فجأة اختفي السكر.. صار أزمة طاحنة رغم كل التصريحات والغريب ان ذلك تم ما بين ليلة وضحاها وكأنه لبس »طاقية الاخفا» من البقالين التموينيين والجمعيات بينما ظهر وحشاً كاسراً داخل السوبر ماركت مخرجاً لسانه متحدياً الأسعار ليباع بما يزيد عن 3 أضعاف سعره قبل الأزمة. ما يستوقفني هنا وأنا المتابع علي مدي الشهور الستة الماضية من خلال عملي رئيساً لديسك الأخبار هو تصريحات وزير التموين السابق وكل مسئوليه والمحافظين في محافظاتهم من أن مخزون السكر الاستراتيجي يكفينا لمدة 6 شهور كاملة دون خوف أو قلق وأن هناك اتفاقيات جديدة لاستيراد كميات أخري بجانب الانتاج المحلي تدعم الرصيد ويكفي ويفيض ثم تحدث تلك الكارثة التي اختفي فيها »السكر» وارتفع سعره في الأسواق إلي 10 و12 جنيهاً للكيلو الواحد. إما الوزير كان بيضحك علينا أو انه كان في غيبوبة واكتفي بحال الواقع من خلال الأوراق المزيفة التي كان يعدها مساعدوه حول توافر المخزون تماماً كما اكتشفنا بعد ذلك مأساة اللعب بحجم المخزون في الأقماح في الشون وسرقة ملايين الجنيهات والأطنان بإيهامنا أنها دخلت المخازن علي غير الحقيقة ،وشكراً للرقابة الإدارية انها كشفت الفساد بواسطة مراقبيها ولمجلس النواب ولجنته للتحقيق التي قالت الحقيقة وفضحت الحرامية. الحقيقة ان كل أزماتنا سببها التجار الذين يتلاعبون بالسوق يخفون السلع عندما يريدون ويخرجونها عندما يتأكدون من أن السوق تعطش لها وصار جاهزاً ليفرضوا أسعارهم محققين المكاسب الضخمة علي حساب الغلابة.. رأينا ذلك في أزمة الأرز وكيف تحكموا وقاموا بجمعه من الفلاحين مباشرة تحت سمع وبصر الحكومة وفي أزمة اللحوم وأزمة الفراخ لقد أثبتوا أنهم شطار في حصار السوق وفرض ارادتهم رغم كل القوانين والإجراءات التي تتخذها الدولة لمحاربتهم ووقف جشعهم. ادخل أي سوبر ماركت أو محل دواجن أو محل جزارة ستجد صاحبه يرد عند مناقشته عن الأسعار مخرجاً الفواتير ليؤكد لك صدق قوله: يا حضرة احنا مظاليم مثلكم تماماً التجار الكبار أو القطط السمان عادوا بوجههم القبيح مستغلين حاجة الناس وعدم الرقابة الدقيقة في أجهزة التموين أو الداخلية وهم من يتحكمون في السعر بزيادته والله - وأقسم - كل اسبوع دون ضمير أو رقيب أو حسيب. الحقيقة استوقفني رد صاحب السوبر ماركت الذي حصلت منه علي كيلو السكر ب8 جنيهات والأرز ب9 جنيهات وهو يقول: يا أستاذ التجار الكبار معروفين بالاسم بعناوينهم ومخازنهم وسيارات النقل التابعة لهم بأساطيلها التي تجوب الجمهورية، مافيا في كل السلع الحيوية وأعتقد أن تقارير البحث تؤكد ذلك ولكن لا أحد يتحرك أو يقضي علي استغلالهم.. بل وأضيف أن لديهم مخازن سرية في آلاف الشقق التي يستأجرونها للإخفاء في كل المناطق السكنية في كل المحافظات. أمام ما قاله الرجل وجدتني عاجزاً عن الرد وأنا أقول معك كل الحق فكيف لأجهزة الدولة بكل جبروتها وسطوتها وأحكام القانون والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد التي اعتبرتها في حالة حرب مع الإرهاب والطامعين فيها ولا تستطيع تحديد أماكن تجميع السلع الاستراتيجية وأماكن اخفائها ومن المتحكمون في ذلك من معدومي الضمير من التجار الجشعين. مرة واحدة اتخذوا موقفاً ايجابياً عاقبوا تلك القطط السمان الذين اثروا علي حساب الشعب ولا نقول اعدموهم وإن كان هذا مطلبنا ولكن نقول صادروا أموالهم وبضائعهم وتلك ضربة قد تؤدي إلي قتلهم.