لاشك بأن الثورة السورية أخذت مساراً عكس الثورات التي شاهدنها في المنطقة العربية فعصابة الرئيس السوري لا تزال تعمل على مراوغة ومباغتة الشعب السوري وإرهاقه بالقتل والتعذيب والتخويف وهذه هي السياسة المتعبة في أنظمة الحكم الاستبدادية داخل النظام العربي المتعارف عليه. فالاتفاقية التي تم توقيعها قبل أيام مع الجامعة العربية لم تجد نفعاً حتى الاّن ، فعمليات القتل مستمرة وما حدث بالأمس خير دليلٍ على الممارسات القمعية التي يقودها الأسد وأعوانه للقضاء على الثورة ، ما حدث بالأمس من انفجارات هي خطه مدروسة من قبل تحالف النظام مع الجامعة لإلقاء اللوم على الثورة والمؤامرات الخارجية التي تتلقاها سوريا والزعم بان تلك التهديدات هي من أجل خلع النظام والقضاء على حكم الرئيس السوري بشار الأسد. فالبروتوكول العربي الذي تم توقيعه مع الجامعة العربية ظالم بكل المقاييس والمعايير المتفق عليها لأن بعثة المراقبة العربية غير متكافئة للقيام بدورها وعليها المغادرة أفضل من بقائها لأنها ستكون مسئولةً عما يجري داخل سوريا ولن تستطيع كشف الحقيقة ما دام النظام السوري مراقباً لتحركات البعثة ، و لأن عصابات الإجرام أخذت الضوء الأخضر للقيام بقتل المتظاهرين وحصلت على دعم لمواجهة الثورة بكافة الأشكال منذ توقيع البرتوكول "العربي الظالم" ، والذي أعطى انحيازا كبيراً لبقاء الأسد ودفعه معنوّيا وغطاءً لأفعاله الإجرامية. ومع ذلك لم تتعظ الجامعة العربية إلا انها تدور في فلك الأنظمة المستبدة وتلبي كافة مطالبهم ، وتعمل على تنفيذ قرارات هذه الأنظمة رغم عدم شرعيتها شكلياً وعملياً وإدارياً ، وتبقى بجانبها رغم سقوط الشهداء في جمعة "بروتوكول الموت" فعلى الرغم من توقيع البرتوكول ووصول المراقبين إلى سوريا ، بقي الحال على ما هو عليه فالمجازر كانت ولا تزال وعمليات التنكيل موجوده ولم يطرأ انخفاض على سقوط القتلى في ظل وجود البعثة الهشة ! فجمعة الأمس خير مثال على عدم شفافية الجامعة العربية ونزاهتها وشرعيتها أيضا. فالقرار كان خاطئاً منذ البداية وليس من حق الجامعة إعطاء هذا الأمر وتوقيعه على حساب دماء الأطفال والشيوخ والشباب المطالبين بالحرية ، فسوريا تشهد دماراً من قبل النظام الاستبدادي العلوي الذي يقوده مجموعة إرهابية ويرأسه الأسد وبإشرافه تتم عمليات القتل والتعذيب على حساب من تعمل الجامعة العربية وقراراتها الهشة ؟. فالشعب السوري ينتظر بأن تكون الجامعة العربية أكثر حياداً وأن تكون ممثلة للشعوب العربية المطالبة بالتغيير الشامل ، وإيجاد نظام بديل يراعي حرية الرأي والتعبير ، وخلق دستور يشمل مشاركة كافة الأحزاب السياسة والخروج من تلك العبودية التي حكمت وتجبرت على شعوبها ، فسلاح تلك الأنظمة لم يستخدم يوماً ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ توليها الحكم ، واليوم تعمل على توجيه السلاح الذي صدأ وتفعيله ضد الأبرياء من أبناء الشعب السوري ، ليس فقط سوريا بل في مصر واليمن. وما نراه اليوم من تصعيد الأنظمة العربية ضد إرادة الشعوب خيرُ مثال على عدم رغبتها بحرية مواطنيها وكرامة شعوبها ، بل إدخاله في عوامه يصعب الخروج منها مع صعود الاسلاميين إلى الحكم ،فخوف تلك الأنظمة ليس من الثورة فحسب، بل من وصول الإسلاميين إلى الحكم والخوف على مصالحهم ومحاسبتهم ، كما تم محاسبة المستضعفين والفقراء خوفاً من أن يقوم الإسلاميون بإرجاعهم إلى السجون ، وإلى تعذيب لكي نعيد سيناريوهات الماضي وكيف كانت تلك الأنظمة تعمل على تعذيب الإخوان المسلمين في مصر وسوريا واليمن وغيرها. هذا ما نشاهده حالياً في ميدان التحرير الذي أسقط حكم التوريث المزعوم والطاغية فرعون مصر ، إلا أن النظام لم يتم القضاء عليه بوجود المشير طنطاوي ومجلسه الغير شرعي ، وممارساته الغير أخلاقية وادعاءاتهم الباطلة لتغيير صورة الجيش ، وما حدث في ميدان التحرير من تعذيب المواطنين وأطلاق النار بشكل مباشر على المواطنين وسياسة الضرب المبرح التي تعرضت له الفتاة المصريه ، هو دليل على خوفها وعدم شرعيتها فالمجلس العسكري يعرف من هم الأشخاص الذين قاموا بتلك الأعمال وإلى أي جهة ينتمون ، وكأننا نعيش الثورة المصرية في أولى أيامها. فالجامعة العربية لا تفيد شعوب المنطقة التي تمثلها فبقاء الجامعة كبقاء النظام العربي المستبد ، فإعادة تشكيل الجامعة العربية من جديد يجب أن تكون ضمن أولويات الثورة ، حتى يكون هناك تغيير شامل للمنطقة العربية وحتى تكون الشعوب راضية من تحقيق إنجازات الربيع العربي.