على مدى شهور مضت ظل العالم يكتم انفاسه انتظارا لساكنى البيت الابيض الجديد علي اعتبار ان الذى يشغل هذا المكان سيكون بيده مقاليد امور العالم وبالرغم من امتداد الماراثون الانتخابي الطويل بين هيلاري وترامب ظلت وسائل الاعلام في ترجيح كفة هيلاري على ترامب الذي لم ينل منها الاالقليل ؛ ولاول مرة فى تاريخ الولاياتالمتحدة يخيب فيه ظن وسائل الاعلام الامريكية ومعها النخبة السياسية في التنبؤ بمن سيتولي رئاسة اقوي دولة في العالم ومع فوز دونالد ترامب يكون العالم قد دخل حقبة تاريخية يكتنفها كثيرا من الغموض ليس على مستوى العالم فحسب ولكن على مستوى عالمنا العربي بصفة خاصة والذى يرتبط بمصالح استراتيجية مع الولاياتالمتحدةالامريكية وبخاصة المملكة العربية السعودىة ومعها دول الخليج في هذه الحقبة اختارت الولاياتالمتحدة الأميركية دونالد ترامب الذي نترقب بلورته لسياسة خارجية توجهها من الآن وصاعدا، الدفاع عن المصالح الأميركية والترويج للقيم وحقوق الإنسان، وما يواكب ذلك من عدم إعطاء الأولوية للزعامة العالمية والدفاع عن الحلفاء. ربما سنشهد أكبر تحوّل في تاريخ السياسة الأميركية الخارجية إزاء أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ما يذكرنا بنزعة انعزالية أميركية تطفو على السطح من جديد، وتبرز الانكشاف الاستراتيجي للقارة القديمة التي خفضت ميزانيات دفاعها ورهنت أمنها بحلف شمال الأطلسي الناتو وقيادته الأميركية. حيال الانكشاف الاستراتيجي الأوروبي المتفاقم وتحت ضغط مخاطر التحوّل الأميركي يندم البعض على التباطؤ في بلورة نواة صلبة لمشروع أوروبي متماسك لأن عين ترامب على عدم إسهام الأوروبيين في ميزان حلف شمال الأطلسي، وعلى دور المفوضية الأوروبية في بروكسيل بيد أن معركة واشنطن ترامب الحقيقية ستكون مع الصين التي تحاول أن تكون الند الاقتصادي من الناحية الصناعية والتجارية، أو لجهة كسر هيمنة الدولار. وهذا التجاذب لا يعني انعدام إمكانية عقد الصفقات لأن كلمة )Deal اتفاق )هي الأكثر تداولا في قاموس رجل الأعمال ترامب. وسينطبق ذلك بشكل أو بآخر على الصلة مع "الصديق فلاديمير بوتين" وعلى مدى التوفيق بين المصالح الأميركية والروسية وإنهاء حقبة توتر وصلت أخيرا إلى ما يشبه الحرب الباردة القديمة. وبالرغم من الإعلانات حول الملف النووي الإيراني، أو الموقف من المملكة العربية السعودية، تبقى مقاربة رؤية ترامب فيها نوع من المقامرة ولن تتضح الصورة تماما قبل الربيع القادم. لكن سيكون هناك وضوح أكثر من حقبة باراك أوباما، وربما عدم السماح لإيران بانتهاك التوازنات على حساب الآخرين. والأوضح يبقى موقف ترامب من إسرائيل وترحيب بنيامين نتانياهو به مع ما يعنيه ذلك من مناخ مواتٍ لإسرائيل بوجود ترامب وبوتين معا في المشهد الإقليمي. يدور التاريخ دورته ولا ينتهي، لكننا ندخل فعلا في زمن يتوجب فيه التركيز على تجميع ما تبقى من عناصر القوة العربية حتى لا يتم استكمال استباحة العالم العربي في زمن دونالد ترامب