ن يخرجن كل يوم إلي السوق بحثا عن لقمة العيش.. ومع أول خيوط أشعة الشمس يفرشن خضارهن من أجل حفنة جنيهات تأتي إليهن تساعد في تحمل أعباء المعيشة ومساعدة أزواجهن وأولادهن. المشهد معتاد يوميا في كل ربوع مصر من شرقها إلي غربها ومن شمالها إلي جنوبها, حركة البيع والشراء عادية وتحركات الناس وسط السوق قد تبدو عادية أحيانا أو مزعجة أحيانا أخري من خلال مشادات ومشاحنات أو ربما تحرشات, لكن كل هذه الأمور تمر مرور الكرام وتتلاشي مع انتهاء يوم عمل شاق داخل السوق, لكن الأمر العجيب والأغرب في هذه المأساة أن تجد الابتزازات في وضح النهار, أن تري فرض السيطرة والنفوذ علي مرأي ومسمع من الجميع, والأبشع من ذلك ان تتحول الأتاوات إلي انتهاك للأعراض وجرائم اغتصاب وفضائح تطارد أصحابها إلي نهاية العمر! مشاهد عديدة شهدتها شبرا الخيمة وتحديدا داخل أحد اسواقها ذئبان في الثلاثينيات من عمرهما فرضا جبروتهما بداخل السوق, استعملا السلاح في ترويع السيدات, وتم ابتزازهن بثمن بخس ورخيص, فكان الاغتصاب هو أسلوبهما, وتصوير الضحايا بكاميرا الهاتف المحمول, هجرت معظم النساء السوق بعد أن دنسته أقدام هذين الذئبين, بل إن بعضهن بعد علم أزواجهن بما حدث لهن قاموا بطردهن من بيوت الزوجية خوفا من العار الذي يلحق بالأولاد بالرغم من أنهن ليس لهن أي ذنب فيما حدث. امرأة في الثلاثينيات من عمرها وقعت فريسة في يد المغتصبين اللذين لا يرحمان صراخا ولا ولدا ولا حتي دمعة ترقق قلوبهما, قاما باغتصابها وتصويرها علي هواتفهما المحمولة أثناء مكوثها أمام منزلهما, فاجتذباها عنوة بداخله وتناوبا الاعتداء عليها مرات ومرات, لم تجد وسيلة لإنهاء هذه الكارثة الانسانية إلا التوجه لقسم الشرطة, فنسيت الخوف والفضيحة والعار لإنقاذ بنات جنسها من بين براثن الرذيلة التي طغت علي هذا المكان, وأمام العميد بلال لبيب مأمور قسم شبرا الخيمة ثان روت مأساتها, وعلي الفور تحركت من المباحث بقيادة العقيد جمال الدغيدي رئيس فرع البحث الجنائي بشبرا والمقدم عبدالمنعم وهدان رئيس مباحث القسم وألقت القبض علي المتهمين وأثناء نزولهما من شقتهما تعالت الهتافات والزغاريد من نساء السوق. بقولهن يحيا العدل خذوهم بلا رجعة. كشفت التحريات التي أشرف عليها اللواء محمد القصيري مدير المباحث والعميد اسامة عايش رئيس المباحث عن أن المتهمين قد اغتصبا السيدة الأولي مقدمة البلاغ بالإكراه, وأن أحدهما له سجل إجرامي في قضايا مخدرات وسلاح وأن قريبه بدأ يسير علي دربه في طريق الإجرام, وأن هناك بلاغا آخر من سيدة أخري اتهمتهما بالاغتصاب, والبلاغان يشيران إلي أنهما اغتصبا اكثر من سيدة ولكن ما تم تقديمه هو بلاغان ضدهما فقط, وقد أمر اللواء أحمد الناغي مدير الأمن بإحالتهما إلي النيابة التي أمرت بحبسهما4 أيام, تم التجديد لهما15 يوما. نيران