محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    منسق مبادرة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: الحملة امتدت لمحافظات أخرى بعد نجاحها..فيديو    التطبيق خلال ساعات.. طريقة تغيير الساعة على نظام التوقيت الصيفي (بعد إلغاء الشتوي)    وزيرتا "التعاون الدولي والتضامن" وسفير الاتحاد الأوروبي يتفقدون مشروع تأهيل السودانيين بأسوان    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    القيادة المركزية الأمريكية: تصدينا لصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه الحوثيون    عمرو أدهم: يجب محاسبة المسؤول عن قضية بوطيب.. وسنبشر جماهير الزمالك قريبا    الإسكواش، تأهل نور الشربيني ونوران جوهر لنصف نهائي بطولة الجونة    كرة السلة، ترتيب مجموعة الأهلي في تصفيات ال bal 4    في الجول يكشف موقف ياسر إبراهيم ومروان عطية من المشاركة أمام مازيمبي    إصابة 5 سائحين في انقلاب سيارة ملاكي بالطريق الصحراوي بأسوان    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    ريهام عبد الغفور عن والدها الراحل: وعدته أكون موجودة في تكريمه ونفذت    30 صورة وفيديو من حفل زفاف سلمى ابنة بدرية طلبة بحضور نجوم الفن    يسرا اللوزي تكشف كواليس تصوير مسلسل "صلة رحم"|فيديو    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    ثلاثة منتجات توابل مستوردة من الهند تسبب السرطان.. ما القصة؟    ما موعد انتهاء مبادرة سيارات المصريين بالخارج؟.. وزيرة الهجرة تجيب    ارتفاع عدد ضحايا قصف الاحتلال لمنزل عائلة الجمل شرق رفح إلى 5 شهداء    عاجل.. تصريحات كلوب بعد الهزيمة من إيفرتون ونهاية حلم البريميرليج    لبنان.. طيران إسرائيل الحربي يشن غارتين على بلدة مارون الرأس    حكايات النيل.. حملة لطلاب بإعلام القاهرة للحفاظ على المياه ومواجهة الظروف المناخية    واشنطن تطالب إسرائيل ب"إجابات" بشأن "المقابر الجماعية" في غزة    الآن.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بعد آخر انخفاض    وزيرة التضامن: المدارس المجتمعية تمثل فرصة ثانية لاستكمال التعليم    مصير مجهول ينتظر "مؤتمر المصالحة الليبية" ..تحشيد عسكري روسي وسيف الإسلام مرشحا للقبائل !    