التجربة السنغافورية نموذج يستحق الاهتمام والدراسة واستنباط الدروس المستفادة منها للأخذ بها في سعينا نحو تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة بين بناء الإنسان وتنمية المكان.. فقبل حوالي ستين عاما كانت سنغافورة دولة يلفها الفساد شديدة التخلف لكنهم استطاعوا تغيير كل ذلك، ورغم ان سنغافورة كدولة لا يتوافر فيها أي نوع من المصادر الطبيعية التي يمكن الاعتماد عليها لتطويرها، علاوة علي أنها تضم خليطا سكانيا متنافرا من الدول المجاورة لها مثل الصين وماليزيا والهند وعديد من الأقليات الآسيوية والأوروبية. الرغبة الحقيقية للقادة في سنغافورة للنهوض بدولتهم جعلتهم يؤمنون بأن المواطن هو أساس اي تنمية للتطور والتقدم والنمو، من هنا آمن »لي» قائد التغيير في سنغافورة بأن الاستثمار في البشر هو المفتاح الحقيقي للانتقال للعالم الأول والمنافسة الاقتصادية العالمية، فمن خلال دفع أبناء الوطن نحو التعلم والعمل والتدريب استطاع »لي» صنع وطن يعتز به أبناؤه بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية أو الشكلية، وبدأ في وضع نظام تعليمي متميز وقوي في محاوره المختلفة: المنهج، المعلم، المكان، الأسرة، الإدارة، ثم الطالب كمستفيد من هذا الربط التعليمي المتميز والمتقن. بهذا استطاع جذب كبري الشركات العالمية للعمل في سنغافورة نظرا لحسن تعليم وتدريب وانضباط السنغافوريين رجالا ونساء، وانطلاقهم من رؤية وطنية تجعل حب الوطن الأساس في العمل، وتأكيد استمرار ذلك من خلال زرع هذا الإحساس الوطني في نفوس الأجيال المقبلة، بحيث لا تضعف القدرة علي الاستمرار وحسن العطاء وتطويره..فاستطاعت التجربة السنغافورية التقدم سريعا في مجال التنمية والمتوازنة الشاملة والمستدامة، فهم حققوا ذلك بشكل متكامل مع الأخذ بكل وسائل التقنية الحديثة وأسبابها دون الاستغلال السيئ لها أو توظيفها فيما لا يخدم المصلحة العامة.. هذه ببساطة تجربة»لي».