محمد الباز عن "اعترافات القتلة": جماعة الإخوان "عصابة" حكمت مصر    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: إزالة أجزاء من عقار بالجمرك لخطورته الداهمة وحقيقة ألسنة اللهب على الكورنيش    "القاهرة الإخبارية" تكشف تفاصيل استهداف إسرائيل مواقع عسكرية في سوريا    وفيات وأضرار عقب هجمات روسية في منطقة دنيبرو الأوكرانية    وفاة رئيس أرسنال السابق    تحقيقات موسعة في مصرع وإصابة 5 أشخاص بحادث مروري مروع بالشروق    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    توريد 24 ألف طن قمح ل 56 موقعًا تخزينيًا في الشرقية    وزيرة التعاون الدولي تلتقي نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي لبحث الشراكات    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    جامعة جنوب الوادي توفر سكن فاخر لمرافقي مصابي الأشقاء الفلسطينيين    سوق السيارات المستعملة ببني سويف يشهد تسجيل أول مركبة في الشهر العقاري (صور)    فريق حاسبات عين شمس الأول عربياً وأفريقياً في المسابقة العالمية 24 ICPC"    إطلاق برنامج "لقاء الجمعة للأطفال" بمسجد الشامخية ببنها    جوائز تصل ل25 ألف جنيه.. جامعة الأزهر تنظم مسابقة القراءة الحرة للطلاب    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    بايدن يدرس صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل بأكثر من مليار دولار    بدء أكبر انتخابات في العالم بالهند.. 10% من سكان الأرض يشاركون    بحضور 400 مشارك .. وكيل أوقاف القليوبية يطلق برنامج لقاء الجمعة للأطفال    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة.. مباريات اليوم السادس    مباشر الدوري المصري - بلدية المحلة (0)-(0) المقاولون.. بداية المباراة    موعد مباراة الزمالك ودريمز في الكونفدرالية وتردد القناة الناقلة    تقارير: ليفربول يرفض رحيل محمد صلاح في الميركاتو الصيفي    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    إصابة 17 شخصا في حادث انقلاب سيارة بالمنيا    شكوى من انقطاع المياه لمدة 3 أيام بقرية «خوالد أبوشوشة» بقنا    «ابدأ» تشارك بعدد من