مراقبون: فيديو الأسير "هرش بولين" ينقل الشارع الصهيوني لحالة الغليان    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    إصابة أم وأطفالها الثلاثة في انفجار أسطوانة غاز ب الدقهلية    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    ارتفاع الذهب اليوم الخميس.. تعرف على الأسعار بعد الزيادة    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    وزير الرياضة يتفقد استعدادات مصر لاستضافة بطولة الجودو الأفريقية    رئيس تحرير «أكتوبر»: الإعلام أحد الأسلحة الهامة في الحروب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد خسارة ليفربول وفوز مانشستر يونايتد    خبر في الجول – الأهلي يتقدم بشكوى ضد لاعب الاتحاد السكندري لاحتساب دوري 2003 لصالحه    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    «زي النهارده».. بداية الحرب الأمريكية الإسبانية 25 إبريل 1898    الصحة تفحص مليون و413 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن فيروس سى    مدير تعليم القاهرة: مراعاة مواعيد الامتحانات طبقا للتوقيت الصيفي    أحمد موسى: مصر قدمت تضحيات كبيرة من أجل إعادة أرض سيناء إلى الوطن    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    في الموجة الحارة.. هل تناول مشروب ساخن يبرد جسمك؟    تجديد اعتماد كلية الدراسات الإسلامية والعربية ب«أزهر الاسكندرية»    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر أحمد سويلم‮:‬استبدلنا المتلقي بالناقد الغائب ‮ ‬وصار هو ناقدنا ومتذوق قصائدنا

الشاعر أحمد سويلم أحد أهم الأصوات الشعرية في الشعر المصري الحديث،‮ ‬ولد بمحافظة كفرالشيخ عام‮ ‬1942،‮ ‬حصل علي بكالوريوس تجارة عام‮ ‬1966،‮ ‬عمل مديرًا عاما للنشر بدار المعارف في الفترة من‮ ‬1977‮ ‬حتي‮ ‬1995،‮ ‬ونائبًا لرئيس تحرير مجلة أكتوبر من‮ ‬1995‮ ‬حتي2002،‮ ‬ومدرسًا لمادة أدب الأطفال بكلية تربية حلوان من‮ ‬1990‮ ‬حتي‮ ‬1995،‮ ‬ومدرسًا لمادة نشر الكتاب بأكاديمية أخبار اليوم من‮ ‬2003‮ ‬حتي‮ ‬2006.‬
كان عضوا بمجلس إدارة اتحاد الكتاب لسنوات طويلة،‮ ‬وحاليا هو عضو لجنة الشِّعر بالمجلس الأعلي للثقافة،‮ ‬وعضو نقابة الصحفيين،‮ ‬ورئيس جمعية الأدباء،‮ ‬عمل رئيسًا لتحرير سلسلة الإبداع الشعري المعاصر بالهيئة المصرية العامة للكتاب،‮ ‬ورئيسًا لتحرير سلسلة مختارات بالهيئة العامة لقصور الثقافة‮.‬
حصل علي عدة جوائز منها جائزة المجلس الأعلي للفنون والآداب لشعراء الوطن العربي الشباب عام‮ ‬1965،‮ ‬وجائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام‮ ‬1989،‮ ‬والدكتوراه الفخرية في الآداب من الأكاديمية العالمية للثقافة والفنون عام‮ ‬1990‮ "‬كاليفورنيا‮"‬،‮ ‬وجائزة كفافيس عام‮ ‬1992،‮ ‬وجائزة أندلسية للثقافة والعلوم عام‮ ‬1997،‮ ‬وجائزة الدولة للتفوق في الآداب عام‮ ‬2006،‮ ‬وأخيرًا جائزة الدولة التقديرية في الشعر عام‮ ‬2016‮ ‬،‮ ‬كما مثّل كتَّاب مصر وشعرائها في المهرجانات الدولية والعربية‮.‬
