في أحد حواراته الصحفية النادرة، تحدث النجم العالمي لصحيفة "الشروق الجديد" في حوار طويل نشرته الصحيفة عبر جزأين، وينشر FilFan.com أبرز الأسئلة التي جاءت به. وصف الشريف نفسه بالأسطورة، ولكنه أكد أنها أسطورة من الممكن تكرارها، وأكد أنه ليس هناك ممثل مصري آخر وصل للعالمية، وتحدث عن إعادة تجربة "إشاعة حب" مرة أخرى. وتطرق عمر الشريف في حديثه عن الثورة، وتحدث عن الرئيس المخلوع حسني مبارك، كما تحدث عن الأنظمة الحاكمة للشعوب العربية. حاكم ديكتاتور؟ هل ما زلت مقتنعا برأيك أن الشعوب العربية لا يصلح معها سوى الحاكم الديكتاتور؟ لم أقصد ديكتاتورا بأن يكون الحاكم طاغية يسىء معاملة شعبة، ولكن قصدت أن يكون هذا الحاكم يملك الشعب فى قبضة يده، حتى لا تحدث انشقاقات بين أطرافه الشيوعيين والإسلاميين والمسيحيين وغيرهم من الطوائف، فمثلا لبنان تعانى جدا من حزب الله رغم أنها بلد "زى الفل"، أما تونس فأرى أن رئيسها زين العابدين بن على كان حرامى، ويستحق أن يذهب فى "ستين داهية". وأشجع الحاكم الديكتاتور لكل البلاد العربية، لأن نسبة كبيرة فى شعوبها لا يعرفون عن الثقافة شيئا، ولم يتعلموا فى مدارس، ولا يعرفون حتى القراءة والكتابة، لذلك تحتاج الشعوب العربية إلى سلطة جادة، وأن تكون قبضة الأمن قوية ضد التطرف والإرهاب، وليس على الشعب الذى يريد الحياة حرا. وأردف قائلا: عدم الثقافة تسبب على سبيل المثال عندما أجريت آخر انتخابات لمجلس الشعب، ونحن بالنسبة للدول العربية مثقفون جدا، لم يخرج لصناديق الاقتراع سوى 15 مليونا فقط، رغم أننا نزيد على 100 مليون نسمة. ولكن الإحجام عن التصويت كان يعود إلى عدم نزاهة الانتخابات وتزويرها لصالح مرشحى الحزب الوطنى وليس لأن الناس لا تريد الخروج؟ التزوير كان يحدث لأن الشعب جاهل ولا يعلم لمن يعطي صوته،سأعطيك مثال على أنا شخصيا، تصور أننى إذا ترشحت فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة، ونزلت إلى الشارع وأعطيت كل مواطن 5 جنيهات فقط لا غير، وليس 10 أو 50 جنيها، سيكون رد فعله كالآتى "عينى وراسى، ويا سلام يا سعادة البيه"، وسيعطينى صوته، رغم أننى لست الأصلح، فهذا المواطن المصرى الغلبان لا يعرف من الأصلح بين مرشحى دائرته. تقصد أن ما كان ينتهجه النظام السابق فى التعامل مع المصريين هو الأفضل؟ لم أقل ذلك، لأننا لم نر نظاما جديدا جاء بعده، لكن بشكل عام أرى أنه، وبعيدا عن أن الرئيس السابق ضلل الشعب، إلا أننى كنت راضيا عن أسلوب الحكم فى مصر، ليس فى مصر فقط وإنما راضٍ عن النظم الحاكمة فى كل البلدان العربية، فأنا مقتنع جدا أن يكون حاكم السعودية ملكا. ورغم مساوئ نظام صدام حسين فإنه كان الأصلح للعراق، فبعد تدخل الأمريكان قضى على العراق تماما، وأصبح يقتل فيها 50 مواطنا على الأقل كل يوم، والتفجيرات والاغتيالات والفتنة أصبحت فى كل مكان، وأدعى أن العراقيين الآن يتمنون العودة إلى نظام صدام حسين، رغم أنه كان طاغية وقتل الكثيرين. وبالنسبة لإيران فهى لا تختلف كثيرا، لأن الشعب الإيرانى كان سعيد جدا أثناء حكم الشاه محمد رضا بهلوى، ولكن الحال تبدل بهم بعد الثورة الإسلامية عام 1979 على يد روح الله الخمينى مؤسس الجمهورية الإسلامية فى إيران. الصدمة بعد تنحي مبارك ألهذه الأسباب لم تهاجم نظام مبارك قبل ثورة 25 يناير؟ قبل ثورة 25 يناير لم أهاجم نظام مبارك لأنى كنت أظن أنه الأفضل لمصر، والحقيقة أننى صدمت عندما علمت بحجم فساد الرئيس السابق حسنى مبارك. وكل ذلك لا ينفى أننى تعجبت من رد فعله كحاكم خرج الملايين من شعبه إلى الشارع ليطالبوه بالرحيل، ويتجاهل ذلك، أتصور أنه كان على مبارك أن يرحل من بداية المظاهرات ولا ينتظر 18 يوما. ولا أخفى أننى إذا تعرضت لموقف مشابه وخرج جمهورى وطالبنى بالاعتزال، سيكون رد فعلى مناقضا لرد فعل مبارك، حينها لن أكتفى بالاعتزال، ولكن ممكن أن يتطور رد فعلى ويصل إلى الانتحار. لا يعرف شيئا عن الشارع المصري لكن البعض قد يقول إنك لا تعرف شيئا عن الشارع المصرى بحكم قضائك معظم أوقاتك فى أمريكا وأوروبا؟ الكثير يمكن أن يتوقعنى كذلك، ولكن الحقيقة أننى أنزل إلى الشارع يوميا والتقى الناس البسطاء، وأسير معهم على كورنيش النيل، فأنا بطبيعتى أحب التحدث مع الناس البسيطة والفقيرة، ولا أفعل ذلك مع الشخصيات المهمة. وأسير فى الشارع بدون سيارة حتى التقى سكان مصر الحقيقيين، وأحبهم أن يلتفوا حولى لأعرف منهم أخبارهم وكيف يعيشون، حتى إنه عندما يتجمع عدد كبير حولى لا أرفضهم وإنما أطلب منهم فقط ألا يزاحمونى السير ويضايقونى، وأن يسيروا إلى جانبى "بشويش"، وأتحدث معهم أيضا فى أى موضوع يريدوننى أن أتكلم معهم فيه. الأمر الآخر أننى عندما أذهب إلى مكان استعين بالتاكسى الأسود القديم، وأحب الجلوس بجانب السائق، وأن أسأله عن حياته وإن كان معه فلوس أم لا، ويستطيع تعليم أولاده وتوفير العلاج لهم عند المرض أم لا، وأفعل ذلك لأنى أحب ألا أكون منفصلا عن شعب مصر بجميع طبقاته خاصة الغلابة. وهذه الأسباب، التى جعلتنى أحتفظ بشخصيتى المصرية الأصيلة واللهجة الدارجة فى طريقة الكلام ومخارج الألفاظ، والدليل أننى طوال الحوار لم أنطق بكلمة واحدة بلغة غير العربية رغم أننى عشت معظم حياتى بين أمريكا وفرنساولندن دون أن أتأثر. ما السر وراء غرام أبناء جيلك بالقاهرة الملكية؟ أننا كنا مبسوطين جدا، ونعيش حياة مرفهة، لكن الحق يقال إن عدد المصريين وقتها لم يكن يتجاوز ال 20 مليون نسمة، وكانت الفلوس كثيرة، وكان عندنا زراعة نصدر محاصيلها لكل دول العالم، أما الآن فنحن نستورد كل أنواع الخضراوات والفواكه والمحاصيل بما فى ذلك الفول المدمس. والسبب أن جمال عبدالناصر قسم ثروات الباشاوات على الشعب، وأعطى لكل مواطن 5 أفدنة، فتبدل الحال، لأنه بعد أن كان يملك الباشا الواحد آلاف الأفدنة يستطيع من خلالها وضع خطه لإنتاج محصول معين يصدره للخارج، أصبح لكل مواطن 5 أفدنة، وأصبح كل الهدف من الزراعة أن يأكل المواطن نتاج أرضه. تدافع عن الباشاوات لأنك عشت حياة مرفهة بعيدا عن الفقراء؟ أنا لست من الباشاوات والإقطاعيين، والحقيقة أنا مع الفقراء وفى صفهم دائما، لكن الباشاوات كانوا يصدرون محاصيل للخارج ويجلبون لمصر عملة صعبة، وفى الوقت نفسه كانوا لا يبخلون على الفقراء والفلاحين، وأدعى أننى رأيت هذا بعينى، لأننى كان لى أصدقاء كثيرون أغنياء، وكانوا يعرفون المزارعين بأسمائهم. ففى حكم الملك كان الفلاحون والفقراء يملكون طعامهم، بغض النظر عما إذا كانوا يحصلون على مقابل مادى أم لا، أما الآن فالفقراء لا يعرف أحد عنهم شيئا. آراء تاريخية وهل عاصرت فى الفترة الملكية احتقانات طائفية بين فئات الشعب مثل التى تحدث الآن خاصة أن مصر كان تقيم بها ديانات مختلفة يهودا ومسيحيين ومسلمين؟ لم تكن هناك احتقانات أو طائفية إطلاقا، لأن الناس كانت مبسوطة فى عهد الملك، ولم يكن هناك من يفكر فى شىء أكثر من إسعاد نفسه، وكانت الخروجات والفسح كثيرة جدا، وعلى سبيل المثال كنت أنا وأحمد رمزى نذهب إلى الكباريه كل يوم أو يومين على الأكثر. وأتصور أن عدم دخول مصر فى حروب حقيقية فى عهد الملك كان سببا رئيسيا فى هدوء الشعب ورقيه، أما بعد أن تحولت مصر إلى النظام الجمهورى ودخل عبدالناصر فى حروب فتراجعت مصر بسببها كثيرا، فمثلا عبدالناصر دخل حرب 1967 للدفاع عن فلسطين، وبدلا من أن يساعدها أضرها وتسبب فى دمارها، وأن تحتلها إسرائيل كاملة. لكن إسرائيل هى التى بدأت العدوان ولم نبادر بالهجوم؟ رغم أن الجيش الإسرائيلى فى هذه الحرب كان صغير جدا، والجيش العربى وصل عدد جنوده إلى 600 ألف جندى، فإن إسرائيل تفوقت على الجيش العربى، الذى يقوده عبدالناصر فى 6 أيام، وشعرت بالأسى لهزيمتنا فى هذه الحرب، وكنت حينها فى أمريكا أصور الفيلم الكوميدى "فتاة مرحة" مع باربرا ستريساند، وأجسد شخصية رجل يهودى، وتعرضت لفضيحة كبيرة جدا أثناء التصوير، خاصة بعد الكشف عن صور الجنود المصريين والعرب، الذين هربوا وتركوا أحذيتهم فى الصحراء. وأتذكر ما تعرضت له من سخرية بعد الهزيمة جيدا، حيث جعلنى جميع زملائى "مسخة" يضحكون على طول الوقت، وكنت أبكى حينها ليس فقط لهزيمة بلدى، ولكن لأنى أعلم أن هؤلاء الجنود هربوا لأنهم غير متعلمين، ولم يكن أحد منهم يعلم أنه يحارب عدو اسمه إسرائيل. صداقة مع السادات كانت تربطك بالرئيس الراحل أنور السادات علاقة صداقة قوية، كيف بدأت؟ ذات مرة فوجئت بأنه يكلمنى عبر الهاتف وكنت أعيش فى شقه بباريس، وقال لى: "يا عمر أنا عندى فكرة عايز أخد رأيك فيها، إيه رأيك لو رحت إسرائيل واتصالحت معاهم"؟ فقلت له "مليش دعوة يا باشا إنت حر"، فقال: "بس أنا خايف ألا يستقبلونى بشكل جيد، بص بقى إنت بتشتغل مع يهود كتير فى هوليوود وفرنسا اسأل كده وشوف لو رحت هيستقبلونى كويس، ولا إيه"؟ فذهبت إلى سفارة إسرائيل بباريس وطلبت مقابلة السفير، واتصلت بمناحم بيجين، وكان رئيسا لوزراء إسرائيل فى هذا الوقت، فأكد لى أنه سيستقبل السادات كالمسيح، والمسيح فى اليهودية غير المسيح عند الأرثوذكس المسيحيين. الأزمة التى وقعت فيها أننى بعد انتهائى من الكلام مع بيجين، لم يكن لدىّ أى وسيلة اتصال بالرئيس السادات لأقول له رد إسرائيل، وكانت المفاجأة أن السفير الإسرائيلى هو من أعطانى الرقم بنفسه. فاتصلت بالسادات وقلت له: "بيجين قال لى سيستقبلونك كالمسيح"، بعد هذه المكالمة بأسبوع واحد كان فى إسرائيل وألقى خطبته الشهيرة فى الكنيست، وبعدها أصبحنا أصدقاء. الآثار وزاهي حواس ما سر وجودك المكثف فى دعاية ومحافل وسهرات المجلس الأعلى للآثار؟ دى حاجات بتاعة مصر، وأثارنا مشهورة ومعروفة فى كل العالم، والأجانب يأتون إلى مصر من أجلها، إلى جانب الاستمتاع بالنيل ومنظره البديع، وإذا نظر أحد من شباك غرفتى سيشاهد أجمل منظر فى الدنيا سواء ليلا أو نهارا، وأتمنى أن تهدأ الأوضاع فى مصر مرة أخرى، وسأرسخ كل وقتى ومجهودى بعد شفائى من الجراحة للترويج لآثار بلدى. وهل لهذا السبب أنت صديق مقرب للدكتور زاهى حواس؟ أنا وزاهى صديقان منذ فترة طويلة، وسافرنا أكثر من مرة لأمريكا وأوربا، كان زاهى يلقى محاضرات عن الآثار المصرية، وكنت أستمع إليه مع الحضور، وأكون سعيدا جدا لأن هناك رجلا مصريا يجبر الأجانب على الاستماع إليه وهم مستمتعون. وأتذكر أننا ذات مرة ذهبنا إلى هوليوود، ورغم أننى معروف جدا هناك فإن الجمهور لم يكن يسأل أو ينظر إلىّ إطلاقا، وكان فقط يهتم بما يقوله حواس، والحقيقة أن طريقته فى الكلام مميزة جدا، وتجذب الجميع. والآثار هى تاريخ مصر، وأقدم ثقافة عرفها العالم، ولم تأت حتى اليوم ثقافة مثلها، وطبعا الشعب المصرى، الذى صنع هذه الحضارة مختلف عن المصريين اليوم. ما هذا الاختلاف الذى تتحدث عنه؟ أتصور أن فتح عمرو بن العاص لمصر، وتغيير ديانة وثقافة أهلها من أقباط إلى الإسلام، غير الشخصية المصرية تماما، ولولا نجاح عمرو بن العاص فى فتح مصر لكانت الثقافة المصرية استمرت فترة أطول. هل تقصد أن دخول الإسلام كان سببا فى تدهور الثقافة المصرية؟ لم أقصد أبدا أن عمرو بن العاص هو من أفسد المصريين، لأن فتح مصر كان أمرا قادما لا محالة، وأن تتغير ديانة البلد أمر واجب، لأنه لم يكن طبيعيا أن تظل مصر فراعنة طوال عمرها. والثقافة الإسلامية مهمة جدا فى حياتنا كمصريين، لأن مصر قبل الإسلام لم تكن متدينة، وأنا سعيد لأن مصر فيها مسلمين وأقباط، لأننى شخصيا أحب الديانتين، وأحب أن تكون الفئتين أصدقاء، لذلك ضايقنى جدا تعرض كنيسة القديسين بالإسكندرية لتفجيرات ليلة رأس السنة الجديدة، كما ضايقنى كثيرا ما يحدث مؤخرا من حرق للكنائس سواء فى إمبابة أو صول. مفارقة قوية! من المفارقات الغربية أنك جد لثلاثة أحفاد ينتمون لثلاث ديانات سماوية يهودية مسيحية والإسلام رغم أن لك ابنا وحيدا هو طارق مسلم الديانة؟ هذه المفارقة حدثت لأن ابنى طارق تزوج كثيرا، كانت زوجته الأولى يهودية، وأنجب منها حفيدى الأكبر عمر، ثم تزوج مسيحية من تشيسكلوفاكيا ولم تنجب، ثم تزوج من فتاة مصرية مسلمة أنجبت كارم، وهو الأقرب إلى قلبى عمره 11 سنة، وأخيرا تزوج امرأة روسية وأنجب منها طفلا كان يريد أن يطلق عليه دانيال، ولكنى رفضت وقلت له لابد أن يكون الاسم إسلاميا. وعندما أصر على تسميته دانيال طلبت منه أن يتركنى ليوم أبحث له عن اسم يتماشى مع المجتمع الإسلامى، واشتريت قاموسا يحتوى على كل الأسماء الإسلامية، واخترت منه اسم دانى، وهو اسم إسلامى لكن الكثير لا يعرفونه، والشىء الدانى أى القريب، فاقتنع بهذا الاسم جدا لأن دانيال فى اليهودية يقولون له دانى. "إشاعة حب" مرة أخرى ما سر حماسك لإعادة تقديم "إشاعة حب" بعد مرور 51 عاما على عرضه الأول؟ هذا الفيلم لم يكتب حتى الآن، وأنا بالفعل أنتظر انتهاء المؤلف من كتابة السيناريو لأقرر إن كنت سأصوره أو لا، وبخصوص تعاقدى مع المنتج محمد ياسين، فقد اشترطت قبل التوقيع أن أقرأ السيناريو أولا قبل أن أوافق بشكل نهائى على تصوير هذا العمل، وموافقتى المبدئية على التصوير لأننى أعجبت بالفكرة التى قالها يوسف معاطى ولثقتى فى أنه سيكتب سيناريو محترما، ولكن هذا لا ينفى أننى ستكون لى ملاحظات على السيناريو بعد القراءة، وإذا وجدت شيئا لا يعجبنى سأطلب تعديله على الفور. عمر الشريف كان يعتقد أن مبارك هو الأفضل لمصر وهل إعادة تقديم نفس الرواية فى صالح "إشاعة حب" الأصلى؟ أنا لا أريده نسخة من "إشاعة حب" الذى قدمته من قبل، ولكنى أريده فيلما مختلفا تماما، وأن يكون كل ما يربطه بالفيلم الأول أن يعتمد على نفس الفكرة والشخصيات، لكن لا نكرر الأحداث نفسها، كما أننى شخصيا لا أستطيع تقليد الشخصية التى قدمها العملاق يوسف وهبى. وهل تجسيد شخصية يوسف وهبى يمثل معضلة بالنسبة لعمر الشريف؟ نعم معضلة ومأزق كبير لأى ممثل، لذلك قررت أن أقدم الشخصية بطريقتى الخاصة، وأنا على قناعة كاملة أنه لا يوجد ممثل فى العالم يستطيع تقليد يوسف وهبى ولا تقديم أى شخصية قدمها هذا العملاق سواء فى السينما أو المسرح، وضحك قائلا: مستحيل أعرف أقول "يا للهول" ومثل هذه الكلمات التى اشتهر بها، فمن المستحيل أن ينجح أى ممثل فى تجسيد شخصية يوسف وهبى، يضاف إلى ذلك أننى كنت أعشق هذا الفنان العظيم وحزنت كثيرا لفراقه، خاصة أنه توفى بين يدى، وكنت أجلس معه وقت أن وافته المنية. مش عارفهم خالص! ولماذا وقع اختيارك على أحمد عز لتجسيد الشخصية التى قدمتها فى الفيلم؟ الحقيقة أنا لم أختر أحدا لأنى لا أعرف الممثلين المصريين أصلا، ويعود ذلك إلى أننى لم أشاهد سوى 4 أفلام فقط فى الثلاثين عاما الأخيرة من حياتى، ولم يكن بينهم أى فيلم مصرى. لذلك فأنا لا أعرف أحمد عز أو غيره من الممثلين سواء الذين سيشاركون معى فى الفيلم أو غيرهم من الممثلين، وهذا حدث لأنى لا أتواجد فى تجمعات الوسط السينمائى، ولا أعرف فيه أحدا. هل هذا معقول؟ "أسمع الكلام.. زى ما بقولك كده.. هى دى الحقيقة". ثم استطرد قائلا: ولكن أحيانا أشاهد التليفزيون فيصادف وجود فيلم لأحدهم فأتفرج على عدد مشاهد ثم أغير المحطة. ورغم أننى أقرأ فى الصحف أسماءهم وأخبارا عنهم، فإننى لا أعرف من تكون هذه الشخصيات فى الواقع ولا أعرف أفلاما لهم. "يعنى فيه واحد، يمكن أشهر واحد فى مصر بس أنا ما اعرفهوش خالص ولا شفته ولا مرة حتى فى التليفزيون، وصمت قليلا يتذكر اسم هذا الممثل، وعندما ذكرته بأسماء النجوم فى مصر، قاطعنى قائلا: "أيوه هو ده" كريم عبدالعزيز، لم أكن أعلم أن هناك ممثلا مصريا ونجما كبيرا اسمه كريم عبدالعزيز، وعندما قرأت عنه فى الصحف ووجدت الكثير يهتم به، سألت المخرجة إيناس بكر من يكون كريم عبدالعزيز، فقالت إنه نجم السينما المصرية من الثمانية الكبار. وتابع كلامه المثير قائلا: هى تقول ذلك، تسمى لى نجوم السينما المصرية الآن "الثمانية الكبار"، وضحك وبصوت منخفض قال: "بس أنا مش عارفهم خالص". ولكن كيف سيجسد أحمد عز شخصيتك دون أن تلتقى به؟ بالمناسبة أحمد عز ليس مطالبا بأن يقلدنى ويظهر فى الفيلم الجديد كما كنت فى الفيلم الأصلى، وعليه أن يقرأ السيناريو الذى يكتبه يوسف معاطى أولا ثم يقدم الشخصية بمزاجه وطريقته الخاصة، ثم إننى لم أكن راضيا عن نفسى فى هذا الفيلم حتى أدعوه ليقلدنى، فكنت أبدو وكأننى "أهبل" فى كثير من المشاهد. ويجب أن أعترف أن يوسف وهبى هو سر نجاح هذا الفيلم، الذى كتبه محمد أبوسيف بطريقة كوميدية رائعة، فبدا الفيلم دمه خفيفا جدا، وساعد فى نجاحه أن مخرجه فطين عبدالوهاب من أهم مخرجى الكوميديا فى تاريخ مصر. لا ترضى عن دورك فى "إشاعة حب" رغم أنه أحد الأفلام المعدودة التى قدمت فيها شخصية كوميدية؟ قناعتى أننى إذا قدمت هذه الشخصية الآن فلن يكون بنفس الطريقة التى ظهرت بها خلال أحداث الفيلم، وفيما يخص عدم تقديمى أدوارا كوميدية كثيرا خلال مشوارى، فقد لاحظت ذلك مؤخرا رغم أننى أحب الكوميديا جدا، وبارع فى تقديمها، وكنت قد قدمت مسرحية فى لندن استمر عرضها 15 شهرا متواصلة فى أحد أشهر مسارح لندن، ورغم أننى كنت البطل والنجم الوحيد المعروف فيها، فإنها أعجبت الجمهور جدا، واستمر عرضها فترة طويلة، وبسبب نجاحها الشديد وعرضها 7 مرات أسبوعيا لم أستطع التحرك من لندن خلال فترة عرضها إلا أن رزق ابنى طارق بنجله الأول عمر فقررت أن أترك المسرحية وأسافر إلى كندا البلد التى ولد به. المسافر ما تقييمك لتجربة «المسافر»؟ غضبت عند مشاهدتى "المسافر" فى مهرجان فينسيا بسبب عدم رضاى عن المرحلتين الأولتين فى الفيلم، ولم أغضب لأنى لم أظهر فيهما ولكن لأنهما تم تنفيذهما بشكل غير صحيح، وأرى أنهما كانا يتطلبان مجهودا وحرفية أكثر. ورغم أننى عندما قرأت السيناريو قبل تصوير الفيلم أعجبت بفكرته جدا، واستهوتنى لأنها تبحث فى حياة إنسان بسيط فى ثلاثة أيام بين كل يوم والثانى 25 عاما، وبدأ تصوير الفيلم بالجزء الذى ظهرت فيه، والحقيقة أنا راضٍ عنه كل الرضا. لكن هذا لا ينفى أننى أصبت بصدمة عند مشاهدتى الفيلم فى فينسيا، فكانت مفاجأة بالنسبة لى أننى لست بطل الفيلم، ورغم أننى قرأت السيناريو بالكامل، فإننى لم أتصور أبدا أن يخرج بهذا الشكل. هذا يعنى ذلك أنك تتبرأ من هذا الفيلم؟ أعتقد أن المخرج كان أمامه فرصة لتصحيح كل أخطاء الفيلم فى الفترة بين عرضه فى فينيسيا وحتى الآن، لكنى فى النهاية لا أستطيع الحكم على الشكل النهائى للفيلم لأنى لم أشاهده بعد تعديله. لكن بشكل عام أوافق النقاد الذين هاجموا الفيلم فى أنه ليس سهلا، ومقتنع أيضا بأن الجمهور لن يحبه عند مشاهدته، ولا أعتقد أنه سيحقق أكثر من 3 جنيهات إيرادات. لم يصل أحد للعالمية غيري كيف تقيم بعض محاولات النجوم المصريين نحو العالمية؟ ما فيش حد راح على العالمية خالص، ما فيش ممثل مصرى غيرى وصل للعالمية. واستطرد حديثه: لا أعتقد أن هناك ممثلين مصريين يصلحون للعالمية لأنهم جميعا يفتقدون التحدث جيدا بلغة الغرب. وأنا بذلك لا أشكك فى إمكاناتهم التمثيلية، بالعكس نحن لدينا فنانون قدراتهم التمثيلية توازى فى نضجها نجوم هوليوود، ولكن ممثلينا جهلاء لا يتحدثون لغات الغرب بطلاقة. لذلك تجد أنهم مرشحون فقط لأدوار صغيرة جدا فى الأفلام لتجسيد شخصيات عرب، وللعلم لا يلجأ المخرج الأجنبى للاستعانة بممثلين عرب إلا عندما يكون يريد وجها عربيا فى الفيلم، وليس لأنه يريد هذا الممثل. لكن لا أحد من هؤلاء يصلح لتقديم فيلم