في باب "مع الكتب" لهذا الشهر، يحدثنا الروائي والشاعر يوسف رخا عن كتبه المفضلة وعلاقته بالكتب بشكل عام. صاحب "الطغري"، "كل أماكننا" و"باولو" يتوقف هنا أمام أعمال لوجيه غالي، روبرتو بولانيو، ميخائيل بولجاكوف وآخرين، ويرشح مجموعتي "معرض الجثث" و"مجنون ساحة الحرية" لحسن بلاسم لقراء "أخبار الأدب"، ونحن بدورنا نرشح أعماله المتميزة، خاصة الطغري، للقراءة. ما أول كتاب قرأته كاملا؟ الصدق أنني لا أذكر، علي الأرجح كانت رواية خيال علمي للصغار، ربما The Day of the Triffids. لكن كل كتاب غيرني كان أول كتاب: بيرة في نادي البلياردو لوجيه غالي وتلك الرائحة لصنع الله إبراهيم والخبز الحافي لمحمد شكري وأطفال منتصف الليل لسلمان رشدي والمعلم ومارجاريتا لبولجاكوف وحامل الفانوس في ليل الذئاب لسركون بولص و2666 لروبيرتو بولانيو. علي سبيل المثال. آخر كتاب قرأته وما رأيك فيه؟ رواية مليم الأكبر لعادل كامل. لم تعجبني كثيرا وإن كنت قدرت أنها مسلك ثالث أو رابع محتمل للسرد الواقعي العربي في بداياته، أقصد فضلاً عن نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ثم يوسف إدريس. أحببت مقدمة الكاتب الطويلة وهي بيان اعتزاله أكثر من الرواية نفسها. كتاب لمؤلف آخر تمنيت لو كنت كاتبه؟ لا أتمني أن أكتب أو أكون كاتب شيء. كل كتاب أحبه بما في ذلك ما أكتبه أنا هو سبب للفرح وشيء جيد، ولعلني أتمني أن يكون هناك من يكتب عني فيوفر علي المجهود والعناء بشرط أن ينتج نسخا طبق الأصل مما أنتجه. لكن في العموم هناك حالة من اثنتين: إما شعور بالألفة - أنني فعلاً كاتب هذا الشيء علي مستوي ما، وهو ما حصل مع كتب كابوتشنسكي شيخ الريبورتاج مثلاً؛ أو رغبة في التعلم - أنني وإن كان هناك اختلاف جذري بيني وبين هذه الكتابة ففيها ما يمكن أن يفيدني استيعابه أو محاكاته، وهو ما حصل مع بورخيس قبل زمن طويل ثم مجددا مع جاي إم كوتزي. كتاب ترشحه لقراء أخبار الأدب؟ معرض الجثث لحسن بلاسم، وإن لم يتوافر فمجنون ساحة الحرية له أيضاً. هل هناك كتاب استمتعت بقراءته رغم قناعتك بأنه غير جيد فنيًا؟ ليست الجودة الفنية إلا الاستمتاع، أو هي استمتاع لا يشوبه استبشاع أو احتقار أو تقزز. يدور كلام كثير عن القيمة والعمق، وأتصور أن هناك اعتبارات مهمة فعلاً حول العلاقة بتاريخ الكتابة في هذه اللغة أو في هذا النوع والانحياز الفردي والمحيط الأيديولوجي وغير ذلك، لكن تبقي متع القراءة - وهي أكثر من متعة واحدة - هي الاعتبار الجوهري... وبناء عليه: لا. قارئ يريد القراءة لك لأول مرة، وطلب منك ترشيح عمل من أعمالك للبدء به، أي أعمالك تختار؟ ولماذا؟ ليس عندي أي فكرة كيف أجيب عن هذا السؤال. أعتبر كتاب الطغري أهم أعمالي حتي الآن، وأعتقد أن القارئ ما لم يكن متعالما أو متفاصحا ومدعي ثقافة من السهل أن يستمتع به. لكن هناك أيضا كل أماكننا وهو كتاب قصير شديد التنوع يتضمن قصيدة النثر والمقال السردي لعله مقدمة أسرع لبعض الموضوعات والأساليب الخاصة بي. كتاب غير مترجم للعربية تتمني أن يُترجم إليها؟ لا حصر لمثل ذلك الكتاب. سأذكر علي سبيل المثال فقط - فضلاً عن 2666 لروبيرتو بولانيو، وهو في تصوري من أهم ما حصل في الأدب علي الإطلاق - سبع أو ثماني روايات لفيليب كاي ديك مؤلف الخيال العلمي الأمريكي. لو طُلِب منك اختيار ثلاثة عناوين فقط لإنقاذها من كل تراث الإنسانية المكتوب، ماذا ستختار؟ مرة أخري، سؤال مستحيل. العهد القديم أو الكتاب المقدس كاملاً، لكن العهد القديم بالتأكيد. ثم ربما محاورات سقراط وربما تاريخ الجبرتي. كتاب تعود لقراءته باستمرار؟ حامل الفانوس في ليل الذئاب لسركون بولص. ما الكتاب الأكثر تأثيرًا فيك/ عليك؟ كل ما ذكرته في السؤال الأول الخاص بأول كتاب وربما أيضا أعمال هاروكي موراكامي وأورهان باموق وإيتالو كالفينو فضلاً عن دوستويفسكي وكافكا والتراث المملوكي والصوفي وألف ليلة. لكن أتصور أننا لا نعي التأثيرات الأعمق فينا ككتاب. أعتقد أن التأثيرات التي نعيها ربما ليست تأثيرات بقدر ما هي حالات من الألفة والتلاقي والمحاكاة أو السرقة المشروعة. ومن ثم فقد يكون أكثر ما أثر في وعلي غير حاضر في وعيي أصلاً.