وسط مساحة 32 فدانا من الأراضي الزراعية تقع فيلا وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالي تطل علي بحيرة قارون لتظل رمزا شاهدا علي الفساد الذي بدأ منذ بنائها داخل محمية طبيعية بالمخالفة للقانون 102 لسنة 1983 الخاص بالمحميات، بمساندة مسئولين كبار سابقين، وانتهاء بمنع محافظ الفيوم السابق إزالة التعديات الخاصة بها رغم وجود قرار من قاضي التحقيق بذلك. حيث كان وزير العدل قد انتدب المستشار صفاء الدين أباظة للتحقيق في 65 حالة تعد علي بحيرة قارون، تقع في زمام أراضي وزارة الزراعة، وقد أصدر قرارا بإزالتها ومن بينها تعديات فيلا بطرس غالي التي امتدت إلي 200 متر من حرم البحيرة رغم أنه محمية طبيعية. وكانت هيئة الثروة السمكية قد تقدمت ببلاغ للنيابة العامة حول الواقعة إلي النيابة العامة، تمت إحالته إلي قاضي التحقيق الذي اكتشف 4 مفاجآت. تمثلت الاولي في قيام دفاع يوسف بطرس غالي بتقديم شهادة رسمية صادرة من وزارة البيئة تفيد بعدم اعتراضها علي التعدي رغم ان بحيرة قارون لا تقع ضمن اختصاصها الإداري لانها تتبع هيئة الثروة السمكية احدي هيئات وزارة الزراعة . أما المفاجأة الثانية فتمثلت في ادعاء الدفاع بأن بحيرة قارون قد ابتلعت ما يقرب من فدانين من اراضي يوسف بطرس غالي بحجة وجود مد وجزر ..الا ان المسئولين والفنيين المختصين في هذا الشأن اكدوا عدم صحة تلك الادعاءات، لأن بحيرة قارون تعد بحيرة تجميع مصارف وليست مثل البحر، وبالتالي لا يوجد بها اي مد او جزر. وجاءت المفاجأة الثالثة، عندما أكد رئيس هيئة الثروة السمكية أنه سبق وأصدر قرارا بإزالة التعديات فما كان من قاضي التحقيق إلا أن قام بالتأشير علي القرار بتاريخ 26 اغسطس الماضي وإخطار الجهات المسئولة لتنفيذه ومن بينها محافظ الفيوم السابق لكن الغريب أن تنفيذ القرار لم يتم، لتأتي رابع المفاجآت في 28 اغسطس عندما تلقي قاضي التحقيق اتصالا هاتفيا من رئيس الهيئة، ليخبره بأن المحافظ تعلل بأن الفيلا تضم مقتنيات ثمينة وتحفا غالية ..في حين ان الامر لا يتعلق اداريا بالمحافظة.. لأن نقل المنقولات يعد من اختصاص الجهات الامنية، فضلا عن أن وقف التنفيذ يعد مخالفة صارخة للقانون. لهذا أصدر قاضي التحقيق قرارا باستدعاء المهندس المسئول عن البحيرة وازالة التعديات للتحقيق معه ومعرفة اسباب عدم تنفيذ قرار الإزالة، وتحديد المتسبب في ذلك تمهيدا لاتخاذ الاجراءات القانونية معه بالإضافة للتعرف علي المتسبب في باقي حالات التعدي علي بحيرة قارون. وطالب مصدر قضائي رفيع المستوي بإصدار قانون منظم لعملية التحقيق في وقائع التعدي علي اراضي الدولة وكيفية استردادها واعادة تثمينها من اجل التصالح مع المخالفين وايضا الزامهم بدفع قيمة المخالفات التي ارتكبوها خاصة ان قرارات قضاة التحقيق في ملف استرداد الاراضي لا تنفذ الا بتعليمات من اللجنة التي يرأسها المهندس ابراهيم محلب. التقت الاخبار بأحد جيران وزير المالية الاسبق ويدعي محمود عبد العظيم حسن "موظف" فأكد أن المبني تم إنشاؤه منذ أكثر من 6 سنوات علي شاطئ البحيرة مباشرة، ومن أجل ذلك تم ردم مساحات كبيرة من المياه بالرمال وبواسطة الجهات المعنية بالمحافظة وقتها، لتتحول إلي فناء أمام مبني الفيلا، علي الرغم من أن هناك مخالفة صريحة بالبناء علي أرض المحمية فإن نفوذ الوزير وقتها لم يمنعه من البناء. وأكد مصدر مسئول بالمحميات الطبيعية أن المبني أنشئ بالمخالفة للقانون رقم 102 لسنة 1983 الخاص بالمحميات الطبيعية، الذي يحظر في مادته الثانية إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات أو ممارسة أية أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية في منطقة المحمية إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة وفقا للشروط والقواعد والإجراءات التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء ..وأضاف أن الوزير الأسبق خالف القوانين بإقامة الفيلا علي شاطئ البحيرة مباشرة، وقام بردم مساحات من المياه تحولت إلي فناء أمامها ضاربا بالقوانين عرض الحائط، بما يتعارض مع المادة الثالثة من القانون نفسه، والتي تنص علي أنه لا يجوز ممارسة أية أنشطة أو تصرفات أو أعمال أو تجارب في المناطق المحيطة بمنطقة المحمية. أما تحريات الرقابة الإدارية تكشف عن تقدم بطرس غالي أثناء عمله كوزير للاقتصاد بطلب إلي سكرتير عام محافظ الفيوم للموافقة علي إقامة مبني مخصص للسكن باسم زوجته ميشيل خليل حبيب، وبالفعل حصل علي الموافقة من مديرية الزراعة بالفيوم، بمساعدة يوسف والي ومسئولين بمديرية الزراعة بالفيوم، رغم أن هذه الأرض ضمن محمية طبيعية ببحيرة قارون، والتي يحظر التعامل عليها أو التصرف فيها، لذلك قرر رئيس هيئة التحقيقات المنتدب من وزير العدل تشكيل لجنة للتأكد من امتلاك غالي وزوجته وأولاده أرضا علي البحيرة من عدمه، وفي حال ثبوت ملكيتها تقوم اللجنة بالانتقال والمعاينة علي الطبيعة لبيان مساحتها وحدودها ومعالمها، والمبني المقام عليها، وتحديد مسئولية من صرح له بالموافقة علي البناء، وأضر بالمال العام. وبعد التأكد من صحة المعلومات قرر رئيس هيئة التحقيقات إدراج كل من وزير المالية الأسبق وزوجته علي قوائم الترقب والوصول ومنعهما من التصرف في أموالهما السائلة والعقارية بالداخل والخارج، بعد اتهامهما باستغلال النفوذ والتربح والإضرار العمدي بالمال العام، حيث تبين أنهما استوليا دون وجه حق علي محمية طبيعية ببحيرة قارون بالمخالفة للقانون، أثبتت التحقيقات وجود مخالفات في بيع هذه الأرض التابعة للمحمية والتصاريح الصادرة من الجهات الحكومية بالتواطؤ مع موظفيها مما أضر بالمال العام، ولم يتم اتخاذ قرار بشأن الفيلا.