اضواء من بعيد .. رغم سيادة الظلام اتحرك قليلاً على ضوء الموبايل ولا ادري ماذا فى الطرف الآخر.. ربما تنين !! ربما احد طيور الرخ صغيراً !! لا ادرى ولماذا ؟ اتحرك فى هذا الظلام؟ ولماذا لا اشعربالخوف؟ لااعرف.. كلما اعرفه ان قدماى تتحركان إلى الامام وأنا مطمئن لسبب ما ! و..... صوت لم اسمعه جيداً لكنه يقول شئ ما! احاول استكشاف الطريق لكن الموبايل لا يعمل!! وايضا لا اخاف!! وفجأة الصوت يتضح ! "كله يخرج.. ماحدش يبقى جوا" واستيقظ.. نائم جوار شباك التذاكر فى محطة التحرير ... اشارات الالات ولافتة السيدات فقط كإضاءات.. اتحسس موبايللى .. البطارية لم تفرغ الحمد لله .... انظر الى السماعتين محاولاً تحديد ايهما اليمين أو اليسار !! لا اري فى هذا الظلام. "اخرجوا كلكم" الصوت مرة أخرى وهذه المرة من شاب ذو صوت رفيع صديقى محمود جالس نائم على دكة كأنه حارس مملوكى بوجهه الابيض التركي اقترب منه وقبل ان المسه فتح عينيه...... "انت نمت فى ثانية" ابتسم واحاول تذكر الكابوس ولا استطيع "الساعة كام؟" يسألنى وننظر سويا إلى الموبايل اترنح وانا اخطو .. اكاد اصطدم بكشك الشرطة العسكرية الفارغ .. نخرج من باب آخر قريب جدا ! أعلى امام السلم يطلبون البطاقة... التى لا ادرى اين هى ! آه فى احد جوانب الجاكت.... وانا ادعك عيناي اخرج البطاقة له يعتذر لى وانا اجيبه لاتفعل انت تحمينا. واستطيع فتح عيناي لأراه.. شاب فى الثامنة عشر مثلاً يبتسم بجمال اود معانقته وشكره.. لكنى اربط على كتفه واتمتم لكنه كان يفتش غيرى . لاارى صديقى محمود وارى الساعة اخيرا .. السابعة والنصف صباحاً الميدان هادئ جداً... بائع الشاي فى منتصف احد الأرصفة "الكوب بجنيه" . عائلات اطفالها تلعب امامها خارجين من خيمتهم غريبةالصنع. اليوم الثلاثاء .. تذكر لتكتب عنه 1/2/2011 اول نداء لمليونية .. وأكاد اسخر من نفسى!!!! لن يأتى مليون ولا حتى مائة الف ! واين فى هذا المكان ؟!!!! اجلس على احد الأرصفة امام المتحف وأنا اراقب طفلة تلعب بعروسة بدون رأس تكلمها وتستمع للرد وامها قريبة تخرج لها سميطة من احد الشنط..... ترانى الام وتشير لى لكى افطر معهم لكنى اهز رأسى نافياً. تنادى على ابنتها الأخرى الأكبر قليلاً.... فتاخذ السميطة وتحاول النزول إلي من منتصف الرصيف العالى فأشير اليها ان تنتظر واتجه إليها ابتسامتها رائعة وأخذ السميطة وأشكر الأم "العفو يا أبنى" وأحس انها تاخذنى فى احضانها ..... اكاد ابكى ولا اعرف ماذا سيحدث اليوم!! أو ماذا بعد اليوم!! هل ستظل لثورة وأحس أن مصر تلك الفتاة الصغيرة صاحبة العروسة مقطوعة الرأس.. وإنى مسئول عن هذه الفتاة واحبها .. وانا لا أعرف اسمها واكتشف أن الام لا تعرف اسمى ايضا ! احس انى اريد الصراخ بأنى أحبهم.. لكنى لا افعل أى شئ ... دمعة تترقرق فى عينى .. لن يأتى أحد ... سوف تنتهى الثورة اليوم. اليقين شوك ينمو داخللى وابتسامة الطفلة أمامى أكاد ارها تخفت ... وأحس باليأس و... اسكندرية بتصبح نعم... اسكندرية!! واكاد اقفز لأحتضنه ... شاب بشنطة ظهر ........ سننجح ....... وبعد دقيقة.. دخلت افواج .. والكل يقول الكلمة السحرية .... دمنهور........ الفيوم ........ أسيوط ........ الكل يعلنها وكأنه يكلمنى أنا ! وفتاة قصيرة ذات رداء أسود كامل تتقدم إلى المفارق امام مدخل المتحف . "يالله نظموا انفسكم" فينتظم الكل.. فتاة اخرى لا أراها جيداً.. وحامل دُف واخرين !! القصيرة تحاول ان تعلو بصوتها الرفيع !! "اهلا.. اهلا بالرجال.. الميدان بيقول كمان" والكل يردد ورائها.... وعيونهم تلتمع فى احتضانه قوية لكل الداخلين الذين يحيوهم بإشارات أو ايماءات أو حتى خبطات ناعمة على الاكتاف.... اهلا..اهلا بالرجال الميدان بيقول كمان انا معهم واغنى معهم لا ادرى كيف وجدت وسطهم والقصيرة تصرخ.. "ماحدش يقول قبلى انتم تردوا ورايا" وتشير بيدها بعصبية "اقفوا كده ماحدش يعدي من وسطكم" وأراها بيضاء ... مصرية جداً.. بل هى مصر ذاتها.. رغم عيونها الخضراء.. لكن كل اوردتها النافرة تتشكل كلمة مصر .... واحبها! واشير لها لكى تغطى احد اجزاء من عنقها فلتت للهواء ... انها فاتنة ولا تكتمل النظرة .. فهى تصرخ اعلى من أى وقت ! "اهلا..اهلا بالرجال.. الميدان بيقول كمان" اشير لها.. بالراحة ..كده مش هتعرفى تكمللى اليوم! حمرة خجلها جميلة تخرسها للحظة .. ثم ترى أناس يتجهون إلينا فتنادى مرحبة بهم سأحبها واتزوجها وانجب منها ! ستكون معى فى احدى مراكب النيل أو فى طائرة متجهة للأقصر! ستحتضنى عيناها أكثر من الآن!! "بطلوا... ما حدش يعدى حد!.. حافظوا على شكلك" تنادى القصيرة بغضب .........وافيق! الميدان يمتلئ.... وصلت الحشود من الداخل الينا عند مخرج ميدان عبدالمنعم رياض ! والاعداد الغفيرة تأتى ! سننجح بالتأكيد... والآن بعد مرور وقت كالقرون.. ورغم انني ذهبت لكل المليونات.. إلا انني لم اراها مرة أخرى !! هل لا زالت حية ؟! واتابع كل صورالشهداء .. واتمنى ان لا اراها فيهم ابدا . ارسم لها كل يوم صوراً عديدة بكل الاشكال والملابس ايضا.. كانها عروسة تتجمل لليلة الموعودة! وتختفى الميدان لازال موجودا ولم اراها ثانية! 16/3/2011 محطة الاوبرا فى ذكري اول دعوة مليوينية 1/2/2011