حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاص والروائي محسن‮ ‬يونس‮:‬لا أعرف لماذا أكتب في بلاد لا تقرأ

شخص هادئ،‮ ‬لا تفارقه الابتسامة،‮ ‬يؤمن بأن صفات التسامح والصدق والإخلاص والتواضع ضرورية في شخصية المبدع،‮ ‬حتي‮ ‬يصل إبداعه إلي الناس،‮ ‬ويؤثر فيهم‮.‬
ولد بمدينة دمياط،‮ ‬ويعد من أبرز وأهم الأصوات القصصية والروائية في مصر،‮ ‬لا‮ ‬يقلد أحدًا،‮ ‬يكتب بسلاسة وشفافية،‮ ‬ويحاول أن‮ ‬يرصد ما‮ ‬يدور في مجتمعه من خلال رؤيته وثقافته وكاميراته الإبداعية الخاصة،‮ ‬صدر له عدة مجموعات قصصية منها‮: ‬الكلام هنا للمساكين عن دار الغد عام‮ ‬1989،‮ ‬والأمثال في الكلام تضيء عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬1992،‮ ‬ويوم للفرح عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام‮ ‬1992،
له أيضا الكثير من الروايات من بينها‮: ‬حلواني عزيز الحلو عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬1998،‮ ‬والملك الوجه عن دار الأدهم عام‮ ‬2013،‮ ‬وبيت الخلفة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬2004،‮ ‬بالإضافة إلي بضعة كتب للأطفال منها‮: ‬من ديوان الحمقي عن دار الحدائق ببيروت عام‮ ‬1995،‮ ‬وهذا من فعل السلطان عن سلسلة كتاب قطر الندي بالهيئة العامة لقصور الثقافة عام‮ ‬1996،‮ ‬ولغز الشعلة الراقصة عن دار الهلال بالقاهرة عام‮ ‬2000‮ .‬
هو القاص والروائي محسن‮ ‬يونس الذي نحاوره هنا حول إبداعه ورؤيته الخاصة للفن والحياة‮.‬
متي بدأت كتابة القصة القصيرة؟‮ ‬
لم تأت كتابتي للقصة القصيرة مصادفة علي الإطلاق،‮ ‬فمنذ التاسعة من عمري وأنا قارئ نهم،‮ ‬وأنصت جيِّدًا للناس حين‮ ‬يتبادلون الحديث في أمور حياتهم،‮ ‬أو حين‮ ‬يحكون حكاية،‮ ‬كنت أتأمل ملامح وجوههم وحركات أجسادهم أثناء ذهابهم إلي تلك المنطقة السحرية والتي تسحرني معهم،‮ ‬ولعبت الظروف معي دورها لألتفت إلي الكامن داخلي من طاقة علي القص،‮ ‬فقد كنت التلميذ الذي‮ ‬يعتمد عليه المدرس في جذب انتباه أقراني في الفصل،‮ ‬وأنا أحملهم معي إلي تلك المنطقة السحرية،‮ ‬لنبدأ إعادة حكايات الجدة والعمة والخالة والجارة بتصرف،‮ ‬وهذا التصرف هو السعي لأن‮ ‬يكون لك لون ورائحة ومعني خاص بك‮.‬