صدر له الكثير من الدواوين الشعرية،‮ ‬كما له العديد من المؤلفات في مجال المسرح الشعري،‮ ‬وعشرات الدراسات والكتب النقدية،‮ ‬بالإضافة إلي مجموعة كبيرة من المؤلفات في مجال أدب الطفل‮. ‬هنا نتحدث أكثر عن تجربته الشعرية،‮ ‬ورؤيته لواقع الشعر بشكل عام‮.‬
بعد استقرارك بالقاهرة منذ سنوات عديدة ألم تحن للعودة إلي مسقط رأسك؟
لا يستطيع الإنسان أن يتنكر لمسقط رأسه،‮ ‬فتكويني الثقافي بدأ في بلدي بيلا بمحافظة كفر الشيخ،‮ ‬في أحضان الطبيعة،‮ ‬وبراءة الدهشة،‮ ‬وقدرية التفكير،‮ ‬ونزعة التدين التي فتحت أمامي آفاق العشق الإلهي،‮ ‬ولهذا فمهما جذبتني المدينة،‮ ‬سرعان ما أسترجع ذكرياتي مع من تبقي من أصدقاء،‮ ‬ومشاهد في بلدي،‮ ‬لكن العودة النهائية أعتقد أنها صعبة التحقيق‮.‬
لا تنس أنني جئت القاهرة وأنا في السادسة عشرة من عمري،‮ ‬وبدأت حياتي العملية والجامعية في هذه السن المبكرة،‮ ‬حتي بلغت سن التقاعد،‮ ‬وقد رحل مثلي إلي القاهرة أصدقاء كثيرون معي وبعدي،‮ ‬فشكلت اهتماماتي وعطائي الأدبي بين أحضان هذه البيئة،‮ ‬المدينة التي أعي تمامًا أنها بيئة قاهرة لكل براءة،‮ ‬مما جعلني في يقظة،‮ ‬ولا أستسلم أبدًا لهذا القهر‮.‬
ما مسئولية الشاعر تجاه شعره؟
الشاعر الصادق يحلق دائمًا بشعره،‮ ‬وهو يتحمل مسئولية أينما يهبط،‮ ‬وكيفما عبر بهذا الشعر،‮ ‬إن الشعراء في تصوري فريقان مثلهما مثل أصحاب الأقلام،‮ ‬أولهما يلقي بشعره في أتون النفاق،‮ ‬والزيف،‮ ‬والتلون من أجل مطمع زائل،‮ ‬والآخر صاحب موقف لا يلين،‮ ‬ولا يتبدل حتي ولو كلفه هذا الموقف حياته‮.‬
وينبغي علي الشاعر أن يدرك ذكاء المتلقي،‮ ‬ووعيه بموقفه،‮ ‬ولا يتعامل مع المتلقي علي أنه فاقد للذاكرة،‮ ‬حتي لو تظاهر بالتسامح مع موقف الشاعر المتلون،‮ ‬ولهذا فإن القصيدة شاهد عدل علي موقف صاحبها،‮ ‬لا تكذب ولا تراوغ،‮ ‬ولكنها صادقة في التعبير عن هذا الموقف،‮ ‬والشاعر يتحمل عاقبة ما يعبر به لا شك،‮ ‬بل ينتقل ذلك إلي المتلقي الذي ينظر إلي الشاعر فيضعه في مكانه المستحق من التقدير‮.‬
هل أنت بلا مخاوف؟
بالطبع لا،‮ ‬ولا أحد في هذه الحياة بلا مخاوف،‮ ‬قد يتحد الناس جميعًا في جانب كبير من المخاوف يتعلق بغموض المصير،‮ ‬والبحث عن الخلاص،‮ ‬والقلق من عدم إمكانية تحقيق الحلم،‮ ‬وخشية المفاجآت التي تأتي في‮ ‬غير أوانها،‮ ‬كلنا إذًا لدينا المخاوف نفسها،‮ ‬لكن بدرجات متفاوتة،‮ ‬وربما يكون الاختلاف بين إنسان وآخر،‮ ‬هو كيف يواجه هذه المخاوف؟
‮ ‬هل بالصمود والتحدي؟ أم بالاستسلام واليأس؟
