كشف المهندس فكري يوسف رئيس هيئة الثروة المعدنية عن أن السبيكة الذهبية التي عثر عليها رجال النيابة العامة أثناء جردهم قصور الرئاسة هدية منحها الشريك الأجنبي في منجم «حمش» للرئيس السابق نافياً وجود عمليات تهريب لذهب منجم السكري خلال أيام الثورة. أضاف «يوسف» خلال حوار ل «الوفد الأسبوعي» عن أن الدخل القومي المصري من الثروة المعدنية لا يتجاوز 1٪ بسبب العقم في قانونها الذي يؤجر الكيلو متر في المنجم ب 5 جنيهات فقط.. وقال: إن الهيئة لجأت إلي إيقاف تراخيص الفوسفات للقضاء علي مافيا الفوسفات، مطالباً بأن تظل الهيئة تابعة لوزارة البترول. أنت متهم بتعطيل مشروعات كان عدد من شباب التحرير تقدموا بها للهيئة للاستفادة من الثروة المعدنية؟ - لا توجد مشروعات لكي أعطلها كل ما حدث أن عدداً من شباب معرض التحرير الدولي الذين اجتمعوا مع المهندس عبدالله غراب وزير البترول في لقاء استمر أربع ساعات طلبوا الدعم المعنوي والمعلوماتي للترويج لمشروعات تعدينية في الخارج إلا أنهم لم يتطرقوا إلي طرح المشروعات وآلية تنفيذها، أما المزايدات التي أثاروها فهي مطروحة من فترة طويلة وقام المهندس مصطفي البحر رئيس الهيئة السابق بتحويلها إلي مجلس الدولة لاتباع الإجراءات القانونية التي يجب اتخاذها، وبعد أن أحال «غراب» الملف لي اقترحت عليهم مشروع الألف منجم بغرض توفير فرص عمل للجيولوجين ومهندسي التعدين وإقامة صناعات تعدينية لتجميع الخامات وعمل قيمة مضافة لها حتي تكتمل المنظومة من توفير فرص عمل للخريجين الجدد وتقديم الدعم الفني لهم ثم القيمة المضافة ثم التصنيع. ولماذا تراجعت عن تنفيذ المشروع؟ - لم أتراجع لكنني طالبتهم بضرورة وجود كيان رسمي يتعاملون من خلاله فأنا لا أستطيع أن أعطي منجماً لأي أحد وتحت أي صفة فالثروة ملك للدولة ولا يمكن لأحد التصرف فيها إلا وفق القانون، كما أننا نكمل دراستنا لاختيار أفضل أماكن الخامات، كما ندرس قانونية منحها لشباب الخريجين لإقامة مناطق صناعية عليها. ألا تري أن هناك عقماً في قوانين الهيئة؟ - بالفعل قانون الهيئة لسنة 1956 «لازم يتفرم» وهو ما دعانا إلي البدء في إعداد جلسات استماع ومناقشة وضع قانون جديد للهيئة يساير الروح الجديدة للاستثمار بعد الثورة، ويجب في القانون الجديد زيادة عوائد الدولة من الإيجار، فبدلاً من خمسة جنيهات للكيلو المتر ستصبح 10 آلاف جنيه ولو تم تأجير 10 آلاف كيلو فقط فإن ذلك سيعني مكسب 100 مليون جنيه للخزانة العامة للدولة، بالإضافة إلي رفع الرسوم إلي 10٪ من الإنتاج سنوياً وضم المحاجر والملاحات إلي إشراف الهيئة بدلاً من المحافظين، فالمحاجر وحدها تهدر حوالي 75٪ من قيمتها بسبب عشوائية الاستغلال وعدم وجود رقابة عليها من الهيئة، كما أن إيرادها يصب في النهاية في صندوق خدمات المحافظة وليس خزانة الدولة، ومن المهم أيضاً توحيد جهة الإشراف علي الثروة المعدنية وحصرها فقط في الهيئة بدلاً من 12 جهة تتفرق دم الثروة المعدنية بينها. 12 جهة تشرف علي الثروة المعدنية ألا يعبر ذلك عن وجود خلل في الهيئة؟ - تفرق دم الثروة المعدنية، فالهيئة لا تشرف إلا علي المناجم فقط والباقي موزع بين جهات مختلفة ساهمت في إضعاف دور الهيئة المسئولة عن الثروة المعدنية في مصر. وماذا عن عقود حق الانتفاع التي تعتبر إهداراً للثروة المصرية؟ - لا يوجد في الهيئة عقود انتفاع ولا عقود بالأمر المباشر لأن لدينا خامات استراتيجية يجب أن تتحكم فيها مصر مثل الذهب والفوسفات والنحاس والزنك والرصاص التي تحكمها في النهاية المزايدات العالمية وهناك عقود استغلال. في الفترة الأخيرة نشبت معركة بين مسئولي وزارتي الصناعة والبترول علي تبعية الهيئة لهم؟ - الهيئة كانت تتبع وزارة الصناعة وانضمت لوزارة البترول منذ عام 2004 ويجب أن تظل تابعة لوزارة البترول لأن العمل بها يتوافق مع خبرات رجال البترول من حيث البحث والاستكشاف والتنقيب، أما رجال الصناعة فلا يعرفون البحث ولا التنقيب ولا حتي رأوا خدمات ويجب علي من يعمل في الهيئة أن يكون فدائياً. كيف تقدر الثروة المعدنية المصرية ومشاركتها في الدخل القومي؟ - لا يستطيع أحد تقدير حجم ثروتنا المعدنية إلا أنها تفوق بلايين الدولارات لكن للأسف فإن المستغل منها لا يتجاوز ال 5٪ وللأسف أيضاً فإن مشاركتها في الدخل القومي المصري لا تتجاوز 1٪ فحجم المناجم المرخصة لا يتعدي 10 آلاف كيلو متر بإجمالي 250 منجماً بإجمالي إيرادات 300 ألف جنيه سنوياً. 250 منجماً يدرون دخل 300 ألف جنيه فقط.. أليس في ذلك إهدار للمال العام؟ - نعم.. لذلك يجب تغيير القانون الذي سيدخل مجلس الشعب خلال دورته الحالية. ما حقيقة السبيكة الذهبية التي عثر عليها في قصور الرئاسة لدي جردها قبل أسبوعين وقيل إنها من منجم ذهب السكري؟ - بالفعل وجد رجال النيابة أثناء جردهم سبيكة ذهبية لكنها ليست من منجم السكري وإنما من منجم «حمش» وكانت هدية من الشريك الأجنبي للرئيس السابق حسني مبارك، أما منجم السكري فلم يتم تهريب جرام واحد منه. كثر الجدل حول منجم السكري.. لماذا؟ - السكري منجم وضع مصر علي الخريطة العالمية في إنتاج الذهب فهو ضمن أكبر 10 مناجم مفتوحة في العالم وأقيم بشراكة استرالية لصاحبها المصري سامي الراجحي، وفي عام 1994 حدثت المفارقة فلا يوجد منجم ذهب علي مستوي العالم يتم الإنتاج منه خلال 5 سنوات فقط، فالمتوسط العالمي ما بين 7 و10 سنوات، وبلغ إجمالي إنتاج المنجم خلال العامين الأخيرين 12.4 طن ذهب بإجمالي إيرادات 471 مليون دولار، ومن المتوقع زيادة الإنتاجية بنهاية العام الحالي إلي 500 ألف أوقية ذهب بما يعادل 17 طناً، وتستطيع أن تقول إن مصر لديها الآن كوادر بشرية تعدينية تستطيع تكرار نجاح السكري، وللعلم الشريك الأجنبي في السكري قام بصرف حوالي 430 مليون دولار وتم اعتماد 309 فقط! لكن تردد أن هناك عمليات تهريب تمت خلال الثورة للذهب؟ - مستحيل ولم يحدث ذلك لأن هناك أكثر من جهة تراقب المنجم مثل القوات المسلحة وشركة أمانكو، بالإضافة إلي الأمن الخاص بالمنجم نفسه. لا يوجد في مصر سوي منجمين فقط للذهب.. هل هناك خطة للتطوير وزيادة الإنتاج؟ - بالفعل لدينا خطة لزيادة مناجم الذهب من خلال طرح سبع مناطق في الصحراء الشرقية لمزايدات عالمية ستطرح في النصف الأول من شهر فبراير الجاري، بالإضافة إلي تفعيل 8 اتفاقيات للبحث عن الذهب في حوضي وادي كريم ودنجاش والنتائج حتي الآن مشجعة، فبالمقارنة مع إنتاجية منجم السكري الذي تتراوح إنتاجيته ما بين نصف إلي 2 جرام في الطن فإن المناطق الجديدة يصل إنتاجها إلي 3 و5 جرامات للطن. كيف أنقذت الهيئة منجم فوسفات أبوطرطور وخسائره المتلاحقة؟ - بالفعل مشروع أبوطرطور كان من أفشل المشروعات التي أقيمت في مصر خلال 20 عاماً لسوء إدارته وبلغت ديونه 3.8 مليار جنيه، إلا أن الهيئة قامت بتحويل المشروع إلي شركة استثمارية مملوكة ملكية عامة بنسبة 100٪ موزعة بين بنك الاستثمار بنسبة 50٪ و20٪ لهيئة الثروة المعدنية و15٪ لهيئة البترول و15٪ لشركة جنوبالوادي القابضة التي قامت بتسديد حوالي 35 مليون جنيه لبنك الاستثمار وبلغ إجمالي مبيعاتها حوالي 113 مليون جنيه، ونبحث حالياً إقامة مصنع لأسمدة الفوسفات وحمض الفوسفوريك في الوادي الجديد بدعم من المحافظ، وما حدث في فوسفات أبوطرطور سوف يتكرر مع منجم فحم المغارة لإنقاذه وإعادة تشغيله. ولكن هناك مافيا لاستخراج الفوسفات وتصديره بأقل الأسعار؟ - تنبهنا لذلك وهو ما استدعانا إلي قصر رخص الفوسفات علي التصنيع فقط وستقوم الهيئة بطرح مزايدة عالمية لتصنيع الفوسفات فقط قريباً، وللعلم منذ عام 2004 لم تمنح الهيئة أي رخصة لمصانع الفوسفات إلا للشركات الحكومية وكذلك تم إلغاء رخص لشركات فوسفات البحر الأحمر بعد أن قامت بتوريد 150 ألف جنيه علي الرغم من أن أرباحها تجاوزت 2 مليار جنيه والإعفاء من الضرائب لمدة 10 سنوات وهناك قضية منظورة أمام القضاء الآن. هناك العديد من الثروات المعدنية في مصر مهدرة وغير مستغلة فما هي خطط الهيئة لاستغلالها؟ - هذا من حظ الأجيال القادمة وما تحت الأرض ليس مهدراً ولكنه غير مستغل ولذلك لابد من تغيير القانون لمنع الاحتكار وتشجيع الاستثمار.