الكتابة لا تأتي مصادفة أبدًا،‮ ‬فهي مكابدة لا تبارح كيان ولا فكر الكاتب،‮ ‬إلي أن تنطلق تفاصيلها علي الورق،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يطمئن الكاتب أو‮ ‬يستريح إلي ما حققه بعد هذه المكابدة،‮ ‬إنه السعي الدائم نحو المطلق،‮ ‬وهذا ربما هو التحدي الكبير للكاتب،‮ ‬والذي‮ ‬يجعله دائمًا في تحفز إبداعي،‮ ‬علينا أن نذكر في هذا الصدد أن الإبداع عملية عقلية واعية،‮ ‬فيها جانب من العمدية،‮ ‬وهذا‮ ‬يصب رأسًا في أن لا شيء‮ ‬يأتي صدفة في الإبداع،‮ ‬وإذا جاءت الصدفة فهي من داخل الإبداع ذاته،‮ ‬وليست كصدف الحياة بالتأكيد‮.‬
ومتي بدأت النشر؟‮ ‬
منذ‮ ‬1974‮ ‬بملحق المساء الذي كان‮ ‬يشرف عليه أستاذنا عبد الفتاح الجمل،‮ ‬فخلال سنتين نشرت بهذا الملحق ثلاث عشرة قصة،‮ ‬أعتقد أن هذه القصص هي من أشارت إلي وجود كاتب‮ ‬يمكن متابعته والتعامل مع ما‮ ‬يكتب‮.‬
قضايا كثيرة عبرت عنها من خلال قصصك،‮ ‬لكن ما هي القضية الكبري التي تستحوذ علي اهتمامك حاليا؟‮ ‬
ليست قضية واحدة التي تستحوذ علي الكاتب خلال رحلته مع الكتابة،‮ ‬فالعالم متغير،‮ ‬وغير ثابت،‮ ‬والتحولات كثيرة،‮ ‬وربما كانت سريعة،‮ ‬ولكن‮ ‬يمكننا رصد اتجاه عام لدي أي كاتب سواء كان إلي اليمين أو إلي اليسار،‮ ‬ودائمًا ما وضعت نصب عيني مبدأ لا أحيد عنه وهو‮ "‬مع الإنسان دائمًا،‮ ‬وضد أعدائه‮"‬،‮ ‬كما أنني لا أسخر من أبطالي حتي لو كانوا‮ ‬يستحقون السخرية،‮ ‬إن حالة الوعي بقيمة الإنسان في الكون وبتجربته في هذا العالم مازالت تعطي تجلياتها التي لن تنتهي إلا بانتهاء وفناء الكون والإنسان،‮ ‬هذا الوعي هو الأهم من التقوقع داخل فكرة ما،‮ ‬أو ما نسميه قضية،‮ ‬لذا‮ ‬ينبغي علينا ألا نصدر حكما باتا مانعا،‮ ‬متوقفين محلك سر،‮ ‬وإلا تجاوَزَنا الآخرون،‮ ‬وصرنا مع تقدم الزمن عالة وشبيهين بسكان الكهوف‮.‬
بالمناسبة‮ ‬يقول"إيتالو كالفينو‮" ‬وأنا أتفق معه تمامًا‮:( ‬لدي شكوكي الكبيرة تجاه الكتاب الذين‮ ‬يدعون قول الحقيقة الكاملة عن أنفسهم وعن الحياة والعالم بأسره،‮ ‬وأفضّل البقاء في جانب الكتاب الذين‮ ‬يحكون عن الحقيقة وهم‮ ‬يكشفون عن ذواتهم باعتبارهم أعظم الكذابين في العالم‮).‬
شخصياتك الموجودة في قصصك إلي أي درجة تقترب من الحقيقة؟‮ ‬
هذا السؤال‮ ‬يحدد رؤية خاصة للكتابة القصصية أو الروائية،‮ ‬وهو إلي الكتابة الواقعية الفوتوغرافية‮ ‬يميل،‮ ‬فمن‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يشير بكامل الاقتناع علي أن شخصية مثل‮ "‬صابر‮" ‬في رواية‮ "‬الطريق‮" ‬للأب محفوظ،‮ ‬شخصية موجودة في المكان الفلاني،‮ ‬ويمكنك حتي تصدق هذا الزعم بالذهاب إلي هناك،‮ ‬وسوف تجده كما كتبه محفوظ تمامًا،‮ ‬ولعلك سوف تصاحبه في بحثه عن أبيه،‮ ‬لتصل في بعض تجليات الشخصية إلي منطقة الميتافيزيقا،‮ ‬التي أضافتها سحرية الكتابة،‮ ‬هل‮ ‬يمكنك؟ بالطبع لا‮. ‬
