة العبرية دائرًا وبحدة كبيرة حول الإخفاق الكبير الذي مُنيت به الأجهزة الأمنية في إسرائيل التي كانت على اعتقاد بأن مصر وسوريا لن تشنا حربا ضد الدولة العبرية، إلا أن توحد الدول العربية ساهم بشكل فاعل في تحقيق نصر أكتوبر/تشرين أول عام 1973 .
وجاءت شهادات قادة الجيش الإسرائيلي حول الحرب توثيقا تاريخيا من قبل قوات العدو لصالح المقاتل على الجبهتين المصرية والسورية.
واعترف "موشيه ديان" وزير الحرب الإسرائيلي إبان حرب أكتوبر/تشرين أول 1973، في ديسمبر/كانون أول من العام نفسه بأن الحرب كانت زلزالا تعرضت له إسرائيل، وإن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون، وأظهر لهم مالم يروه من قبل وأدى إلى تغيير عقلية القادة الإسرائيليين.
يقول "موشيه ديان" في مذكراته إن إسرائيل فقدت القوة الكافية لإعادة المصريين للخلف مرة أخرى، وإنه على القادة الإسرائيليين الاعتراف بأنهم ليسوا أقوي من المصريين، وأن حالة التفوق العسكري الإسرائيلي قد انتهت إلى الأبد، وأن النظرية الإسرائيلية بشأن قوة العرب كانت نظرية خاطئة.
وشدد وزير الحرب في مذكراته على انتهاء نظرية الأمن الإسرائيلي والقائمة علي أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، ونوه على ضرورة أن يعي الإسرائيليون أنهم ليسوا القوة العسكرية الوحيدة في الشرق الأوسط وأن هناك حقائق جديدة لابد أن يتعايشوا معها.
أما رئيسة الوزراء جولدا مائير والتي كانت تعرف بانها "المرأة الحديدية" في إسرائيل فكتبت في كتاب لها بعنوان "حياتي" أنه لا شيء أقسى على نفسها من كتابة ما حدث في أكتوبر، موضحة أنه لم يكن مجرد «حدث عسكري رهيب» فقط وإنما تخطاه إلى كونه مأساة عاشت وستعيش معها حتى الموت. وذكرت "مائير" في كتابها أنه فى وقت حرب أكتوبر عبر المصريون القناة وضربوا بشدة القوات الإسرائيلية في سيناء، كما توغل السوريون حتى العمق في مرتفعات الجولان .
أما "حاييم هيرتزوغ" رئيس دولة إسرائيل الأسبق فقد قال في مذكراته حول الحرب، إن الإسرائيليين تحدثوا كثيرا قبلها وكان ذلك يمثل إحدى المشكلات، فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون بينما تعلم الإسرائيليون كيف يتكلمون، لقد كان المصريون أكثر صبرا وصدقا، حتى أن العالم بأسره وثق بأقوالهم وبياناتهم بشأن الحرب