بصراحة أنا مع وزير الزراعة د.عصام فايد فيما أوردته عنه »أخبار اليوم» برفضه مشروع التصالح في مخالفات البناء علي الأراضي الزراعية، الذي تناقشه لجان بالبرلمان، القانون اذا تمت الموافقة عليه سيكون في رأيي جريمة في حق كل مصري، لأننا بذلك نفرط في أراضينا التي هي مصدر رزق أولادنا وأحفادنا من بعدنا، مع أننا نحن من نردد أن الأرض كالعرض ولكننا بكل بساطة نفرط في ترابها لنقيم عليه غابات الاسمنت. الوزير كما أورد الخبر تحفظ في اجتماع مجلس الوزراء علي القانون الذي سيسمح باتساع رقعة التعديات علي الأراضي الزراعية، خاصة في فترة مناقشته وإقراره، بما يجعلنا أمام مخالفة للدستور ومادته التي تؤكد التزام الدولة بحماية الرقعة الزراعية بل وزيادتها. سيستغل المعتدون الأمر والوقت ليفعلوا بأرضنا ما يريدون وهم مع الأسف مافيا شاطرة تعرف متي وكيف وأين ومن يساعدها لتحصل علي ما تريد. وبالأرقام هناك مليون و 600 ألف حالة تعد علي مساحة 155 ألف فدان تم تبويرها لإقامة مساكن، ورغم وجود القوانين إلا أن المحليات تغمض العين عن الحفاظ علي الرقعة التي صارت تختنق بالبشر. كنت في واجب عزاء بقريتي خربتا مركز كوم حمادة بالبحيرة، دخلت البلدة بصحبة ابن عمي اللواء طبيب عبدالرؤوف شلش، وللأمانة تاه بنا الطريق، تغيرت المعالم المؤدية إليه تماما، فهذا الطريق الذي كان يزدهر بالمزروعات يمينا ويسارا وطوله ما يقارب ال 4 كيلو مترات بين القرية والمركز، صار كتلا مزروعة بلا هوية من الأسمنت المسلح اختفت خلفها أي مظاهر للخضرة، وتعجبت كيف ومتي حدث هذا واكتشفت أن أغلب التعديات وقعت في كل المحافظات عقب الثورة في يناير 2011. رقعتنا الزراعية التي ورثتها ثورة يوليو كانت تقارب ال 6 ملايين فدان كان علينا أن نزيدها إلي الضعف لا أن نتسبب في نقصانها.. إننا بهذا القانون الذي نعتزم إصداره، نفرط في مصدر طعامنا ورزقنا، ولا عزاء للوطن فيما سيحدث ومعه الحق وزير الزراعة فيما يطالب به وما تفرضه عليه طبيعة موقعه كمسئول أول عن الحفاظ علي أراضينا وزيادتها. الفلاحون مع الأسف صار تقسيم الأراضي بالنسبة لهم مكسبا مضموناً علي المستوي الشخصي لكل منهم، وصارت المؤسسات الأهلية أو الرسمية التي تضمهم لا تخدم الزراعة ولكنها أصبحت مرتعاً للخناقات والبحث عن المصالح الشخصية والفرعية التي لا تخدم لا الزراعة ولا حتي تبقي علي ما نحن فيه، كنت أتمني أن أسمع صوتاً واحداً يمثلهم، سواء نقيبهم أو من يمثلونهم في المجالس الشعبية أو النيابية، يؤيد ما يطالب به الوزير، ولكن مع الأسف لم يخرج علينا أي منهم حتي ليرد عليه. المشكلة في رأيي في التعدي علي الأراضي الزراعية هو ذلك القانون الذي يدخل العديد منها في كردون المدن ليسهل تحويلها لغابات الاسمنت الكئيبة، وكلما تم ضم جزء يسهل ضم المجاور له وهكذا تزحف التعديات علي الأراضي الزراعية. أنا مع ما يطالب به وزير الزراعة من ضرورة تحويل التعدي علي الأراضي الزراعية من جنحة إلي جناية لخطورة الجريمة ومعه في المطالبة بضرورة عدم التصالح في مخالفات البناء علي الأراضي الزراعية، ومعه أيضا في مطالبته بضرورة التشريع لإزالة التعديات علي نفقة المعتدي وعدم سقوط تلك الجرائم بالتقادم، ومعه أخيرا في ضرورة إنشاء شرطة متخصصة لحماية الأراضي، فهي لا تقل أهمية عن البيئة ولا الكهرباء والتموين. أعتقد أن الدكتور عصام فايد دق ناقوس خطر شديد، خاصة في ظل كل تلك التعديات التي تقع علي الأراضي الزراعية، هذا الناقوس يدفعنا إلي محاربة أي قانون يسمح بالتصالح في التعدي عليها والبحث من خلال التشريعات عما يقنن ذلك.