الأمر‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون خلطة عجيبة من الحقيقة كما أسميتها أنت،‮ ‬والخيال الذي لا‮ ‬يكون العمل الأدبي من قصة أو رواية خاليا منه،‮ ‬الخيال سمة أساسية في بنية العمل الفني والأدبي،‮ ‬وتميزه في نفس الوقت عن بقية النشاطات الأخري التي‮ ‬يقوم بها الإنسان في الحياة‮.‬
في بعض الأحيان‮ ‬يكون المثير إنسانا تعرفه،‮ ‬تهاجمك صورة أو مقولة أو حكاية‮ ‬يكون هذا الإنسان داخل دائرتها،‮ ‬ويمكنك أن تكتب قصته،‮ ‬ولكنك حينئذ لم تفعل شيئا،‮ ‬أقول إن الكتابة عن هذا الإنسان ليس قصته،‮ ‬وإنما ما كتب هو رؤيتي عنه وعن قصته‮.‬
وفق هذا التصور‮.. ‬لماذا تكتب؟‮ ‬
وجِّه هذا السؤال إلي كتاب كثيرين،‮ ‬ولم تتطابق إجابة أحد منهم مع الآخر،‮ ‬بل بدا بعض الكتاب في حيرة وكأن السؤال فاجأهم،‮ ‬من ناحيتي حقيقي لا أعرف لماذا أكتب في بلاد لا تقرأ،‮ ‬ومن أصابته حرفة الأدب كما‮ ‬يصفوننا‮ ‬ينظر إليه بريبة،‮ ‬لقد تورطنا في فعل الكتابة مع ذلك،‮ ‬وليس هذا تنصلا وإعلان خيبة،‮ ‬بل إن فعل الاستمرار‮ ‬يعني أننا مؤمنون أن هناك نورا في نهاية النفق،‮ ‬هاجس هذا السؤال ومطاردته للكاتب‮ ‬يحد من قدرته علي الاستمرار،‮ ‬إلي جانب أننا الآن ومنذ زمن في مجتمع تغيرت بنيته الاقتصادية والاجتماعية،‮ ‬ولم تعد تلك الكلمات الفخمة الكبيرة تحكم دورانه ولا تفكيره من أمثال الجماهير،‮ ‬وفائض القيمة،‮ ‬والواقعية الاشتراكية،‮ ‬والوعي الموجه،‮ ‬ببساطة شديدة أنت لا تستطيع الزعم بمعرفة جمهور قرائك،‮ ‬نوعهم وإلي أي الفئات المجتمعية‮ ‬ينتمون،‮ ‬ولا تستطيع تحديد أذواقهم الفنية والأدبية ‮ ‬هذا إن تجاوزنا عن المساحة الضيقة من القراء أصلا لذا أنا علي وعي بأنني أكتب لجمهور‮ ‬غير مرئي‮ ‬،‮ ‬ولكنه خليط من كافة أطياف المجتمع،‮ ‬ليس لدينا دراسات ميدانية تقيس مدي إقبال القراء علي نوع ما من الكتابات،‮ ‬أو جمع آراء هؤلاء في كاتب ما،‮ ‬محمود درويش أجاب عن هذا السؤال بربطه بوجوده ومأساة وطنه فقال‮: ‬الأنه لم تعد لدي هوية أخري،‮ ‬لم تعد لي محبة أخري،‮ ‬وحرية أخري،‮ ‬ولا وطن آخر،‮ ‬الكتابة هي قوتي الوحيدة،‮ ‬فهل‮ ‬يجرؤ أحد منا،‮ ‬بعد فوات الأوان،‮ ‬وبعد اختبار الفشل،‮ ‬أن‮ ‬يضع الخيار علي النحو‮ ‬التالي‮: ‬الانتحار أو الكتابة؟
هل تتعمد إضفاء الشاعرية علي قصصك؟
ومن منا لا‮ ‬يرغب ولا‮ ‬يتمني أن‮ ‬يكون شاعرا؟‮!‬