التوصيات لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني    وصول وزيرة الثقافة ومحمد إمام وهنا الزاهد وغادة عادل إلى جنازة صلاح السعدني    ابن عم الراحل صلاح السعدنى يروى كواليس من حياة عمدة الدراما بكفر القرنين    انتهاء أعمال المرحلة الخامسة من مشروع «حكاية شارع» في مصر الجديدة    دعاء لأبي المتوفي يوم الجمعة.. من أفضل الصدقات    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    طريقة قلي الباذنجان الصحية.. النتيجة مدهشة جربها دلوقتي    الصحة: المجتمع المصري أصبح يعاني أمراضا نفسية بسبب الظروف التي مرت بالبلاد    لمحبي الشاي بالحليب.. 4 أخطاء يجب تجنبها عند تحضيره    كل ما تريد معرفته عن قانون رعاية حقوق المسنين| إنفوجراف    محافظ أسيوط يعلن ارتفاع معدلات توريد القمح المحلي ل 510 أطنان    الأربعاء.. انطلاق مهرجان الفيلم العربي في برلين بمشاركة 50 فيلما عربيا    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    استشهاد شاب فلسطينى وإصابة 2 بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم نور شمس شمال الضفة    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    1490 طنا.. وصول القافلة السادسة من مساعدات التحالف الوطني لأهالي غزة (صور)    "رصدته كاميرات المراقبة".. ضبط عاطل سرق مبلغا ماليا من صيدلية بالقليوبية    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين يوم الأحد بنظام ال"أون لاين" من المنزل    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    إيرادات السينما أمس.. شقو في المقدمة وأسود ملون يتذيل القائمة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل البنات حلوين‮:‬ كتاب ضد مقاييس الجمال‮ ‬ المروَّج لها إعلامياً‮!‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 15 - 10 - 2016

من مزايا كتُب المقالات المُجمَّعة لكُتّابٍ‮ ‬متعدّدين‮ (‬الأنثولوجِيّات‮) ‬أنّها تقدّمُ‮ ‬وجبةً‮ ‬دسِمةً‮ ‬لِهُواةِ‮ ‬الإحصاء‮! ‬أعني مَن تسلَّطَت عليهِم مِثلي جِنّيّةُ‮ ‬الإحصاء يومًا ما فظَنُّوا أنّهم سيُفنُون أعمارَهم في تقديمِ‮ ‬القرابينِ‮ ‬لها من بُطونِ‮ ‬الكتُب ومِن بينِ‮ ‬سُطورِ‮ ‬صفحةِ‮ ‬العالَم،‮ ‬ثُمّ‮ ‬شُغِلُوا عنها فظلّتْ‮ ‬قابعةً‮ ‬في زاويةٍ‮ ‬مظلِمةٍ‮ ‬من وعيِهم،‮ ‬تنتظرُ‮ ‬قُربانًا مناسبًا لتَظهَرَ‮ ‬إلي النُّور كُلَّ‮ ‬عِدّةِ‮ ‬أعوام‮!‬