عالمى من بطولته مثلما فعلت، فأنا قدمت بطولات مطلقة كثيرة ليس فقط باللغتين الفرنسية والإنجليزية اللتين أجيدهما بطلاقة منذ طفولتى، ولكنى قدمت بطولات أفلام بكل اللغات والجنسيات مثل الروسية والألمانية وغيرهما من الجنسيات. وكان حظى جيدا أن أهلى كانوا أغنياء، فعلمونى فى مدارس فيكتوريا الإنجليزية التى كانت الأفضل فى هذا الوقت، لأن مصر حينها كانت محتلة من الإنجليز، وللعلم أحمد رمزى تعلم معى فى نفس المدرسة. ولكن كثيرا من هؤلاء الممثلين يشكون عدم النزاهة فى الحصول على الفرص؟ أى فرص التى يتحدثون عنها، السينما المصرية ليس لها قيمة عالميا، وجمهورها وروادها فى الوقت الحالى من الشباب، أما الكبار فيستسهلون ويفضلون الجلوس أمام التليفزيون، وإذا نظرنا إلى الشباب المصرى الذين يمثلون الجمهور الحقيقى للسينما فستجدهم لا يريدون مشاهدة أفلام جادة إطلاقا، وتنحصر اختياراتهم بين أفلام الكوميديا وأفلام العرى والإثارة، فإذا ما قدمت له فيلما يحمل فكرة، ولا يضم مشاهد عرى أو بعض الإيفيهات الكوميدية لن يدخل السينما. وهل الوضع كان مختلفا فى سينما الأبيض والأسود؟ ياااه زمان.. أنا فاكر على أيامى قبل أن أسافر إلى أمريكا، لم تكن المرأة تتعرى بفجاجة مثل ما يحدث هذه الأيام، وكانت الرقابة شديدة جدا وصارمة، حتى "القبلات الساخنة" كانت تقريبا مستحيلة، وعندما يعرض فيلم وبه "قبلة" كانت الدنيا تقوم ولا تقعد اعتراضا على ذلك، أما الآن فالرقابة لا تردع أحدا وتتركهم يفعلون ما يحلو لهم. أسطورة ستتكرر وهل توافق على مقولة "عمر الشريف أسطورة لن تتكرر" خاصة أن أحدا لم يصل لمكانتك رغم فرق الأجيال؟ أسطورة آه.. لن تتكرر لا.. لأنه من المؤكد أنه سيأتى يوم يأتى فيه ممثل مصرى عالمى مثلى، ولكنى لا أعرف متى سيأتى هذا اليوم. والفرق بينى وبين الممثلين الآن أننى تعلمت اللغات فى طفولتى ومثلت على خشبة المسرح فى المدرسة، ورغم أن أهلى عارضوا فكرة أن أكون ممثلا فى البداية، ولكنى هددت بالانتحار حينها، فوافقوا خوفا من أن أنفذ تهديدى لأننى ابنهما الوحيد. هناك من لا يعلم النجاحات التى حققها عمر الشريف فى العالمية.. إلى أى مدى يضايقك ذلك؟ أنا لا أمثل حتى يقال إن عمر الشريف وصل للعالمية وحقق إنجازات كثيرة وحصل على عدد كبير من الجوائز، ولكن لأن هذه شغلتى، فمثلا أنا منذ عام ونصف العام لم أعمل، والسبب أننى للأسف لا أجد سيناريو جيدا أبدأ تصويره، لذلك أرفض كل ما يعرض علىّ. لأنى فى مرحلة عمرية يجب أن تكون الأفلام التى أقدمها «عدلة» ومحترمة، وأنا شخصيا لم يعد لدىّ أى مزاج أن أذهب إلى الاستوديو كل يوم لأصور مشاهد ليس لها معنى. فى تصريح لك قللت من شأن العالمية ووصفتها بأنها وهم كبير يلهث وراءه الكثيرون ممن لا يعلمون أنها مجرد ضربة حظ؟ كان حظا بالطبع أنهم أخذونى فى فيلم "لورانس العرب" ممثلا، ولكن لم يكن حظا أبدا أن أترشح عن هذا الدور للأوسكار، بالإضافة إلى جائزتين جولدن جلوب عن نفس الفيلم. وليست هذه الجائزة فقط التى حصلت عليها خلال مشوارى الفنى وإنما حصلت أيضا على جائزة جولدن جلوب ثالثة عن فيلم "دكتور جيفاجو"، الذى حصلت عنه أيضا على جائزة أفضل ممثل فى ألمانيا، وحصلت على جائزة سيزر وهى توازى الأوسكار فى فرنسا، كما حصلت على جائزة الأسد الذهبى من مهرجان فينيسيا، وغيرها الكثير من الجوائز. هل تشعر بالحزن لأنك لم تحصل على الأوسكار؟ لم أحزن لأنهم يختارون واحدا من أفضل 5 ممثلين على مستوى العالم، وكان هذا الترشيح عن أول فيلم لى فى العالمية "لورانس العرب"، وكنت أجسد فيه شخصية عربى يركب جملا، فقالوا وقتها لن نمنحه الأوسكار لأنهم اعتقدوا أن ركوب الجمال سهل بالنسبة للعرب، وأن هذه شغلتى فى مصر، رغم أننى لم أركب جملا فى حياتى قبل هذا الفيلم. دائما ما تهاجم التمثيل رغم أنها مهنتك.. لماذا؟ لأن التمثيل ولا حاجة، فالممثل ليس أكثر من "بلياتشو"، يقف على خشبة المسرح يحفظ بعض الكلمات ويرددها.. فالممثل ليس شيئا مهما فى العالم، ومن الممكن الاستغناء عنه، لأن الحياة بدونه لن تتغير أو تفرق كثيرا، لكن أبدا لا نستطيع الحياة بدون العلماء والمكتشفين أمثال الدكتور المصرى العظيم مجدى يعقوب الذى أتشرف بصداقته. خلاف مع رشدي أباظة النجم أحمد رمزى قال فى حوار سابق معنا إنه حاول كثيرا الصلح بينك وبين النجم الراحل رشدى أباظة ولكنه فشل؟ رشدى أباظة كان صديقى، ولم أكن أكرهه كما يردد البعض، وكنا دائما نلعب بلياردو معا.. وكان سبب خصامه معى أننى ذات مرة انتقدت تقديمه فيلما مع راقصة، لم يكن يلعب فيه دور البطولة، وكان رشدى فى هذا الوقت يشارك فى أدوار ثانوية، فقلت له: كيف توافق على المشاركة فى فيلم بدور صغير مع راقصة وكان خطأي عندما قلت له "ما حدش هيدخل يشوف الفيلم الزبالة ده"، فى هذه اللحظة ثار جدا وغضب ولم يتكلم معى بعدها حتى وفاته. وأنا حزنت جدا لأنه لم يكن يصح أن أقول له ما قلت، ولكننى كنت على استعداد أن أتصالح معه ونعود صديقين، إلا أنه رفض التصالح معى حتى يوم وفاته. كيف حافظت على صداقتك مع أحمد رمزى كل هذه السنوات؟ أنا ورمزى صديقان منذ الطفولة، وكنا نخرج ونسهر ونعمل معا، ولا نترك بعضنا البعض إطلاقا، لذلك أصيب بصدمة كبيرة عندما قررت السفر إلى أمريكا لأشق طريقى نحو العالمية، وادعى أن الفراغ الذى تركه سفرى فى حياته هو ما جعله صديقا مقربا لرشدى أباظة. ورغم أننى افتقدته أيضا خلال رحلتى التى استمرت ما يقرب من 15 عاما فإننى لم أكن أستطيع العودة إلى مصر، لأن جمال عبدالناصر كان يشدد على تأشيرات السفر قبل الخروج من مصر، فقررت ألا أعود فى عهد عبدالناصر حتى أستطيع تنفيذ مشاريعى فى الخارج خاصة أننى فى هذا الوقت كنت قد وقعت على عقود أفلام كثيرة لمدة 7 سنوات متتالية بعد نجاحى الكبير فى "لورانس العرب". ومتى قررت العودة؟ لم أفكر فى العودة إلى مصر إلا بعد أن أتصل بى الرئيس الراحل أنور السادات وكنت فى هذا الوقت بفرنسا، ورغم أننى لم يكن لى به سابق معرفة ولم ألتقه على الإطلاق، إلا أنه قال لى بطريقته المعروفة "يا عمر.. ابنى هيتجوز بعد أسبوع، ولو ما جتش هاخصمك". واستطرد الشريف كلامه ضاحكا: قال لى فى التليفون إنه سيخاصمنى، فقلت له سوف أحضر، وبالفعل وصلت مصر فى اليوم الذى تزوج فيه ابن الرئيس السادات، والسادات كان يحبنى كثيرا، ولأننى كنت أريد الحفاظ على صداقتى به رفضت طلبه بتقديم فيلم عن حرب أكتوبر، لأننى لم أكن أضمن نجاح هذا العمل.