الشعر هو التجلي الأعظم لقدرة اللغة وعظمتها حين تتعامل مع المجرد والمطلق في آن معا،‮ ‬وأنا لا أتعمد ما تشير إليه،‮ ‬بل إنني أهتم بما‮ ‬يسمي الإيقاع،‮ ‬الإيقاع ليس في الشعر فقط،‮ ‬بل في السرد أيضا،‮ ‬بل في الحياة،‮ ‬فتصور أن كرتنا الأرضية التي نعيش عليها خارج هذا الكون المبني علي إيقاع‮ ‬يجعله كونا في أعيننا،‮ ‬ويسمه بطبيعته الخلابة لكل عقل إذا تأمله‮.. ‬ربما الاهتمام بالصياغة اللغوية،‮ ‬وكل فن وأدب لا بد له من هذا الاهتمام بالمادة الأولية والأساسية،‮ ‬وهي اللغة،‮ ‬ربما كل هذا‮ ‬يجعلك تري فيما أكتب هذه الشاعرية التي لا أقصدها،‮ ‬أو أتعمدها،‮ ‬فالسرد في عمومه وبنيته‮ ‬يميل إلي الذهاب إلي الرؤي بشكل مباشر،‮ ‬حتي ولو كانت بنية العمل خيالا أو فنتازيا‮.‬
كيف تري التعامل النقدي مع أعمالك؟‮ ‬
هذا السؤال في عموميته‮ ‬يحيرني فهل المطلوب أن أقول إن رد فعل النقاد كان جيدًا ومشجعًا،‮ ‬إلي آخر هذه المبالغات الوهمية،‮ ‬في عملنا الفني والأدبي‮ ‬يظل الاكتمال شيئًا مستحيلا،‮ ‬خاصة وأن الناس فيهم التعدد،‮ ‬ولن تجد أنماطًا متشابهة التلقي،‮ ‬فالعمل الفني والأدبي في منطقة الأخذ والرد،‮ ‬خاصة والكاتب مطالب دائمًا بالوصول بقدراته الإبداعية إلي أقصي درجات التمكن والتأثير في الآخرين سواء كانوا قراء عاديين أو نقادا،‮ ‬دريدا حينما‮ ‬يقول‮: "‬العمل الذي‮ ‬يحافظ علي شروط النوع ليس فنا‮"‬،‮ ‬نصل إلي قناعة أن علي الكاتب الإيمان بالثالوث‮: (‬الكتابة القراء النقاد‮) ‬دون أن‮ ‬يصاب بالتعالي علي أي طرف منهم،‮ ‬أتحدث هنا عن الحالة النقدية بعيدًا عن الغرور أو الكراهية،‮ ‬أو الاستعلاء أو الكسل الذي‮ ‬يصيب البعض كاتبًا أو ناقدًا أو قارئا‮. ‬
إلي أي مدي أنت مهتم بالتصوف وكيف أثر فيك وفي إبداعك؟
لا أهتم به إلا في قراءة بعض شطحات كباره،‮ ‬مثل النفري والحلاج،‮ ‬وأعتبره أحد تفصيلات الحياة التي تكبل وعي الإنسان ليكون شريكا في صناعة الحضارة الإنسانية،‮ ‬ربما لكونك شاعرا،‮ ‬وليس كل المتصوفة شعراء،‮ ‬تميل إلي ما تحقق من هذه الحالة التي تتعامد مع الحالة الإبداعية التي أعرفها وتعرفها أنت أيضًا،‮ ‬ما جعلك تطرح هذا السؤال هو اللغة الخاصة والتي‮ ‬يمكن أن تفجر ما في اللغة من تجاوز المكان والزمان،‮ ‬إذن‮ ‬يمكننا أن نقول إن علاقتي بالتصوف هي علاقة لغوية،‮ ‬ولا تتعدي إلي تلبس الحالة‮.‬
لماذا أنت متشائم إلي هذه الدرجة من مستقبل الحياة الثقافية؟‮ ‬
من أين جاءك هذا اليقين بأنني متشائم؟‮! ‬هل السؤال موجه لي؟‮!‬