‮ ‬لا أمهّدُ‮ ‬بالأرقامِ‮ ‬لدراسةٍ‮ ‬أسلوبيّةٍ‮ ‬مقارِنةٍ‮ ‬كعادةِ‮ ‬الأسلوبيّين،‮ ‬لأني لستُ‮ ‬منهم بحُكم التخصُّص‮. ‬وإنما أمارِسُ‮ ‬لَعِبًا حبيبًا إلي نفسي مع نُصُوصِ‮ ‬هذا الكتاب‮.. ‬
‮ ‬أولُ‮ ‬ما يبدَ‮ ‬هُنا الغِلافُ‮ ‬من تصميم‮ (‬هاني صالح‮) ‬حيثُ‮ ‬يقدّم صورةً‮ ‬فوتوغرافيّةً‮ ‬لأثوابٍ‮ ‬من القماش المنقوش بألوانٍ‮ ‬نسائيّةٍ‮ ‬مبهِجةٍ‮ ‬متراصّةٍ‮ ‬فوقَ‮ ‬بعضِها،‮ ‬فيما يُعَدُّ‮ ‬في رأيي معادلاً‮ ‬بصريًّا مبتَكَرًا لموضوع الكتابِ‮ ‬وعنوانِه‮..‬
‮ ‬يضُمُّ‮ ‬الكتابُ‮ ‬الصادرُ‮ ‬حديثًا عن دار‮ (‬الشروق‮) ‬اثنين وستّين مقالاً‮ ‬لسِتٍّ‮ ‬وعشرين كاتبةً،‮ ‬وكاتبٍ‮ ‬واحدٍ‮ ‬هو‮ (‬لاري نبيل‮).. (‬آية خالِد‮) ‬المحرِّرَة في موقع‮ (‬نُون‮) ‬الذي استضاف كُلَّ‮ ‬هذه المقالات قالت في المقدّمةِ‮ ‬إنّ‮ ‬عنوانَ‮ ‬الكتابِ‮ ‬وُلِدَ‮ ‬في جَلسةٍ‮ ‬استضافها الموقِعُ‮ ‬وتحوَّلَ‮ ‬من مجرّد‮ (‬إفّيه‮) ‬مأخوذٍ‮ ‬مِن أغنيةٍ‮ ‬شهيرةٍ‮ (‬كل البنات بتحبّك‮) ‬ل(حسام حسني‮) ‬إلي شِعارٍ‮ ‬لحَملةٍ‮ ‬قامَت بها كاتباتُ‮ ‬الموقِع للثورةِ‮ ‬علي القوالبِ‮ ‬النمطيّةِ‮ ‬المُعَدَّةِ‮ ‬سلَفًا للجَمالِ‮ ‬في المرأة‮/ ‬البنت‮.. ‬كُتِبَت المقدّمةُ‮ ‬بالعامّيّة،‮ ‬كما كُتِبَ‮ ‬ثلاثةٌ‮ ‬وثلاثون مقالاً‮ ‬بالعامّيّة،‮ ‬وخمسةٌ‮ ‬وعشرون بالفُصحي،‮ ‬وأربعةٌ‮ ‬بمَزجٍ‮ ‬منهما‮.. (‬ريهام سعيد‮) ‬أغزرُ‮ ‬الكاتباتِ‮ ‬إسهامًا بسبعةِ‮ ‬مقالاتٍ‮ ‬منها سِتّةٌ‮ ‬بالعامّيّة وواحدٌ‮ ‬بالمَزج‮.. ‬بعدَها كُلٌّ‮ ‬من‮ (‬حنان الجوهري‮) ‬و(ياسمين عادل‮) ‬بخمسةٍ‮ ‬لكلٍّ‮ ‬منهما‮.. ‬بين مَن جمَعن مقالات الفصحي إلي العامية‮ (‬غادة خليفة‮) ‬و(رانيا منصور‮) ‬وكِلتاهُما شاعرة‮.. ‬ل‮(‬غادة‮) ‬مقالٌ‮ ‬بالفصحي من أصل ثلاثة مقالات،‮ ‬ول(رانيا‮) ‬واحدٌ‮ ‬من أصل اثنين‮.. ‬مقالُ‮ (‬غادة‮) ‬الفصيح‮ (‬في ممرّاتِ‮ ‬الجَمال‮) ‬يُشبهُ‮ ‬شِعرَها