الانتقام بداخلي لا يمكن إطفاؤها بأي شيء, إلا أن أري هذين المغتصبين وهما في حبل المشنقة يلف رقبتهما, بهذه الكلمات بدأت احدي المجني عليهن تروي مأساتها: أنا مقيمة حاليا بشبرا الخيمة وجئت من مركز الباجور بالمنوفية وتزوجت وسكنت في هذا المكان وعشت حياة عادية وأنجبت ثلاثة أولاد, ولمساعدة زوجي علي تحمل أعباء المعيشة قمت بالتجارة في الخضار, يعني مكسب قليل بس الحمد لله حلال, سنوات طويلة نخرج في الفجر ونمكث في الشوارع طوال اليوم تحت حرارة الشمس الحارقة وبرودة الطقس السيئ, لكن احنا تعودنا علي ذلك وسط هذه السنوات الطوال, كنا نتعرض للضرب والإهانة من البلدية أحيانا ومن البلطجية أحيانا ومن الزبائن أحيانا أخري, فالمضايقات كثيرة ولا توصف فنحن نسكن في منطقة عشوائية وما أدراك بكلمة عشوائية. وفي يوم الحادث المشئوم جلست بالخضار أمام منزل أحدهما وأثناء تنزيلي الحمولة من علي السيارة فوجئت باختفاء الميزان فبحثت عنه فوجدته بداخل مدخل منزله, وعند دخولي لإحضاره اجتذبني هو وصديقه وقاما بتجريدي من ملابسي بعدما ضرباني ضربا مبرحا وسط صرخات مني ولكن دون مجيب!! وتوسلت إليهما توسلات يندي لها الجبين فأنا سيدة متزوجة وعندي أولاد وأخاف عليهم من الفضيحة والعار, ولكنهما لا يعرفان الرأفة ولا الشفقة فاغتصباني تحت تهديد السلاح وقاما بتصويري بالهواتف المحمولة وهدداني لو تكلمت بأي كلمة سيتم نشر الصور ليعرفها القاصي والداني, وبصموني علي إيصالات أمانة, بعد ذلك خرجت من عندهما لا أدري إلي أي جهة أتجه, إلي منزلي, أم أرمي نفسي تحت عجلات القطار لكي أريح وأستريح من العار الذي لحق بي وسوف يلحق بأولادي.. ولكني انتظرت حتي جاء الليل وذهبت إلي أحد أقارب زوجي, وقصصت عليه ما حدث فما كان منه إلا أن طردني وأخبر زوجي بما حدث فقام بطردي, ولم يقفا بجواري في محنتي هذه التي لا ذنب لي فيها, ولكن هذا ما حدث.. فعشت أكثر من اسبوعين وحيدة متنقلة في الشوارع هائمة علي وجهي أشتاق لأولادي كل لحظة وأدعو كل دقيقة علي المجرمين وقد استجاب الله دعائي وألقي القبض عليهما بعد أن قامت المجني عليها الأولي بالابلاغ عنهما, وكانت المفاجأة التي روتها هذه السيدة أن المتهمين اغتصبا أكثر من سيدة عن طريق العنف بأي وسيلة, وأن هذه الأفعال منتشرة في أماكن كثيرة وبصورة مفزعة. وبعد هذه الاتهامات التي شنتها الضحية الثانية وما قالته الضحية الأولي في بلاغها كان لنا أن نسأل المتهمين عن هذه الوقائع وتلك الإتهامات فقالا: إن ما نسب إليهما غير صحيح وإنهما لم يقوما بفعل أي شيء, وإن السيدة الأولي هي التي كانت تطاردهما وإن زوجها اعتدي عليهما بالضرب وهو مسجل خطر, والضحية الثانية لم يعرفاها ولم يفعلا معهما أي شيء, هذه كانت أقوالهما. ومازالت التحقيقات جارية داخل النيابة والتي أمرت بحبسهما15 يوما.