عن نفسي أنا لم أضبط يومًا إحساسي بأي مخاوف في موقف الاستسلام واليأس،‮ ‬وإنما عشت حياتي التي تربو علي السبعين في تحديات كثيرة،‮ ‬علي المستوي العملي،‮ ‬والمادي،‮ ‬والإبداعي أيضًا،‮ ‬تلك هي لذة الحياة،‮ ‬وجمالها،‮ ‬ومتعتها أن تبتسم علي الدوام وأنت تناضل،‮ ‬هنا يبتعد الفشل عن دائرة حياتك،‮ ‬وتتوحد في دائرة النجاح‮.‬
كيف تقيم الحركة الشعرية في مصر الآن؟
لا أود أن أقف موقف المتهم الذي يدافع عن الشعر في مواجهة الرواية،‮ ‬لكني ببساطة أستطيع أن أقرر أن الحركة الشعرية تمر بمخاض كبير،‮ ‬وتصفية دقيقة لما هو إبداع حقيقي،‮ ‬وما هو بعيد عن الإبداع‮.‬
والمتلقي الفعلي هو الذي يقوم بهذا الفرز وليس الناقد،‮ ‬فالنقد للأسف‮ ‬غائب،‮ ‬وبرهاني علي ذلك يتأكد حينما تحضر أمسية شعرية،‮ ‬يكثر فيها الشعراء من الأجيال المختلفة،‮ ‬وترصد انعكاسات ما يقوله الشعراء لدي المتلقي،‮ ‬هنا تعرف الإجابة الصحيحة،‮ ‬وتدرك أن الباقي بعد هذا المخاض،‮ ‬هو الإبداع الجاد الذي يؤثر في وجدان وذائقة المتلقي،‮ ‬ويمس اهتمامه وقضاياه وهمومه ومشكلاته،‮ ‬ودعني أحيلك إلي قول مأثور مفاده‮: ‬إذا كثر الشعراء قل الشعر،‮ ‬ويكاد ينطبق هذا القول علي كل زمان،‮ ‬بحيث إذا ذكرنا العصر العباسي مثلا،‮ ‬ذكرنا أبا نواس،‮ ‬وبشار،‮ ‬وأبا العتاهية،‮ ‬وأغفلنا عددًا كبيرًا من الشعراء الآخرين،‮ ‬وإذا تحدثنا عن العصر الحديث ذكرنا أحمد شوقي،‮ ‬وحافظ إبراهيم‮.. ‬وأغفلنا أو ذكرنا علي استحياء من هم أقل منهم إبداعًا‮.. ‬وهكذا‮.. ‬ونستطيع أن نطبق هذه الحقيقة علي
‮ ‬كل جيل،‮ ‬ومهما قل الشعراء فلن يسيء ذلك إلي الحركة الشعرية،‮ ‬بل علي العكس ستبقي زاهية ومضيئة بأسماء شعراء يقيمون لها صرحها الشامخ‮.‬
هل النقد في أزمة؟
كنا في زمن ما حينما نصدر ديوانًا ندعو النقاد الكبار إلي مناقشته،‮ ‬ونستفيد من قراءتهم للديوان،‮ ‬وملاحظاتهم الدقيقة،‮ ‬ومنهجهم المفيد،‮ ‬ثم تنحَّي عن مائدة النقد هؤلاء الكبار إما بالرحيل عن الحياة،‮ ‬وإما بالعزلة،‮ ‬أو الصمت أمام صراعات بعض الصغار من النقاد،‮ ‬وتهافتهم علي مائدة النقد بلا منهج علمي،‮ ‬وبلا رؤية شافية تفيد المبدع‮.‬
ومن ثم‮ ‬غاب النقد الذي يكتشف،‮ ‬وحلت محله انطباعات لا تعتمد علي المنهج أو الرؤية الإبداعية،‮ ‬ولأننا ننتمي إلي جيل التحدي لم نتوقف عن الإبداع بحجة‮ ‬غياب النقد،‮ ‬وإنما استبدلنا المتلقي بالناقد الغائب،‮ ‬صار المتلقي هو ناقدنا،‮ ‬ومتذوق قصائدنا،‮ ‬وإذا حدث ولمع ناقد شاب حصيف،‮ ‬سعدنا به وشجعناه علي ذلك،‮ ‬وأدركنا أنه يمتلك موهبة استثنائية‮.‬
حدثنا عن حلم لم يحققه الشاعر أحمد سويلم؟
