قال العالم المصري أحمد زويل إن سؤالا يدور في أذهان جميع المصريين هو "إلى أين تتجه مصر؟" وكشف زويل في مقال كتبه بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور أنه سمع هذا السؤال من سائق سيارة أجرة قبل أقل من شهرين على الانتخابات التشريعية، وهو يعكس الانشغال السائد في مصر. وأوضح زويل أن هناك تحديين حاسمين أمام مصر، الأول هو تقوية مسار الانتقال الديمقراطي عبر ترسيخ الوحدة بين جميع المصريين، والثاني يتعلق بتحقيق الالتزام في منطقة الشرق الأوسط وهو ما يدعمه الرأي العام المصري.
وقال زويل إن الطريق إلى الديمقراطية في الشهور التي تلت سقوط مبارك كان شائكا، لكن روح التفاؤل عند المصريين كانت عالية، فهو يذكر كيف أن الآلاف اصطفوا في ساحة التحرير قبل مدخل الجامعة الأميركية لحضور إعلان المشروع الوطني للنهضة العلمية وبناء المدينةالجديدة للعلوم والتكنولوجيا، وقال إنه يحس بأن مصر يجب أن تنضم إلى مسيرة المقبل التي أوقفتها الدكتاتورية.
وأضاف أن هذا التفاؤل اهتز باعتصام ضخم في آخر جمعة من شهر يوليو عندما طالب الإسلاميون بتطبيق الشريعة وانتشار أعلام تشبه العلم السعودي لدرجة أن البعض قال إن بن لادن موجود في ميدان التحرير، ثم جاء حادث اقتحام السفارة الإسرائيلية الذي تلى مقتل جنود مصريين في شبه جزيرة سيناء، وهو ما دق جرس إنذار في أميركا بشأن أمن إسرائيل ومستقبل عملية السلام.
وأوضح زويل أنه يبقى متفائلا بمستقبل مصر رغم هذه الأحداث، فالمصريون لم يعودوا خائفين من حكامهم، ويعرفون كيف يتظاهرون وهم مصرون على تغيير طريقة الحكم، لكن هناك بعض الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار.
ويشرح زويل أول هذه العناصر وهو ضرورة تركيز المجتمع على أهدافه بعيدة المدى، وانتقد الإعلام بسبب استمراره على نهجه السابق وتسببه في تشتيت طاقة المجتمع، فما تحتاجه مصر هو الحديث البناء بشأن المواضيع الأساسية مثل مبادئ الدستور، وتنقيح المناهج التعليمية وتنشيط الاقتصاد المتوقف.
أما العنصر الثاني فهو دعوته إلى عدم اعتبار شريحة كبيرة من المصريين من أتباع مبارك، بل هم مواطنون مصريون لهم طاقة وموارد يجب أن تفيد مصر.
وتحدث زويل عن موضوع تأمين الديمقراطية، فقال إن الالتحام الذي أبداه المصريون وهم يرفعون نداء "الشعب يريد إسقاط النظام" يجب أن يعود للتغلب على الانشقاقات والخلافات التي تسود الشارع حاليا.
كما قال إن الأصوات الداعية لإنهاء معاهدة السلام مع إسرائيل لم تكن مرفوعة في اعتصام ميدان التحرير، ومن الخطأ الاستجابة لهذه الأصوات الآن، وأن ما تسبب في مهاجمة السفارة الإسرائيلية هو مقتل الجنود المصريين بسيناء، وبيانات الدعم الإسرائيلي لمبارك.
الالتحام الذي أبداه المصريون في ميدان التحرير يجب أن يعود للتغلب على الانشقاقات والخلافات التي تسود الشارع حاليا
كما أشار زويل إلى ضرورة عمل الجيش والحكومة من أجل وضع خريطة طريق واضحة للشهور المقبلة، وقال إن الشعب المصري يحترم جيشه كثيرا، لكنه يخشى من أن يبقى المجلس العسكري هو القوة السياسية التي تحكم الفترة الانتقالية.
وقال إن أفضل طريقة لتبديد هذه الشكوك هي خطاب واضح من المجلس العسكري بشأن جدول زمني للانتخابات القادمة وموقفه من قانون الطوارئ والمحاكم العسكرية وموضوع انتخاب المصريين في الخارج، وعليه أن يحدد كيف ومتى ستكون هناك حكومة جديدة؟ لأن اعتصامات ميدان التحرير متواصلة والبلاد تحتاج الاستقرار والأمن.
واقترح زويل فكرة لسد الهوة الموجودة، وقال إن تأسيس مجلس من شخصيات مرموقة يمكنها التوسط بين المجتمع المدني والنظام الحاكم بينما تأخذ المرحلة الانتقالية موقعها، وأعطى مثلا ببولندا حيث كانت "المائدة المستديرة" وسيطا بين نقابة التضامن والحكام العسكريين وقادت المرحلة الانتقالية إلى الديمقراطية وذلك مع نهاية الحرب الباردة.
وأضاف أن الاحتقان الحالي يهدد بنشوب ثورة اقتصادية أو ثورة الجياع وحينها قد لا يمكن التحكم في فوضاها، ولهذا يجب التعامل مع الفترة الانتقالية بحذر بالغ.