منذ أن كنت صغيراً، منذ أن تعلمت أن أنطق الحروف والكلمات، منذ أن دق قلبي لأول وهلة في حياتي، وأنا أبحث عن الحب، أجده في صدر أمي وهى تبعث في جسدي الدفء كلما امتدت يدها الحانياتان تهدئ من روعي. وسرعان ما تقدم بي السن، فأحبو في الحياة، ثم أخطو خطواتي الجريئة يدفعني حماس الطفولة وألهو وتلهو معي الحياة، وتمر السنون وأتقدم في قطار الشباب السريع المتلاحق ومازلت أبحث عن الحب، ذلك الذي يدق له قلبي ويخفق كلما رأيت من أحب، مازلت أحلم يدفعني جمال الحلم دفعاً نحو تحقيقه. منذ أن استطعت الحلم وأنا أحلم بك أيها الحب الدافئ، في ليالي الحياة قارسة البرودة، أبحث عنك، أحاول أن أصل إلى قمة اللذة بك، ولكن سرعان ما يتلاشى أمل تحقيق الهدف أمام صخور من إنعدام المشاعر، أراك كنجم لامع أمامي وطالما أسير إليك أراك تقترب مني، وكلما أقترب منك وأحس بضوئك أبتهج وأفرح، ولكن سرعان ما تشرق شمس الواقع لتخفي ضوءك فتتلاشى عن عيني ويضيع أمل الوصول إليك. أيها الحب لطالما حاولت من أجلك، وفي كل مرة أجد الخداع والأوهام، فلم يعد لك مكان إلا في أحلامي، ولكني أرى الآن ذلك الضوء المعهود، أظنه الحب فهل أقترب منه؟ أخاف، نعم أخاف أن أقترب منك وأحاول الحصول عليك، فلا أجد إلا السراب مثلما يحدث لي في كل مرة، هل أدع خوفي وألقي تجاربي جانباً وأبدأ من جديد؟ لا فقلبي لن يتحمل المزيد من الأوهام، لن يتحمل المزيد من الآلام، فلطالما قاسى ولم ينقذه إلا إيمانه بوجودك أيها الحب، فهل أنت موجود حقاً؟ وهل أصل إليك وأشرب من كأسك حتى الثمالة أم أن هذا ضرب من الخيال؟ لا أعلم! أيها النسيم: أجلس في الليل تحت ظلال الأشجار، فأسمع تهامس الأغصان وأرى اهتزازها طرباً للنسيم، إنها تهتز وتتعانق وتتبادل المشاعر والأحاسيس، فيا لك من ساحر أيها النسيم، ويالك من رقيق المشاعر كرقتك، إنك تجمع الإغصان المتفرقة، فهل تجمع قلوبنا، هل تجمع قلوب الأحباب المتباعدة؟ إني أرى في رقتك ما يحثني أن أستأمنك أن تخبر حبيبي بما أكنه له من حب وتسأله أن يجيبني، فإن لم يجيبني فليتذكرني! كلمتنا – يونيو 2001