لا يحق لجريدة الأهرام، ولا لأي مطبوعة أخري أن تفرط بسهولة في قوتها الناعمة، ولا تتنازل ببساطة عن كتابها، أعمدتها الأساسية، وعلاماتها التجارية المميزة..ولا يحق أيضا للكاتبة الكبيرة »سناء البيسي» أن تدير الأكتاف، متوقفة عن كتابة مقالها الأسبوعي في الأهرام صباح يوم السبت، لتفاجيء قراءها بالمغادرة، دون إخطار ولا استئذان (حين أراد الأستاذ هيكل التوقف عن الكتابة، استأذن في الانصراف في مقال طويل واضح)...أيا كانت الأسباب، وأيا كان الخلاف، فالعلاقة بالقاريء مسئولية وثقة ممتدة ومودة، تلزم الجريدة والكاتب بالإيضاح... سناء البيسي كاتبة شديدة الخصوصية (شلال الحبرالجميل) كما وصفها الكاتب سميرعطا الله.. فنانة ترسم مقالاتها بالحروف والألوان، فهي بالفعل فنانة تشكيلية، بدأت حياتها الصحفية رسامة بجريدة الأخبار، ثم صارت ملهمة وزوجة للفنان كنعان، فتحول العالم إلي لوحة تشكيلية كبيرة..في كتابتها شيء من نقاء الطبيعة بساطتها وعفويتها، نشم رائحة الزهور، ونسمع أصوات الطيور، ونتابع اختلاف درجات اللون من سطح إلي سطح...كل من عمل معها يدرك خصوصيتها وذائقتها الجمالية المتفردة،ويدرك أيضا اجتهادها ودأبها ورغبتها الدائمة في الإضافة والتجديد..هكذا مازحها هيكل يوما، وكان جادا (أنت الوحيدة اللي بتشتغل في مصر).. توقفت سناء البيسي عن كتابة مقالها الأسبوعي في الأهرام، دون أن يبدي أحد أسبابا.. قيل أسباب شخصية،وشروط لم تعد تناسبها..لكن تبقي مكانتها المؤكدة وانتظار القاريء لها.