رغم أن موقف التشاؤم قامت عليه موجة فنية وإبداعية مؤثرة في أنحاء العالم،‮ ‬تعاملت بالقراءة والدرس والتأمل مع منجزاتها سواء في القصة أو الرواية أو المسرح،‮ ‬والفن التشكيلي والسينما،‮ ‬فطبيعة الفن والأدب أوسع من التوصيف عادة،‮ ‬وينبغي أن‮ ‬يكون خارج التحجيم بوصف نتوهم أنه لا‮ ‬يصد ولا‮ ‬يرد،‮ ‬بينما طبيعة الفن والأدب هي التجاوز باستمرار في الأشكال والبني والرؤي‮.‬
ما الذي‮ ‬يحفزك علي الكتابة‮.. ‬الينابيع التي تنهل منها وتساعدك؟
الناس ثم الناس،‮ ‬وما‮ ‬يبدعونه من فن وأدب شعبي،‮ ‬القراءة بحب وفهم في شتي فروع المعرفة والأدب والفنون الأخري،‮ ‬السينما هذا الفن العظيم الساحر،‮ ‬الذي أكاد أوقن أنه فن الزمن وكل زمن،‮ ‬وربما‮ ‬يسيطر ليزيح كثيرًا من الأشكال الأخري،‮ ‬التاريخ جدل المصائر الفردية والجماعية،‮ ‬الموسيقي والأغاني والشعر محفزاتي الطيبة،‮ ‬والذكريات أيضا‮.‬
هل للقصة دور في ظل الأحداث التي تحاصرنا؟
إنها ليست مثل الفقر والجهل والمرض،‮ ‬لكن ما‮ ‬يشغل بالي من صيغة السؤال تلك النظرة التي تهتم بالجزء دون الكل،‮ ‬كيف تطرح علي الجزء استنهاض الكل؟‮!‬
كيف تطلب من الجزء تحمل عبء عمل الكل؟‮!‬
لا بد أولا أن تكون المنظومة جميعها في كامل صحتها،‮ ‬تؤمن بأن التغيير عمل جمعي وكلي،‮ ‬مبني علي طموح من الجميع لتجاوز الخراب والانتكاسات،‮ ‬ولا نقول القصة مفصولة عن متن الفن والإبداع بكافة ألوانه وأشكاله،‮ ‬ومع هذا أيضًا علينا ألا نغفل حركة المجتمع وتقدمه ككتلة واحدة لجميع نشاطاته وفعالياته‮. ‬
‮ ‬ماذا عن مشروعك القادم؟
أركز حاليا في الكتابة الموجهة للأطفال،‮ ‬إنها الواحة التي أستجم بها،‮ ‬وأعاود تجميع نشاطي،‮ ‬وإيقاظ ذاكرتي وبصيرتي إلي الإبداع الذي‮ ‬يترك في النفس متعة لا تعادلها متعة أخري في الحياة،‮ ‬أكتب مجموعة قصصية ترتكز علي قصص أو تصور سابق لمعني أو مفهوم كنا قد توقفنا من خلاله عند نتيجة ما،‮ ‬لماذا لا نعيد الكتابة برؤية أوسع وأشمل؟
سأعطيك فكرة‮: ‬لعلك تعرف قصة العصفور الذي‮ ‬يحبسه طفل داخل قفص،‮ ‬ويقدم إليه الطعام والشراب إلا أن العصفور‮ ‬يرفض،‮ ‬بعض الكتاب كان سريعًا وحادًّا،‮ ‬فأنهي عمله عند موت العصفور مع جملة وعظية،‮ ‬آخرون جعلوا الطفل‮ ‬يفتح باب القفص ليتحرر العصفور،‮ ‬لماذا لا نقدم للطفل حلا لأزمته مع امتلاك عصفور،‮ ‬وما في عمله من تعذيب وحبس لروح وجسد تشاركه في مشهدية كونية رائعة،‮ ‬لماذا لا ندعوه لرسم العصفور في لوحة ملونة جميلة‮ ‬يعلقها في‮ ‬غرفته،‮ ‬هنا سوف‮ ‬يملك عصفورًا دون اعتداء علي حرية الكائن الصغير،‮ ‬هكذا هي قصص المجموعة والتي تسير في نفس الاتجاه‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.