لاشك بأن الإطار العام قد أكتمل للبيت الفلسطيني وأصبحت منظمة التحرير كاملة ، بعد دخول حركة المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى ، فالإنجاز الفلسطيني بدأ بتوحيد صفوفه وإرجاع ثقته بالشعب الفلسطيني أولاً وبنفسه ثانياً ، حتى يكون قادراً على مواجهة الإحتلال الإسرائيلي المتعنت والذي يُصر على بناء المستوطنات خارج الجدار العازل ، بالإضافة إلى عرقلته إنضمام دولة فلسطين لهيئة الأممالمتحدة. وفي هذه الفترة كان هناك شرخ في الصف الفلسطيني وعانى الشعب كثيراً رغم معاناته من قبل الإحتلال، أضيف إليه معاناة أخرى وهي الانقسام الذي وضع حداً بين الأشقاء ، والذي أدى بعد ذلك وجود فوضى بين التيارين وحملات التشويه التي رأيناها عبر وسائل الإعلام في فترة الإنقسام. فعلى الرغم من الشعبية الواسعة التي تتمتع بها حماس داخل المجتمع الفلسطيني إلا انه أحدث فصل بين مؤيديها ومؤازريها ، وأيضاً كما هو الحال لدى له حركة فتح في ذلك الحين، إنقسم المجتمع الفلسطيني إلى قسمين بين مؤيد لأعمال التي تمارسها حماس بالقطاع وبين ما تمارسه فتح بإسم السلطة في الضفة وسياسة الفصل التي إتخذتها الجانبين بحق أبناء الشعب الفلسطيني ، بفصل الموظفين من أماكن عملهم بحجة عدم التثبيت لكن الشعب ليس مغفلاً عن قضاياه فهو يعرف أن الإنتماء الحزبي أصبح وسيلة مهمة للتوظيف ، بالإضافة إلى ذلك الإعتقال السياسي وغيرها من الممارسات ، فالشعب الفلسطيني هو من عانى وتألم والذي لا يزال يتدحرج بين قياداته. فما حصل كان له تأثير مرير في نفوس الشعب الفلسطيني ، وكارثة حلت عليه منذ الإنقسام، فكانت مصيبة كبيرة منذ ذلك الحين حتى أخر يوم عقد فيه الأشقاء مؤتمراً للمصالحة، برعاية الجمهورية المصرية لإنهاء الخلاف الذي دام أكثر من أربع سنوات ، سنوات مؤلمة في تاريخ النضال الفلسطيني ومقاومته. فالربيع العربي الآن كان له أثر في توحيد الشعب الفلسطيني وإنجاح المصالحة الفلسطينية ، وإن كانت الجهود المصرية في عهد الرئيس المخلوع واقفة أمام تحقيق هذا الإنجاز لأسباب سياسية وإقليمة ، إلا أن مصر ستبقى الراعي الرسمي والحضن الدافي للشعب الفلسطيني. حيث بدأ الإنجاز الفلسطيني ذروته رغم تشتته بين الحين والآخر ، إلا أنه ثابت في مساره بتحقيق المصالحة وما يحدث من خلال تلك اللقاءت المتكررة للوصول إلى صيغة نهائية للمصالحة ترضي جميع الأطراف ، وسنرى ماذا حقق الفلسطينيون لترتيب بيتهم الفلسطيني وماذا أنجزوا لخدمة شعبهم ، الذي يتمنى من أن تنهي قياداتهم الوطنية الخلاف الحزبي والسعي لبناء الدولة الفلسطينية. لكن المصالحة لن تكتمل بهذا الإنجاز الفلسطيني فحسب، تبقى هناك قضايا شائكة نأمل بالخروج منها في أسرع وقت ، وهي قضية المعتقلين السياسين لدى سجون السلطة في الضفة، وحماس في غزة ، حتى يتم إنهاء ما تبقى من آثار الإنقسام الذي عاشه الشعب الفلسطيني منذ سنوات طويلة. حتى اللحظة لم تتطرق حماس والسلطة إلى مبادرة حسن النية من كلا الطرفين ، للتنازل عن إخلاء سبيل الأسرى المعتقلين ، وبماذا ينتظر هؤلاء لكي يتم الإفراج عنهم ؟ وهل ينتظر هؤلاء القادة أن يأتي طرف اّخر لتحريك المصالحة وإتمامها أم ينتظروا للمساومة عليهم بالأموال والمناصب ؟ هذا ما يؤسفنا جداً لأن لدى الطرفين إرتباك وتوتر من سيخدم من وكأن هناك شي ما يؤخر تلك المصالحة. فقضية المعتقلين السياسيين يجب أن تكون ضمن أولويات المصالحة الفلسطينية وعلى رأس أولويات تلك اللقاءات التي يتم عقدها ، لكي يتم إنجازها بسرعة وحتى يتمكنوا من بناء الجسم الفلسطيني وتوحيده ، عليهم النظر في تلك القضية الهامة وترتيب برنامج للخروج من تلك الأزمة التي ستقف عائقة أمام المصالحة. منذ أشهر والشعب الفلسطيني ينتظر والمشكلة يبقى الوضع كما هو ، ونحنُ نشرف على عام جديد ، ندعو قياداتنا إلى النظر بقضيتنا وعدم إهمالها والسعي الجاد وترك المصالح الشخصية لإنهاء اّثار الانقسام.