جِدًّا‮: ‬فِقراتٌ‮ ‬مُرقَّمَةٌ‮ ‬قافِزَةٌ‮ ‬بين أحداثٍ‮ ‬تقعُ‮ ‬في أماكنَ‮ ‬مختلِفةٍ‮ ‬يربِطُ‮ ‬بينَها هاجِسُ‮ ‬اكتشافِ‮ ‬الذّاتِ،‮ ‬وهُنا تحديدًا من زاويةِ‮ ‬الأنوثةِ‮ ‬وعلاقتِها بالجَمال‮.. ‬كذلك جاءَ‮ ‬مقالُ‮ (‬رانيا‮) ‬الفصيح‮ (‬أربعةُ‮ ‬أشياءَ‮ ‬تتنفّسُ‮ ‬بها المرأةُ‮ ‬وتَذبُلُ‮ ‬دُونَها‮) ‬فِقراتٍ‮ ‬مُرَقَّمَةً‮ ‬تتناولُ‮ ‬كلٌّ‮ ‬منها‮ (‬شيئًا‮) ‬من المُشارِ‮ ‬إليها في العنوان،‮ ‬والقصيدة‮/ ‬المقال يُخاطِبُ‮ ‬الرَّجُل‮/ ‬الحَبيبَ‮ ‬بشكلٍ‮ ‬لا لَبسَ‮ ‬فيه،‮ ‬وهو ما يُحيلُ‮ ‬قارئَ‮ ‬المَقالِ‮ ‬فورًا إلي شِعر‮ (‬رانيا‮) ‬المنشورِ‮ ‬في‮ ‬غير هذا الكتاب‮..‬
‮ ‬كما استُقِيَ‮ ‬عنوانُ‮ ‬الكتابِ‮ ‬من أغنيةٍ،‮ ‬جاءت المُدخَلاتُ‮ ‬الثقافيّةُ‮ ‬للكاتباتِ‮ ‬مِن أفلامٍ‮ ‬وأغانٍ‮ ‬وأعمالٍ‮ ‬أدبيّةٍ‮ - ‬واضحةً‮ ‬تمامًا في كثيرٍ‮ ‬من المقالاتِ‮ ‬بِتَرَدُّدِ‮ ‬إشارتِهِنّ‮ ‬إليها‮.. ‬مثلاً‮ (‬رنا حسين‮) ‬أشارت إلي فيلم‮ (‬المرايا‮) ‬و‮(‬غادة خليفة‮) ‬إلي‮ (‬أنا حُرَّة‮) ‬و(ساندرا سليمان‮) ‬إلي‮ (‬فتاة المصنع‮) ‬و(حنان الجوهري‮) ‬إلي‮ (‬صايع بحر‮) ‬لفظًا و(هستيريا‮) ‬بشكلٍ‮ ‬ضمنيٍّ‮ ‬حين تماهَت مع‮ (‬عبلة كامل‮) ‬في دور‮ (‬وِداد‮) ‬في ذلك الفيلم حيثُ‮ ‬قالَت‮: "‬أنا ممكن ولا آكُل ولا أشرب ولا أنام بس الراجل اللي أحبه يطبطب عليّ‮ ‬وكِدَهُوَّنْ،‮ ‬ويقول لي سلامة رِجلِك من الوقفة يا وداد‮"‬،‮ ‬وقارنَت‮ (‬ياسمين عادل‮) ‬بين فيلمَي‮ (‬تيمور وشفيقة‮) ‬و(الباب المفتوح‮) ‬من حيثُ‮ ‬موقفُ‮ ‬الرَّجُلِ‮ ‬من المرأةِ‮ ‬في كِلَيهِما‮.‬
‮ ‬أمّا علي صعيد الأغاني،‮ ‬فقد أشارَت‮ (‬سمر طاهر‮) ‬إلي‮ (‬قوم اقف‮) ‬ل(بهاء سلطان‮)‬،‮ ‬وضمنيًّا إلي‮ (‬عينك‮) ‬ل(شيرين عبد الوهاب‮) ‬حين تماهَت مع السَّطر‮ (‬عينك علي اللي رايحة واللي جاية‮)‬،‮ ‬وأشارَت‮ (‬إسراء مقيدم‮) ‬إلي‮ (‬الزهور زي الستات‮) ‬ل(محمد فوزي‮)‬،‮ ‬و(دينا فرَج‮) ‬إلي‮ ‬Shower لBecky G،‮ ‬و(ساندرا سليمان‮) ‬إلي فرقة‮ (‬محيي الدين بن عربي‮) ‬وغنائها أبياتَ‮ (‬رابعة العدوية‮) ‬الشهيرة في الحُبّ‮ ‬الإلهي،‮ ‬و(ريهام سعيد‮) ‬إلي فريق‮ ‬Spice Girls،‮ ‬و(ياسمين يوسف‮) ‬إلي‮ (‬بلد البنات‮) ‬لمحمد منير‮.. ‬