في رأيي‮.. ‬الأحلام تختلف من مرحلة عمرية إلي أخري،‮ ‬فما كنت أحلم به قبل أن أنشر شعري،‮ ‬هو‮ ‬غيره بالطبع بعد أن نشرت عشرين ديوانًا،‮ ‬ويبدو أن الشاعر لا يكف عن الحلم،‮ ‬ولا عن توسيع دائرته مهما طال به الزمن،‮ ‬ومهما ارتقي في سلم الإبداع،‮ ‬أنا لا أقدر أن أمسك بحلم ما لم أحققه،‮ ‬وإنما أستطيع أن أقول لك إنني حينما يتحقق لي حلم،‮ ‬أحلم بشيء أفضل وأكبر،‮ ‬وأتمني أن يطول عمري لأستكمل مشروعي الإبداعي بما أملك من طاقات تساعدني علي ذلك‮.‬
ألمح في عينيك حزنا وانكسارا‮.. ‬ما السبب؟
ربما تلمح الحزن‮.. ‬نعم،‮ ‬وهذا عنصر مهم من عناصر إبداع الشاعر،‮ ‬حيث يمثل عمق الإحساس بالواقع الرديء،‮ ‬والحلم بالتغيير،‮ ‬لكنني لا أوافقك علي نظرة الانكسار هذي،‮ ‬لأنها لو وجدت فلابد لها أن تطيح بقدرة الشاعر علي اختراق القبح،‮ ‬والمجهول،‮ ‬وقدرته علي الإحساس بالأمل،‮ ‬ومقارعة الخطوب‮.‬
الحزن فلسفة الشاعر،‮ ‬لأنه ينطوي علي طاقة من الإبداع يستطيع الشاعر من خلالها،‮ ‬وعن طريقها أن ينفذ بشعره إلي وجدان المتلقي بلا صعوبة،‮ ‬لأن إحساس الشاعر يتطابق مع إحساس المتلقي في رغبته بتغيير الواقع والثورة علي المألوف‮.‬
هل لك طقوس في الكتابة؟
بالرغم من نمطية هذا السؤال،‮ ‬فأنا أكتب دائما فوق مكتبي الصغير‮ (‬صومعتي‮) ‬في بيتي،‮ ‬وأشعر وأنا حولي مكتبتي الكبيرة أنني أتحاور مع ما فيها من معاجم ودراسات،‮ ‬لكن هذا لا يمنع في لحظات اكتمال التجربة الإبداعية داخلي،‮ ‬أن أفرغها علي الورق في أي مكان،‮ ‬ثم أعود إليها في حالة قرائية في مكتبي لأعدل منها،‮ ‬وأهذبها لكي تليق بأن أقدمها للقارئ،‮ ‬وأنا عادة أكتب علي ورق ليس فيه أية سطور،‮ ‬وأحس لو لم يتوفر هذا النوع من الورق أن السطور تقيدني،‮ ‬فأحاول أن أتمرد عليها،‮ ‬وأكتب في الفراغ‮ ‬الذي بينها‮.‬
رسالة توجهها إلي امرأة‮ ‬من هي وماذا تقول لها؟
في الحقيقة هما امرأتان الأولي أمي رحمها الله،‮ ‬فقد عانت الكثير في تربيتي وتربية إخوتي،‮ ‬ولم تتزوج بعد وفاة والدي رغم صغر سنها لكي تتفرغ‮ ‬لنا،‮ ‬وبالرغم من أنها كانت مثل كل أمهات جيلنا أمية لا تعرف القراءة ولا الكتابة،‮ ‬لكنها قد تفاجئني وأنا أذاكر دروسي فتدرك إذا كنت أذاكر حقا أو أكتب الشعر،‮ ‬وتنصحني أن أفرغ‮ ‬أولا من مذاكرتي ثم أكتب الشعر كما أشاء،‮ ‬وظلت هذه الأم العظيمة تحتضننا جميعا برعايتها،‮ ‬وحنانها،‮ ‬وخوفها،‮ ‬حتي اختارها الله إلي جواره بعد أن اطمأنت علينا جميعا‮.‬
أما المرأة الأخري فهي زوجتي الإذاعية الكبيرة رباب البدراوي التي أدركت منذ أول يوم توحدنا فيه كيف تهيئ لي مناخًا صحيًّا للإبداع،‮ ‬وتحملت نزواتي وانفعالاتي،‮ ‬ووقفت جانبي لتواصل دور الأم والزوجة والحبيبة‮.‬
