تصلبت قدماى حين اختارونى لأكون في مواجهة العدو، فأنا لم أعتاد الدفاع عن أى شىء، منذ صباى وأنا أجد من يدافع عني ، حين كنت أمر بطريق به كلاب ضالة، كنت أبحث عمن يأخذ بيدى حتى لا تؤذني، وحين كان يغضب أبي مني ويعلن أنه سوف يقتلنى عقاباً على خطأ فظيع قد اقترفته، وهو أننى لم آكل شطائري جميعها في المدرسة، كنت أختبئ خلف جدي، ليمنع أبى من الاقتراب مني، كنت دائماً أستمتع بلذة الإحساس بالأمان، فهناك من يدافع عني دوماً، أما الآن وأنا في ساحة اللقاء مع العدو وجهاً لوجه، فلا يسعني سوى أن أتصبب عرقاً وأنا أرى أقراني يشتبكون مع العدو، ورغم أنه لم يحين دوري بعد، إلا أن موقعي يتيح لي فرصة أن أكون بعيداً عن الاشتباك، فأنا في الخطوط الخلفية. صحيح أني تلقيت تدريبات على أعلى مستوى، وصحيح أيضا أننى فزت بإعجاب كل من قاموا بتدريبي، إلا أن الفرق كبير بين الاشتباك مع زملائك على سبيل التدريب، وبين الاشتباك الحقيقي وجهاً لوجه مع الخصم، والآن وقد بدأ الاشتباك، فأنا أقف مرتجفاً، في انتظار أن تأتي اللحظة المميتة، اللحظة التي قد يحين فيها دوري لكى أشتبك مع العدو، ماذا سأفعل وقتها؟ يا إلهي، إن أقرانى يتقهقرون، ويقترب الاشتباك مني شيئاً فشيئاً، صحيح أن أقراني يصمدون بعض الشىء، لكن صمودهم لا يثمر أمام هجوم العدو، فماذا لو وصلوا إلىّ؟؟، يا إلهي، لقد اقترب أحدهم منى وحانت اللحظة التى أتمنى فيها أن يدافع عني أحد، و... - فليدافع عنى أحدكم ... صرخت بها فى وجه أقراني، وأخيراً أتت النجدة، وثب عليه أحدهم وثبة قوية طرحته أرضاً... وليته ما فعل... فقد استشاط غضباً، وجن جنونه، ونظر إلىَّ نظرة طويلة وكأنه يتوعدنى ، بل إنه يتوعدنى حقاً، ودون كلمة واحدة، وقف على مقربة مني، وصوّبها نحوي، صوّبها دون أن يمنعه أحد أقراني الذين وقفوا جميعا في صمت يشفقون علىّ، لأنهم يعلمون أنه سوف يطلقها، وأنه لا يخطئ هدفه أبداً ... وانطلقت انطلقت في سرعة رهيبة .. إنطلقت معلنة هزيمتي.. نعم هزيمتي.. فهو لم يخطئ هدفه بالفعل.. وفور أن أصاب الهدف إنطلقت أصوات من بعيد، تهتف بكلمة واحدة : - جوووووووووووووووووول