رصاصات الغدر والخسة التي انطلقت في نجع حمادي وأودت بحياة مواطنين أقباط أبرياء كانوا يحتفلون بعيد ميلاد المسيح، تتطلب إعادة فتح ملف التجارة غير المشروعة للسلاح في مصر، التي تقدر أرباحها بمئات المليارات، وتفوق مكاسبها تجارة المخدرات والرقيق الابيض، وأهم زعمائها قادة سابقون بأجهزة مخابرات لدول كبري، وضحاياها بالآلاف.. في كل جريمة كبري يهتز لها قلب مصر يقف وراءها أوخلف الكواليس تجارالسلاح ، فلولا وجود سوق السلاح »غير الشرعي« في مصر لما حدثت وقائع الاعتداء علي السائحين واغتيال كباررجال السياسة أمثال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب السابق، واغتيال ضباط الشرطة وجرائم الثأر في الصعيد. فحسب آخر إحصائية لوزارة الداخلية لعام 9002 تم ضبط أكثر من 02 ألف قطعة سلاح خلال الحملات الأمنية، ومن المعروف أن مايتم ضبطه عادة نسبة 04٪ من عدد الاسلحة التي يتم تهريبها الي مصر بطرق غير شرعية. بداية يري لواء شرطة متقاعد عادل حسين أن ظاهرة انتشار تجارة وتهريب الاسلحة لمصر واستخدامها في جرائم إرهابية أصبحت ظاهرة مقلقة لجميع أجهزة الأمن المصري علي مر السنين والاعوام، وتأتي في أول اهتمامات كل أجهزة الأمن المصرية، نظرا لخطورة استخدام السلاح في جرائم ضد أمن الدولة، وفي تنفيذ المخططات الاجرامية له وزعزعة الأمن والاستقرار في مصر. وأضاف العميد عادل حسين، أنه لوحظ في الآونة الاخيرة كثرة استخدام الاسلحة غير المرخصة والمهربة في حوادث اعتداء وإطلاق نيران علي أفراد وضباط الشرطة، والتي راح ضحيتها في السنوات الاخيرة عشرات الشهداء من رجال الشرطة، ورغم الجهود الجبارة التي يبذلونها لوقف تهريب السلاح إلا أن عمليات التهريب تتواصل. أما اللواء سراج الدين الروبي، مدير مكتب الإنتربول السابق بالقاهرة، فيري أن تجارة وتهريب السلاح بمصر تقوم بها أجهزة مخابرات لدول معادية لمصر بهدف هز الأمن والاستقرار بها، عن طريق ضرب السياحة ومصادر الدخل القومي وبهدف زعزعة عمليات التنمية الاقتصادية، حتي تظل مصر دائما مشغولة بالقضايا الفرعية بعيدا عن التنمية الاقتصادية وللنيل من مكانة مصر الحقيقية، مضيفا أن هناك تحالفا قائما من عصابات تهريب المخدرات وعصابات تهريب الاسلحة غيرالشرعية، خاصة حاجة عصابات تهريب المخدرات للاسلحة لحماية وتأمين عمليات التهريب، وظهر أثر ذلك في المواجهات الاخيرة التي راح ضحيتها اللواء الراحل ابراهيم عبد المعبود مدير مباحث السويس، أثناء مطاردته أفراد عصابة تهريب مخدرات بالسويس. ظاهرة تهريب وتصنيع الاسلحة غير الشرعية في مصر، أصبحت في السنوات القليلة الماضية من أخطر الظواهر علي الأمن والاستقرار المصري، فلولا وصول الاسلحة لأيدي الخونة والعملاء والإرهابيين لما وقعت تلك الحوادث المروعة والتي راح ضحيتها الآلاف من الآبرياء، خاصة من رجال الشرطة »حراس الوطن« والمواطنين المصريين الأبرياء ضحايا القدر، وطالب »بتشديد عقوبة حيازة أوتجارة أوتصنيع الاسلحة غير الشرعية، حيث إن عقوبة تلك الجرائم النكراء يجب أن تصل للإعدام، متسائلا: هل يعقل أن تصل عقوبة تجارة المخدرات إلي الاعدام فيما لاتصل عقوبة تجارة الموت في