‮ ‬علي صعيد الإشاراتِ‮ ‬الأدبيةِ،‮ ‬أشارت‮ (‬ساندرا‮) ‬كذلك إلي قصيدةٍ‮ ‬ل(إبراهيم البجلاتي‮)‬،‮ ‬و(مي فتحي‮) ‬إلي‮ (‬تنسي كأنكَ‮ ‬لم تَكُنْ‮) ‬ل(محمود درويش‮)‬،‮ ‬و(حنان الجوهري‮) ‬إلي رواية‮ (‬شنغهاي بيبي‮) ‬ل(ويهوي چو‮) ‬والمجموعة القصصية‮ (‬وارقص‮) ‬ل(سهير صبري‮)‬،‮ ‬و(رزان محمود‮) ‬إلي رواية‮ (‬الباب المفتوح‮) ‬ل(لطيفة الزيات‮)..‬
‮ ‬وأخيرًا،‮ ‬امتازت‮ (‬حنان الجوهري‮) ‬بالإشارة إلي أحد إعلانات اللبن البودرة في مقالها‮ (‬مش عايزة هدية عيد أُم يا فريدة‮)!‬
‮ ‬وفي الحقيقة لم يأتِ‮ ‬تفاعلُ‮ ‬الكاتباتِ‮ ‬مع هذه المُدخَلاتِ‮ ‬دائمًا متعلّقًا بمسألة جَمال المرأةِ‮ ‬إيجابًا وسَلبا‮.. ‬وهذا ببساطةٍ‮ ‬لأنّ‮ ‬هُمومَ‮ ‬هذه المقالاتِ‮ ‬تراوحَت بين الالتزام بهذا المِحوَر إلي أقصي حَدٍّ‮ ‬كما في مقالاتِ‮ (‬رزان محمود‮) ‬الثلاثةِ‮ ‬التي صُدِّرَ‮ ‬بها الكتابُ،‮ ‬والابتعادِ‮ ‬عنه إلي آفاقٍ‮ ‬مختلفةٍ‮ ‬قد تتعلّقُ‮ ‬بمسألة الرّضا عن العالَم والتصالُح مع القدَر كما في‮ (‬سونار وسخّان‮ ‬40‮ ‬لتر‮) ‬ل(ريهام‮)‬،‮ ‬أو العلاقة بالله كما في‮ (‬وشكوتُ‮ ‬للهِ‮ ‬أنَّ‮ ‬التُّرابَ‮ ‬يُحزِنُني‮) ‬ل(دينا فرَج‮).. ‬
‮ ‬وإجمالاً‮ ‬فقد تراوحَت المقالاتُ‮ ‬بين الهَمّ‮ ‬النِّسويِّ‮ ‬الصِّرف‮ (‬وهو ما يستحوذُ‮ ‬علي مُعظَم المقالات‮) ‬والخروجِ‮ ‬منه إلي الإنسانيِّ‮ ‬العامّ‮.. ‬في‮ (‬إنّهنّ‮ ‬حتمًا لا يتنفّسنَ‮ ‬هُناكَ‮) ‬تتأمّل‮ (‬دينا فرَج‮) ‬ما تسمّيه‮ (‬ميكانو الطوب الأحمر‮) ‬في إشارةٍ‮ ‬إلي العماراتِ‮ ‬المتراصّةِ‮ ‬علي جانبَي الطريق الدائريّ‮ ‬غيرَ‮ ‬حافِلَةٍ‮ ‬بحقوقِ‮ ‬قاطنيها في أقلّ‮ ‬القليلِ‮ ‬من مساحةِ‮ ‬الخصوصيّة أو أقلّ‮ ‬القليل من الجَمال‮.. ‬تُصَدّرُ‮ ‬لنا همًّا إنسانيًّا حين تتأمّلُ‮ ‬معاناةَ‮ ‬هؤلاء القاطنين مع محيطِهم الإسمنتيّ،‮ ‬لكنّ‮ ‬التفاصيلَ‮ ‬دائمًا تتعلّقُ‮ ‬بامرأةٍ‮ ‬ما،‮ ‬ولا تَخرُجُ‮ ‬إلي حيّز الرِّجال إلاّ‮ ‬في سياقِ‮ ‬طفولةٍ‮ ‬تلعبُ‮ ‬الكُرَةَ‮ ‬أو زوجَين يقلقان من تنصُّتِ‮ ‬الجيرانِ‮ ‬إلي علاقتِهما الحميمة،‮ ‬فيَظهَرُ‮ ‬أنَّ‮ ‬هَمَّ‮ ‬المَقالِ‮ ‬نِسوِيٌّ‮ ‬بالأساسِ‮ ‬وإن اختبأَ‮ ‬خلفَ‮ ‬رحابةِ‮ ‬الإنسانيّ‮.. ‬
