أثارت أزمة النائب العام الأخيرة، وتمسكه بالبقاء فى منصبه، وعدم قبوله لقرار تعيينه سفيرا لمصر فى الفاتيكان، جدلا كبيرا يتعلق فى الأساس بالحصانة الممنوحة للنائب العام، وهو ما انعكس على تساؤلات الشارع حول مدى مشروعية تعيين النائب العام فى منصب جديد أو إقالته، وما ينص عليه دستور 1971 والدساتير السابقة، ووضعه فى الدستور الجديد. ولتوضيح الأمر، قال الدكتور محمد محيى الدين -مقرر لجنة الدفاع والأمن القومى المنبثقة عن لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور-: إن المادة الخاصة بالنائب العام فى باب السلطة القضائية فى الدستور الجديد تنص على أن "النائب العام يختاره المجلس الأعلى للقضاء، ويرشح اسمه لرئيس الجمهورية، الذى يصدر قرارا كاشفا وليس منشئا بتعيينه، ولا يجوز عزله أو إقالته". وأضاف محيى الدين، أن أعضاء لجنة نظام الحكم أجمعوا على أنه لا حاجة إلى وضع أسلوب لعزل النائب العام؛ لأن ذلك أمر يملكه المجلس الأعلى للقضاء من خلال لجان التأديب. وأشار إلى أن دستور 1971 ينص على أن "القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأى سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة، ويحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصها وينظم طريقة تشكيلها، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم..."، كما ينص على أن "القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبيا، ولا يجوز لأى سلطة عزل النائب العام باعتباره منصبا قضائيا". وهو ما اتفقت معه بعض الدساتير السابقة، مثل: دستور 1964 الذى أعطى للقانون حق تنظيم وظيفة النيابة العامة واختصاصاتها وصلتها بالقضاء. وأوضح محيى الدين، أن الدستور منح تلك الحصانة للنائب العام؛ لأنه هو الذى ينوب نيابة عامة عن المجتمع فى تحريك الدعاوى الجزائية والادعاء فيها أمام المحكمة المختصة، ويوكل فى ذلك إلى مجموعة من الأشخاص يسموْن "وكلاء النائب العام" أو "وكلاء النيابة"؛ إذ لا يملك المجنى عليه فى الواقعة تحريك الدعوى الجنائية بنفسه عدا الادعاء مدنيا أمام المحكمة لطلب التعويض المادى أو الأدبى. وقال: إن القانون، طبقا للدستور، يقرر أن النائب العام غالبا ما يكون بدرجة وزير، وعضوا فى المجلس الأعلى للقضاء، وتكون مسئوليته الوظيفية أمام رئيس الدولة مباشرة، وليس أمام وزير العدل، حيث يعين بقرار من رئيس الجمهورية، ولا يحق لأى شخص عزله أو إقالته من منصبه، فمنصب النائب العام منصب قضائى بحت كونه عضوا فى السلطة القضائية، ولا يتصل أو يتبع وزير العدل الذى هو عضو فى السلطة التنفيذية؛ إعمالا للمبدأ الدستورى المعروف "الفصل بين السلطات". وأضاف أن القانون ينظم عمل النائب العام، فهو صاحب الدعوى الجنائية، وهو النائب العمومى المختص بالدفاع عن مصالح المجتمع، وأى جريمة تقع على أرض مصر أو خارجها، ويكون أحد أطرافها مصريا، يحق للنائب العام تحريك الدعوى الجنائية فيها، وباعتماد تعديل قانون السلطة القضائية عام ????، أصبح النائب العام غير خاضع لسلطة وتبَعية وزير العدل، وإنما لرئيس الجمهورية مباشرة. وقال مقرر لجنة الدفاع والأمن القومى المنبثقة عن لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور: إن النائب العام حينما أكد فى تصريحات صحفية رفضه للمنصب الجديد سفيرا لمصر فى دول الفاتيكان، لا يستطيع أحد أن يخالف هذا إلا بتشريع من الرئيس من خلال تعديل قانون السلطة القضائية، وهو ما تفهّمه رئيس الجمهورية الذى قبل الالتماس الذى قدمه المجلس الأعلى للقضاء، وقبِل بإعادته إلى منصبه مرة أخرى.