صناعة وتهريب الاسلحة الي الاعدام؟! فمهرب أومصنع الاسلحة يعلم جيدا أن هذا السلاح الذي يقوم بتصنيعه أوتهريبه سوف بستخدم في القتل، ومن هنا يجب أن تكون العقوبة رادعة. أما الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بتربية عين شمس، فتري أن ظاهرة تهريب وتصنيع الاسلحة غير الشرعية في مصر، من أهم عوامل وأسباب زيادة وانتشار ظاهرة العنف التي أصبحت ظاهرة تسيطر علي العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع المصري.. وأضافت: أهم مظاهر تهريب السلاح الي مصر هي ظواهر القتل أخذا بالثأر خاصة في صعيد مصر، وأيضا الاعمال الرهابية، وأخطرها الحادث الاجرامي الذي وقع في نجع حمادي واهتز له قلب ووجدان كل مصري، لهول هذا الحادث البشع داعية جميع أجهزة الدولة وبخاصة »الشرطة« لمواجهة تلك الظاهرة الاجرامية الخطيرة ومحاسبة كل من تسول له نفسه العبث بأمن ومقدرات الوطن المصري الغالي والعزيز علي قلب كل مواطن مصري محب لبلده. قائمة الاسعار المطواه يتراوح سعرها من 01 إلي 02 جنيه السنج يبلغ سعرها حوالي 53 جنيها الطبنجة الفرد أوالخرطوش سعرها حوالي 021 - 081 جنيها وهذه تعمل بطلقه واحدة وسعر الطلقة مابين 2-3 جنية الطبنجة ال 9 ملي المتعددة الماركات ويكون سعر بيعها بين 0003 إلي 0053 جنيه. البنادق الآلي منها الروسي والاسرائيلي والتي تعمل بضغط الهواء عن طريق مكبس هي من النوع الحديث وسعرها 0006 - 0007 جنيه. البنادق الذاتية التعمير وتحمل خزنتها 5 طلقات نارية ومصرح بترخيصها وسعرها 0004 - 0056 جنية. البنادق النصف آليه ولايسمح بترخيصه وسعرها 0054 فرد خرطوش وفرد روسي وطبنجات صناعة محلية وهي الاسلحة الارخص لقلة امكانيتها قيامه بتحويل مسدسات الصوت عن طريق بعض الورش الي مسدسات حقيقية بعد تغير ماسورة صارب النار ويتم بيع هذا النوع بحوالي 004 جنيه. تجارة السلاح.. تجارة قديمة في الصعيد اكتسبت رواجها بحكم العادات والتقاليد في ضرورة اقتناء السلاح عند سكان الصعيد لعدة أسباب موروثة أولها لتصفية الخصوم في عادة الثأر وللحماية فيما بعد من انتقامهم، وثانيها بهدف الاقتناء والتباهي بين العائلات ذات النفوذ القبلي والاقتصادي وثالثها بهدف الحماية من الحيوانات الجبلية المفترسة مثل الذئاب التي تهاجم القري النائية القريبة من الجبال وان كان اقتناء البندقية تطور لعادة غير مصرية أدخلتها القبائل العربية الوافدة للبلاد في صورة العصا التي تلازم الرجل ويذوي بها عن نفسه ثم تطورت لتكون البندقية في منتصف القرن الماضي السلاح يساوي الرجولة مثله مثل الشارب الصعيدي لذلك لا تتعجب عندما تري عاملا زراعيا لايزيد دخله اليومي علي جنيهين معدودة يتباهي بسلاحه الآلي الذي يتجاوز ثمنه آلاف الجنيهات. والحقيقة أنه لايوجد شيء يعوق الصعايدة عن شراء السلاح حتي لو اضطروا الي رهن أراضيهم أوبيع مواشيهم وهم يلجأون الي تجار ومهربي الاسلحة للشراء منهم. مصادر الاسلحة الدروب الصحراوية بواسطة الجمال في مناطق نقاط الحدود ضعيفة الحراسة ثم يدفن السلاح في الصحراء في مغارات معروفة لهم يستخدمونها مخازن للسلاح القادم إليهم ويتم نقله تدريجيا، أما التهريب عن طريق