‮ ‬علي عكسِ‮ ‬هذا النموذجِ‮ ‬جاءَ‮ ‬مقالُ‮ (‬رضوي أسامة‮) ‬الموسومُ‮ (‬لماذا لا يُشبِهُ‮ ‬العالَمُ‮ ‬أصدقاءَ‮ ‬أبي؟‮)‬،‮ ‬حيثُ‮ ‬تَخرُجُ‮ ‬من خبرةِ‮ ‬طفولتِها الخاصّةِ‮ ‬إلي تأمُّلٍ‮ ‬يتعلّقُ‮ ‬بمعاملَة الأطفالِ‮ ‬إجمالاً‮- ‬ذكورًا وإناثًا دون تفرقةٍ‮- ‬وإسهامِ‮ ‬البالغين في تكوين صورتِهم الذِّهنيّةِ‮ ‬عن أنفسِهم‮..‬
‮ ‬نعودُ‮ ‬إلي المحورِ‮ ‬الأساسيِّ‮ ‬للكِتابِ،‮ ‬فنكتشفُ‮ ‬أنّ‮ ‬للمراحلِ‮ ‬العُمريّةِ‮ ‬المختلِفةِ‮ ‬في حياةِ‮ ‬المرأةِ‮ ‬أنصِبَةً‮ ‬محدّدةً‮ ‬من دفاعِ‮ ‬هذه المقالاتِ‮ ‬عنِ‮ ‬عالَمِيّةِ‮ ‬جَمالِ‮ ‬المرأة‮.. ‬فَ(انتبهوا،‮ ‬إنهم يسرقون طفولةَ‮ ‬أبنائنا‮) ‬ل(هدي الرافعي‮) ‬و(أنا جميلة يا تيتة‮) ‬ل(رَزان‮) ‬مثلاً‮ ‬يتعلّقانِ‮ ‬بأنَّ‮ (‬كُلّ‮ ‬الطِّفلات حلوين‮)‬،‮ ‬و(سيبيها تشيل شنبها‮) ‬ل(سارة عابدين‮) ‬يتعلّقُ‮ ‬بأنّ‮ (‬كل المراهقات حلوين‮) ‬مع تركيزِه علي مسألةِ‮ ‬الاتّساقِ‮ ‬في تربيةِ‮ ‬الأبناء،‮ ‬بينما‮ (‬مناخيرِك المنفوشة تدُلّ‮ ‬علي أنوثة طاغية‮) ‬ل(ياسمين عادل‮) ‬ذ والذي تتناصّ‮ ‬في عنوانِه مع جُملة‮ (‬فؤاد المهندس‮) ‬الشهيرة في‮ (‬مطاردة‮ ‬غرامية‮) ‬ذ يتعلّقُ‮ ‬بأنّ‮ (‬كُلّ‮ ‬الحوامل حِلوين‮).. ‬وأخيرًا نجدُ‮ (‬موت فاتن وحياة صباح‮) ‬ل(سمَر طاهِر‮) ‬يؤكّدُ‮ ‬ضمنيًّا علي أنَّ‮ (‬كُلّ‮ ‬المُسِنّات جميلات‮) ‬ومِن حقِّهِنّ‮ ‬أن يمارِسن الحياةَ‮ ‬كما يحلو لهُنّ‮..‬
‮ ‬التيّارُ‮ ‬العامّ‮ ‬للمقالاتِ‮ ‬هو ضربُ‮ ‬عرضِ‮ ‬الحائطِ‮ ‬بمقاييس الجَمال المُرَوَّجِ‮ ‬لها إعلاميًّا لصالِحِ‮ ‬أنماطٍ‮ ‬جسديّةٍ‮ ‬أُخرَي،‮ ‬ويبلغُ‮ ‬هذا ذِروتَه في مقالاتٍ‮ ‬مثل‮ (‬فتيات إفريقيا الجميلات الممتلئات‮) ‬لِ(رَزان‮) ‬و(أصل أنا مش عاملة ريچيم‮) ‬ل(إنچي إبراهيم‮) ‬حيثُ‮ ‬يزدري المقالان النمطَ‮ ‬الجسديّ‮ ‬الشائعَ‮ ‬وصفُهُ‮ ‬ب(الصحّيّ‮) ‬أو‮ (‬اللائق طبّيًّا‮) ‬بكلّ‮ ‬تفاصيلِه،‮ ‬فيما يمكن وصفُهُ‮ ‬بالإرشاد الصّحّيّ‮ ‬المقلوب‮! ‬هي موعظةٌ‮ ‬طبيّةٌ‮ ‬خاطئةٌ‮ (‬سياسيًّا‮) ‬كما يقولُ‮ ‬الأمريكيّون‮ ‬politically incorrect!
