أحني قامتي لأقبل يد تلك السيدة المصرية العظيمة التي أعطت ببساطة لكل مصري وكل عربي درساً في الوطنية وحب الأرض والدفاع عنها بكل غال ونفيس، وهل هناك أغلي من الضنا.. كلماتها كانت أشد من الرصاص وأمضي من البارود وأقوي من الدروع وهي تمسك بالميكروفون أمام رئيس مصر وقادة الجيش وجمع من أهل المحروسة في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة منذ أيام بمناسبة مرور 43 عاماً علي انتصار أكتوبر المجيد. ابنها البطل الشهيد إسلام عبدالمنعم قدم روحه فداء لوطنه صعدت روحه راضية مرضية إلي بارئها بعد أن دافع عن الكمين الذي يحرسه وزملاؤه الذين تساقطوا أمام عينه ورغم اصابته إلا أنه واصل ضرب النار فقتل 12 من الإرهابيين قبل أن تصيبه طلقة قاتلة أودت بحياته، وقفت الأم الثكلي قوية رغم الحزن شامخة مع أنها فقدت أعز ما تملك ابنها، وقفت لتقول والعالم كله يسمعها لا أبكي ولدي فلن أبخل به علي مصر ولكني أبكي الفراق لأني لن أراه مرة أخري أبكيه كأم لأنه قطعة مني ولكن صبري علي فراقه ينبع من أنه حي أقسم لكم انه حي لأنني أراه في منامي كل يوم أليس الله هو القائل »ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون» ابني مش خسارة في مصر وشرف لي أن الله اختاره شهيداً وان اختارني أماً لشهيد حي ولو عندي ألف ولد اقدمهم شهداء لبلدي، لقد كانت امنية ابني الالتحاق بالجيش ونسعي ليكون ضابطاً ولكن شاء الله أن يلتحق بكلية الحقوق وجند بعد تخرجه وكم كانت فرحته كبيرة وهو يرتدي الأفرول العسكري والغريب انني كنت دائماً ما يتملكني الشعور بأن اسلام سيصبح شهيداً وكان ذلك أيضاً احساسه ولكن كنت أخفيه عن أبيه واخوته حتي لا ينزعجوا، أنا فرحانة ان ابني شهيد والناس تغني معي أم البطل ابني حبيبي يا نور عيني بيضربوا بيك المثل. ما أجملك يا بنت مصر يا أمي وأختي وابنتي، ما أروعك يا أم الشهيد إسلام ومثلك مثل كل أم شهيد تزف ابنها للشهادة مستبشرة بقضاء الله تقدم للكل قصة عطاء في حب الوطن ممن يعرفون قدره، هذه هي عظمة مصر أيها الجبناء يا طيور الظلام هذا هو الشعب الأصيل والأمهات اللائي بكين رحيل الابن ولكنهن لا تبخلن به علي وطنهن مصر. أحسنت إدارة الشئون المعنوية باستضافة تلك الأم في الاحتفالية فكانت في الزمان، والمكان المناسبين تماماً وكانت أقوي رد علي من يستهدفون ذلك البلد الأمين ويحاولون الوقيعة بين الشعب وجيشه بادعاءات باطلة. الجبناء يظنون أن الدماء التي تسيل تخيف الناس مع كل عملية إرهابية يقومون بها وهم واهمون فهذا الشعب العظيم الذي تظهر من بين أطيافه الآن نفايات سوف يقضي عليها توحد الأمة ووقوفها صفاً واحداً دون اهتزاز أو خوف تزيده المحن صلابة وقوة تزيده عزيمة علي التحدي وتحقيق المعجزات التي يعجز الخبراء والزمان علي تفسيرها وما حرب أكتوبر وما حققه المصريون منها ببعيدة عن ذاكرتنا خاصة ونحن نحتفل اليوم بالعيد ال43 لانتصاراتها. جيلي ممن عاشوا سنوات الهزيمة ثم حرب الاستنزاف يعرفون قدر التضحيات التي قدمها شعب مصر فكم عشنا لحظات أصعب مما نمر به الآن من ضرب وتدمير مدن القناة والاعتداء علي المدارس والمصانع وضربها بطائرات الفانتوم ورغم ذلك لم تلن عزيمة هذا الشعب ولم تجف فخرج المارد ليحقق الانتصار المزلزل في العبور العظيم أكتوبر 1973. أيتها السيدة العظيمة أم اسلام شكراً لأنك عبرتي بصدق عن المصرية الأصيلة.