النيل فيكون بواسطة الصنادل ويتم تفكيك السلاح وتخبئته في قيعان الصنادل ويقومون بتوصيله إلي القري المطلة علي نهرالنيل نظير مبلغ يصل إلي 006 جنيه للبندقية الالية أما الطلقات والذخائر فتحسب بالصندوق وتسلم المشترين في عرض النهر بمراكب صغيرة الي الاسلحة المهربة نوعان منها والقديم من مخلفات حرب 6591 التي قام أثناءها جمال عبدالناصر بتوزيع أسلحة الجيش علي المواطنين خوفا من سقوط القاهرة بعد أن تأزم موقفه العسكري في سيناء أصبح قاب قوسين من اعادة احتلال مصر جزء آخر من السلاح القديم مصدره الاصلي مخلفات حرب 7691 التي خلفت البنادق الآلية والرشاشات، بالاضافة الي الاسلحة المهربة من النقاط الحدودية. تأتي الاسلحة عبرالبحرالاحمر من السودان وإريتريا وبعض البواخر الامريكية وتتوقف وسط المياه في عرض البحر وتقوم بإنزال حمولتها من صناديق الاسلحة علي لانشات صغيرة.. وبعد إنزال الحمولة عليها تتجه اللانشات الي الشاطيء أمام »درب الاربعين« بالصحراء الشرقية. ثم يتم تحميلها علي السيارات ويتم تخزينها في الصحراء الشرقية بمنطقتي »حلايب وشلاتين« ويستخدم التجار الكبار والذين يطق عليهم »المعلمين« هواتف »الثريا« في الاتفاق علي نقطة التقابل داخل البحر،، أما في الصحراء فيستخدمون الهواتف المحمولة العادية.. ويتم بعد ذلك عمليات التوزيع حسب طلب »معلمين المحافظات« التي تبدأ بأسوان داخل صحراء إدفوالشرقية. ثم محافظة قنا التي لها أكثر من نقطة إنزال، فالاولي في صحراء »حجازة« والثانية فقط أعلي مصنع الفوسفات، والثالثة »جبل القناوية« والرابعة »جبل الشيخ عيسي« والخامسة »وادي اللقيطة« وبعدها محافظة سوهاج، ولها ثلاث نقط للتسليم هي »نجع البلابيش« و»الشيخ إمبادر« و»عرب مازن« أما محافظة أسيوط فلاتوجد بها مناطق لإنزال السلاح لذلك يتم إمدادها بالاسلحة والذخائر من محافظتي قناوسوهاج.. ولمحافظة المنيا نقطة إنزال واحدة هي منطقة »عرب الشيخ فضل«، وكذلك محافظة بني سويف يتم إنزال أسلحتها بمنطقة »الكريمات« والمتبقي من هذه الاسلحة يتم تهريبه إلي الإسماعيليةوسيناء يستخدم مهربو الاسلحة أنواعا معينة من السيارات في هذه الرحلات وهي »تويوتا« و »تويوتا شاسية صغير 4 شنكل موديل 4891« يتم التركيب مواتير جديدة لها و»لاندلوفر«و »لاند كروزر« ويقومون بتقليل كمية الهواء في الاطارات الي النصف ليتأقلم مع الرمال والحجارة. مراكز بيع الاسلحة أهم المناطق التي تنتشر فيها هذه الاسلحة بالصعيد قري أبو حزام وحمره دوم الضالعتين منذ عقود في الجرائم والخصومات الثأرية ونجع سعيد وفاو قبلي وفاو غرب وفاو بحري والياسينية والسمطا التي تتكون من 41 نجعا أبومناع بمركز دشنا، والشيخ علي والشعانية وعزبة البوصة والحامدية وأولاد نجم التي تتكون من 41 نجعا وشرق بهجورة التابعة لمركز نجع حمادي والحجيرات بقنا والسلامات والكرنك التابعتين لمركز ابوتشت بمحافظة قنا، وقري البلابيش قبلي وبحري والكشح والاحايوة وأولاد خلف التابعة لمركز دار السلام بسوهاج، والبداري وساحل سليم والغنايم بأسيوط ثم البدرشين وقراها بمحافظة الجيزة. موسم جمع السلاح من الصعيد يتكرر مرة أو اثنتين في السنة ويطلق عليه