أخيرًا يمكنُ‮ ‬بَسطُ‮ ‬المقالاتِ‮ ‬علي مُنحنيً‮ ‬بيانيٍّ‮ ‬مِحورَاهُ‮ ‬هما‮ (‬نقدُ‮ ‬الجَسَد‮) ‬و(نَقدُ‮ ‬الرُّوح‮).. ‬بالطبعِ‮ ‬لا تخلو مقالاتُ‮ ‬نقدِ‮ ‬الجسَد من إشاراتٍ‮ ‬إلي الرّوح،‮ ‬والعكسُ‮ ‬صحيحٌ،‮ ‬ولا يمكن ألاّ‮ ‬يكونَ‮ ‬الأمرُ‮ ‬كذلك في الحقيقة‮.. ‬ما أسلفناهُ‮ ‬من أمثِلةٍ‮ ‬يُرَكِّزُ‮ ‬معظمُه علي‮ (‬نقد الجسَد‮) ‬بالفِعل،‮ ‬وإن كنتُ‮ ‬أري واجبًا أن أُنَوِّهَ‮ ‬ببعض المقالاتِ‮ ‬التي عبَّرَت في جَمالٍ‮ ‬استثنائيٍّ‮ ‬عن صداقةِ‮ ‬الكاتبةِ‮ ‬وجَسَدِها‮.. ‬ربّما أهمُّها المقالُ‮ ‬الافتتاحيُّ‮ ‬ل(رَزان‮) (‬أنا جميلة يا تيتة‮) ‬في فقرةٍ‮ ‬تبدأُ‮ "‬جسَدي‮.. ‬هنا قلبٌ‮ ‬تحمَّلَني حتي في أيامٍ‮ ‬صعبة‮" ‬وتنتهي‮ "‬هنا شَعرٌ‮ ‬يَحتاجُ‮ ‬القليلَ‮ ‬من الرِّعاية‮"‬،‮ ‬ومعَه‮ (‬رسالة إلي جسمي‮) ‬ل(مَيّ‮ ‬فتحي‮) ‬باكتنازِهِ‮ ‬بتفاصيلَ‮ ‬دقيقةٍ‮ ‬في تطوُّرِ‮ ‬وعي الكاتبةِ‮ ‬بجسدِها وصولاً‮ ‬إلي مرحلة عمليّة‮ (‬تدبيس المَعِدَة‮) ‬وما بعدَها‮.. ‬وثالثُهُما‮ (‬سِرُّ‮ ‬العلاقة الحميمة‮) ‬ل(ياسمين عادل‮) ‬حيثُ‮ ‬اقتحَمَت مُحَرَّمَ‮ ‬الجِنسِ‮ ‬محاولةً‮ ‬تقديمَ‮ ‬فهمٍ‮ ‬مُغايرٍ‮ ‬لطبيعةِ‮ ‬العلاقة،‮ ‬يُعبّرُ‮ ‬عن جزءٍ‮ ‬منهُ‮ ‬قولُها‮ (‬يا بَختُه اللي فيوزاتُه تبقي راكبة علي فيوزات جوزُه‮)! ‬وهو قولٌ‮ -‬علي خِفّةِ‮ ‬دمِهِ‮- ‬يذكِّرُني شخصيًّا بشَرح أستاذِنا أستاذِ‮ ‬أمراضِ‮ ‬الذُّكورةِ‮ ‬بقصرِ‮ ‬العيني الدكتور‮ (‬أشرف فايز‮) ‬للحديث النبويّ‮ "‬خيرُ‮ ‬متاعِ‮ ‬الدنيا المرأةُ‮ ‬الصالِحة‮" ‬حيثُ‮ ‬يري أنّ‮ ‬المقصودَ‮ "‬صالحةٌ‮ ‬لهذا الزوجِ‮ ‬تحديدًا،‮ ‬كالقُفلِ‮ ‬والمفتاح،‮ ‬وليس صلاحَ‮ ‬الصلاةِ‮ ‬والصومِ‮ ‬والعبادات رغمَ‮ ‬أهميتِها‮".‬