وأقول لهما‮.. ‬إن الله سوف يكافئكما علي ما قدمتماه من عطاء مخلص،‮ ‬وصادق‮.‬
ماذا علمك الشعر؟
كان حظِّي ربما أفضل من‮ ‬غيري،‮ ‬لأنني كنت أعمل في المجال الثقافي،‮ ‬وأشغل مناصب يمكنني من خلالها أن أخدم أصدقائي الأدباء والشعراء،‮ ‬حدث ذلك في اتحاد الكتاب،‮ ‬وفي دور النشر التي عملت فيها،‮ ‬وفي سلاسل الشعر التي قمت برئاسة تحريرها‮.‬
إننا إذا أدركنا أن الشعر له دور مهم في شحذ المشاعر،‮ ‬وتأصيل المحبة في النفوس،‮ ‬فإن ما قدمته من خلال مناصبي المختلفة يترجم هذه المشاعر وتلك المحبة،‮ ‬فالشعر إذا لم يهذب النفس،‮ ‬ويمنحها التواضع في معاملة الآخرين،‮ ‬وتشجيع المواهب،‮ ‬فإنه لن يكون أصيلا لدي صاحبه‮.‬
الشعر يا صديقي هو مساحة لا حدود لها من العطاء،‮ ‬ليس فقط فوق الورق،‮ ‬أو في الأمسيات،‮ ‬ولكن في الحياة بشكل كامل،‮ ‬إنه سلوك،‮ ‬ومعرفة،‮ ‬وعلاقة موصولة بالبشر،‮ ‬ولا يجوز أن يكون الشاعر طاووسيا يتعالي ويتفاخر،‮ ‬إنه يقاس بإحساسه المرهف،‮ ‬وعلاقته بالآخر أينما كان‮.‬
متي يعود للشعر جماله ورونقه ومجده وهل يمكن أن يغير الواقع المرير؟
كأنك تتوهم انحدار الشعر،‮ ‬وتراجعه عن الجمال،‮ ‬والرونق،‮ ‬والمجد،‮ ‬وهذا حكم جائر‮ ‬غير حقيقي،‮ ‬وأظن أن الشعر مرتبط بتكوين الإنسان الوجداني،‮ ‬ويترجم عن هذا الجانب المشرق،‮ ‬وأظن أيضًا أن الإنسان مهما تغوَّل عليه عصر العلم والتكنولوجيا لن يتنازل عن جانبه الوجداني،‮ ‬ويصير آلة صماء بلا مشاعر‮.‬
من الممكن أن يكون الجمال قد صار نسبيا في حياتنا،لكنه لا يفقد وجوده في نفوسنا،‮ ‬هذا الوجود الذي يحفظ للشعر جماله،‮ ‬ورونقه،‮ ‬ومجده مهما عاني العواصف والآراء المتعصبة والرؤي الشاردة،‮ ‬إن الشعر يحفظ توازن الحياة،‮ ‬فهل يفقد الإنسان طواعية هذا التوازن الذي يحفظ عليه حياته؟
فيمايخص قدرة الشعر علي‮ ‬تغيير الواقع المرير،‮ ‬أعتقد أن الشعر وحده لا يتحمل هذه المسئولية،‮ ‬لكنها مسئولية مشتركة بين جميع الفنون الأخري التي من شأنها تيسر الحياة للإنسان برغم الرداءة والمرارة في الواقع،‮ ‬وبقدر ما يقدم الفن،‮ ‬ويعلي من قيم الحرية والكرامة والخير والعدل والجمال وغير ذلك،‮ ‬بقدر ما ينجح في تغيير الواقع،‮ ‬الذي لن يتغير من تلقاء نفسه،‮ ‬وإنما بأيدينا نحن‮.‬
ما مشروعك القادم؟
أنا مشغول الآن بكتابة سلسلة بعنوان‮ (‬بطولات عربية‮) ‬عن شخصيات من تاريخنا القديم والمعاصر،‮ ‬والتي كانت لها بطولات متنوعة،‮ ‬سواء بالسيف أو الكلمة أو الموقف،‮ ‬إنني أقدم هذه السلسلة لشبابنا المعاصر،‮ ‬عله يقف علي نماذج القدوة في تاريخه العربي الطويل‮. ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.