الصعايدة »موسم فرد السلاح« حيث تلزم العائلات في معاقل حيازة الاسلحة في الصعيد بتسليم عدد من الاسلحة وفي ذلك الموسم تقوم العائلات بجمع الأموال من أفرادها لشراء العدد المطلوب من الاسلحة من السوق السوداء وتجارالسلاح ليتم تسليمها بعد ذلك لجهات الأمن بصرف النظر عن كون هذه الاسلحة صالحة للإستخدام من عدمه فهي أقرب ماتكون كشكل من أشكال تسليم العهدة وتقفيل القضايا يستأثر صعيد مصر بنصيب الاسد من الصراعات الدموية بين العائلات والقبائل، وتسيطر العائلات الكبري علي مقدرات الامور في المحافظات التي تقطنها وتري أن اقتناء السلاح عامل رئيسي لحماية نفوذها وردع الخصوم، خريطة السلاح في صعيد مصر تضارسها معروفة للجميع، ولاتخلو قرية ولا نجع من نجوع المحافظات المنتمية للصعيد من السلاح والاكتفاء فقط، بالتدخل في حالة التدهور الأمني لجمع الاسلحة من الاهالي. وفي أسيوط يتكرر السيناريو.. سطوة ونفوذ العائلات في قناوسوهاج، إلا أن الاذهان لا تتذكر إلا جزيرة النخيلة بمركز أبو تيج والتي حولتها عائلة حنفي الي مستوطنة خاصة يحكمونها بقوانين القوة والجبروت بمساندة برلمانيين وحزبيين يشار لهم بالبنان، وفي ظل صمت من الاجهزة المعنية حتي جاءت اللحظة الفارقة والتي تجرأ فيها عزت حنفي زعيم العائلة علي قوات الامن وتحداهم في زراعة المخدرات والاتجار في السلاح وكان لابد من القضاء عليه. الامر لايقل خطورة في محافظات الوجه البحري ويزداد ويتسع في المحافظات الحدودية حيث ترسانات الاسلحة التي تقتنيها القبائل السيناوية وفي مرسي مطروح والعامرية والحمام القري والنجوع في محافظات مصر تحولت الي ترسانة عسكرية وهومايمثل تهديدا حقيقيا لأمن وأمان المواطنين. وفي عالم مثل هذا تسود فيه لغة العنف ورائحة الدم ويسيطر عليه الاقوي يصبح السلاح أيا كان نوعه هوالعنصر الحاسم سواء لدي الافراد فإن الافراط في إستخدام القوة أصبح بحد ذاته ظاهرة تنمو بشكل هستيري بديلا للرصاصة الوحيدة التي كانت تعلن عن أن هناك ثأرا قد أخذ أوأن خصومة ثأرية جديدة قد دشنت. ومعظم أبناء الصعيد ممن هم فوق سن العاشرة يجيدون استخدام السلاح، وهو ماينطبق علي نسبة كبيرة من النساء أيضا، وتكاد أفراح الصعيد أن تتحول إلي مظاهرة مسلحة، فالجميع يذهب حاملا بندقيته للمجاملة بعدة طلقات في الهواء، وهي عادة يحرص عليها الجميع، لدرجة أن البعض قد يحسب عدد الطلقات التي أطلقها الضيف لكي يردها في أفراحه، ويتبادل الصعايدة في أفراحهم التحية بإطلاق النار في الهواء، فالضيف يعلن عن قدومه بإطلاق دفعة في الهواء، فيرد عليه صاحب الفرح بدفعة مقابلة. الف جدار هل يمكن أن تحدث سيطرة علي سوق السلاح السري في مصر بدون كثير من التشدد مع الجار الجنوبي في السودان ومزيد من التشدد والشراسة في التعامل مع السلاح القادم عبر غزة ومعابرنا مع فلسطين؟ الحقيقة أننا نحتاج الي ماهو اكثر من جدار علي حدودنا مع فلسطين والي اكثر من جدار علي حدودنا مع السودان فإما أن تكون هذه الاطراف غيرقادرة علي السيطرة علي الطرف الآخر للحدود أوغير راغبة في ذلك لحاجة في نفسها وفي كل الاحوال فنحن من يتأذي ونحن من نحتاج الي بناء ألف جدار بيننا وبينهم.