‮ ‬أمّا‮ (‬نقدُ‮ ‬الرُّوح‮) ‬فرُبّما أبرزُ‮ ‬أمثِلَتِه مقالُ‮ (‬كاميليا حسين‮) (‬أخطر ستّ‮ ‬قابلتها‮) ‬الذي تعكفُ‮ ‬فيه علي تأمُّلِ‮ ‬الشعور بالذَّنب و(عُقدةِ‮ ‬النقصِ،‮ ‬كما كان يَحلو لألفريد آدلر أن يُسَمِّيَها‮). ‬تقول في نهايته‮: "‬باصطاد كل الكلام السلبي اللي باسمعه من الناس وأغزِل منّه لعنة أعلّقها في رقبتي عشان ما اخطّيش خطوة‮" ‬معبِّرَةً‮ ‬عن أزمةٍ‮ ‬وجوديّةٍ‮ ‬حادّةٍ‮ ‬تسكنُ‮ ‬وَعيَها،‮ ‬ولا نُعَقِّدُ‮ ‬الأمورَ‮ ‬إذا قُلنا إنّ‮ ‬موضوعَ‮ ‬هذا المقال‮/ ‬التّدوينة هو‮ (‬نَقدُ‮ ‬نقدِ‮ ‬الذّات‮)! ‬
‮ ‬كذلك مقال‮ (‬امتي بقي هاحِسّ‮ ‬بالرّاحة‮) ‬ل(مَيّ‮ ‬فتحي‮) ‬يعبّرُ‮ ‬عن قلقٍ‮ ‬وجوديٍّ‮ ‬أصيلٍ‮ ‬إزاءَ‮ ‬كُلِّ‮ ‬مظاهرِ‮ ‬الحياةِ،‮ ‬ولا يبدو منه مَخرَجٌ‮ ‬لدي الكاتبةِ‮ ‬إلاّ‮ ‬النسيانُ‮.. ‬أن تَنسَي وتُنسَي،‮ ‬متماهيةً‮ ‬مع العذراءِ‮ (‬مَريَم‮) ‬في أزمتِها الوجوديّة كما عبَّرَت عنها الآيةُ‮ ‬القرآنيّة‮ "‬يا لَيتَني مِتُّ‮ ‬قبلَ‮ ‬هذا وكنتُ‮ ‬نَسيًا مَنسِيّا‮"..‬
‮ ‬انتهاءً،‮ ‬هذا الكتابُ‮ ‬فرصةٌ‮ ‬للإطلالِ‮ ‬علي فكرِ‮ ‬وإبداعِ‮ ‬مجموعةٍ‮ ‬من الكاتباتِ‮ ‬المصريات الشابّات،‮ ‬والوقوفِ‮ ‬علي طبيعةِ‮ ‬موقفهنّ‮ ‬من أبرزِ‮ ‬القضايا النسويّةِ‮ ‬قاطبةً،‮ ‬وهي بالتأكيدِ‮ ‬قضيّةُ‮ ‬ماهِيّة الأنوثةِ‮ ‬بحدّ‮ ‬ذاتِها،‮ ‬وكيفَ‮ ‬صاغتها الممارسةُ‮ ‬البشريّةُ‮ ‬المجتمعيّة،‮ ‬وكيفَ‮ ‬يطمَحنَ‮ ‬إلي تغييرِها‮.. ‬لا نجدُ‮ ‬ثورةً‮ ‬جِذريّةً‮ ‬في الحقيقةِ‮ ‬في ثنايا الكتابِ‮ ‬علي الوجودِ‮ ‬أو علي التصوُّر الدينيّ‮ ‬عن دور المرأة،‮ ‬رغم الإشاراتِ‮ ‬المتناثِرةِ‮ ‬عن الضيقِ‮ ‬بقولبةِ‮ ‬الأنثي بواعزٍ‮ ‬من نُصوصِ‮ ‬الدِّين‮.. ‬بل نجدُ‮ (‬نهلة النمر‮) ‬في‮ (‬بنت مسترجلة في مجتمع محتاج‮ ‬يسترجل‮) ‬تقولُ‮: "‬المرأة زي القارورة اللي هي الزجاجة في رقّتها،‮ ‬لكن كمان من خصائص الزجاج إذا انكسر أنه‮ ‬يكون حادًّا وجارحًا‮"‬،‮ ‬وهو ما‮ ‬يَشِي برِضًا تامٍّ‮ ‬عن الوصفِ‮ ‬النبويّ‮ ‬الشهير للمرأة،‮ ‬وإن كان‮ ‬يقدّمُ‮ ‬تفصيلةً‮ ‬جديدةً‮ ‬فإنّها لا تَخرُجُ‮ ‬عن أن تكون اجتهادًا جديدًا في فهم النّصّ،‮ ‬بعد التسليمِ‮ ‬بصحّتِه‮..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.