منذ أن بدأت ثورة الخامس والعشرين من شهر يناير وانقسم المصريون مابين مؤيد لها يراهن على نجاحها ومعارض لها يراهن على إسقاطها وفشلها وكان كل يوم يمر يحمل أحداثا عديدة يقابله صمت من النظام الحاكم وتهوين من قيمة المواطن بصورة مستفزة جعلت من المعارضين للثورة قلة قليلة ومن المؤيدين لها أعداد لا حصر لها .. كان كل يوم يمر تتكشف حقائق مفزعة أيقنت الشعب أنه كان ضحية نظام فاسد تلاعب به وجعله يعيش في وهم كبير أبرز عناوينه (الأمن والأمان والاستقرار ) حينها فقد الشعب ثقته في النظام نهائيا إلى أن جاء خبر رحيل مبارك من السلطة فتحول يوم الحادي عشر من شهر فبراير إلى يوم عيد لكل المصريين فأكاد أجزم أنه في هذا اليوم كان كل المصريين مؤيدين للثورة ومؤمنين بها ومقدرين لمبادئها ومطالبها ..كنا كلنا بالفعل إن جاز التعبير" ثائرون"نعم (كلنا ثائرون ) مرحبون ومتفائلون بالثورة شعرنا إنها ستأخذنا للأمام ستزيل الفساد وتمحو الأخطاء لنبدأ جميعا صفحة جديد خالية من الشوائب . إلي هنا كانت الأمور تسير بصورة ايجابية مبشرة توحي بنجاح الثورة ومن ثم نجاح مصر إلي أن عادت الانقسامات إلي الشارع المصري من جديد ولكنها هذه المرة انقسامات من نوع أخر فالثوار أنفسهم أصبحوا منقسمين فهذا ثائر منذ يوم الخامس والعشرين من يناير وذاك انضم للثورة متأخر والأخر لم يظهر الا في اليوم الأخير وتناسينا أن نجاح الثورة يكمن في حشد اكبر عدد ممكن من المؤيدين لها ..وبطبيعة الحال ظهرت مصطلحات جديدة على المجتمع من نوع الفلول والمتحولين وتناسينا أن الله يقبل توبة العباد وأنه من الطبيعي أن يتحول الإنسان من الظلام للنور ..ومن الخطأ للصواب وإلا ماذا يفعل شاب وجد أبيه كان عضوا بالحزب الوطني هل يتبرأ منه أما يعود إلي صوابه لشعوره انه أعطى ثقته لمن ليس جديرا بها ومن ثم يؤيد الثورة بل ويحاول جاهدا العمل على إنجاحها صحيح إن هناك من ساهم في إفساد الحياة السياسية ومستمر في ذلك حتى هذه اللحظة ولكنهم قليلون ومن السهل اعتبارهم غير موجودين إذا استطعنا حشد أكبر عدد ممكن ليكونوا مؤيدين للثورة . إن مصلحة مصر تتطلب أن نسهم جميعا يد بيد في مساعدة المصريين كلهم على استيعاب هذا الحدث -الذي غير تاريخ مصر سواءا المؤيدين للثورة أو الصامتين الخائفين أو المعارضين فكلهم في النهاية مصريون حتى وان أخطأ بعضهم التقدير ..فمما لا شك فيه أن التاريخ سيحتفظ بذكرى هذا الحدث لقرون متتالية إن ظل في عمر الدنيا قرون ! وكيف لا وهو الحدث الذي نجح في إزاحة نظام ديكتاتوري استمر على مدى ثلاثين عاما من الظلم و الطغيان ..فهل توقع احد أن الأمور التي تسارعت على مدى ثمانية عشرة يوما يمكن أن تنهي حقبة استمرت عقودا من الزمان ..لم يكن أحد يتوقع هذا الأمر حتى وان رآه البعض طبيعيا باعتباره نهاية كل ظالم .. فالظالم مهما أبدى للناس من قوة فهو ضعيف لأبعد الحدود ومصدر ضعفه الرئيسي أنه ليس لديه مدد لا من الله ولا من شعبه الذي فقد ثقته فيه "بطبيعة الحال". ودعونا نتأمل هذا الحدث العظيم في تاريخ مصر ونستخلص منه الحكم : أولا:هل فكر أحد لماذا لا يوجد للثورة المصرية العظيمة ومن قبلها الثورة التونسية التي لا تقل عظمة قائد أو زعيم ؟!..هل تناسينا كيف كان النظام السابق يبحث عن محرك واحد أو رأس تقود الثورة ولم يجد ؟!إنها حكمة إلاهية كبيرة تجعلنا ننسب النصر الذي حققته الثورة لله دوما وأبدا فلو حدث التغير نتيجة حسابات معينة حسبها الناس لظنوا أنهم غيروا بقدرتهم وليس بقدرة الله ولو كان للثورة زعيم لكان الجميع سعى للتودد له وربما تمجيده ! ولذلك شاء الله أن يأتي التغير بطريقة لم يتوقعها أحد ولا يستطع أحد إلا أن يقول "سبحان الله" (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). ثانيا:أن نظل دائما في حالة ثورة على الباطل وعلى الضلال وان يكون محركنا الأول هو الأمل ..فلولا الأمل ما كان العمل ..فكل من يشعر انه مظلوم لابد أن يظل الأمل مشتعلا في قلبه أن الخلاص سيأتي يوما ما ..كيف ؟!لا أدري.. ولكنه حتما سيأتي.. وسنقول لحظتها أيضا "سبحان الله "لأنها باختصار حكمة الله. من هنا دعونا نقترب أكثر كمصريين ونضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار ونعمل جاهدين على إنجاح الثورة .. فنجاح الثورة يعنى نجاح مصر . لذا أتمنى ان نتكاتف جميعا لجمع اكبر عدد من مؤيدي الثورة ليزداد يوم بعد الآخر أعداد المؤيدين لثورتنا العظيمة ونحتفل جميعا بنجاح الثورة في يوم عيدها الأول الخامس والعشرين من يناير القادم ليكون يوما أفضل وأعظم من احتفالنا بيوم رحيل مبارك فدعونا لا ننسى أو نتناسى هذا اليوم العظيم الذي جمعنا على مبدأ واحد وهو " كلنا مصريون وطنيون مخلصون لمصر .حتي وان اختلف البعض علي مبدا الاحتفال لعدم تحقبق مطالب الثورة الا انني اجد انه من الواجب الاحتفال بذكري اليوم الذي انتصر فيه الانسان علي نفسه فكسر حاجز الخوف وتمرد علي القهر والظلم والطغيان والفساد فخلق لنفسه شخصية جديدةيفتخر بها العالم ..اليس هذا في حدة انتصار يستحق الاحتفال .ولعل اكبر احتفال لنا ان نجتمع علي كلمة واحدة ومبدا واحد لنتعهد بالاستمرار في التغيير والاهم ان نظل جميعا متحدين لان في الاتحاد قوة