نشر التقرير الذي اصدرته لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم البريطاني يوم 14 سيتمبر الجاري حول الدور البريطاني فيما يقع بليبيا هذه الأونة.. وإجماع عدد كبير من المحللين السياسيين والمعلقين الاستراتيجيين في عدد من العواصم الأوربية علي أن الوقت قد حان لكي تكلف مصر بملف ليبيا لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها الجوار الجغرافي والتقارب السكاني والعلاقات التاريخية.. تقرير لجنة الشئون الخارجية البريطانية، يقول.. التدخل العسكري البريطاني / الفرنسي في ليبيا لم يَستند الي معلومات استخبارية دقيقة » بل علي افتراضات خاطئة » وهو وان كان قد قضي حكم معمر القذافي إلا أنه » مهد الطريق لتواجد وتنامي تنظيم داعش في الشمال الافريقي ويسر له الانتقال إلي دول الجوار ».. ووصف التقرير الدور البريطاني علي وجه الخصوص بأنه » كان متهورا قصير الأمد، لذلك ليس من المستغرب أن يُدان ديفيد كاميرون سياسياً وحزبياً بكل المعايير » لأن حجم التهديدات التي اشار إليها مجلس العموم » كان مبالغاً فيها إلي حد كبير ».. وأكد أن التدخل الأوربي عن طريق حلف الناتو وإن كان يرتكز علي » دعوة اقليمية ممثلة في جامعة الدول العربية وافق عليها مجلس الأمن الدولي، إلا انه لم يحقق إلا نسبة ضئيلة من الهدف الذي حُدد له ».. وفند أن قيام نظام القذافي بمحاربة شعبه في مارس 2011 في أعقاب انتشار المظاهرات المنددة بحكمه بمدينة بنغازي، لم يكن يستوجب محاربته بالغارات الجوية والصواريخ !! بل كان يتطلب قبل ذلك القيام بإتصالات سياسية ودبلوماسية مكثفة » ولما تنتهي - هذه المحاولة - إلي لا شئ، يأتي دور العمل المسلح المؤسس علي حقائق فوق الأرض».. وصف جوناثان فريدلاند في مقال له بصحيفة الجارديان - 15 سبتمبر الجاري - قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في ليبيا ب » الحماقة » واكد أن التاريخ » لن يكون رحيماً به، وان انتقاده سيكون قاسياً وعنيفاً ».. الجدير بالملاحظة هنا.. 1 - ان مجلس العموم البريطاني وافق بأغلبية 557 صوتا علي مذكرة رئيس الوزراء حول » ضرورات التدخل في ليبيا لحماية المدنيين في بني غازي من المذبحة التي كان تعد لها قوات نظام حكم القذافي». 2 - هذه الغالبية شملت اعضاء المجلس من المحافظين والعمال ما عدا 13 عضوا من بعض أحزاب المعارضة كان من بينهم جيريمي كوربن رئيس حزب العمال الحالي.. 3 - عضو المجلس كرسبن بلنت الذي ترأس اللجنة التي وضعت التقرير، كان من بين الأعضاء الذين وافقوا علي التدخل.. أما التحليلات الأوربية، فتؤكد في شبه إجماع.. أن تحرك الأطراف الليبية في الأسابيع الاخيرة سواء في سرت أو في الهلال النفطي أنتج تغيرا ملحوظ في الموازين والتفاهمات الأيديولوجية والسياسية، إدي إلي نشوء توازنات وتحالفات غير التي كانت قائمة منذ بضعة أشهر.. أن الدولة المصرية هي وحدها القادرة علي إعادة الاستقرار لليبيا بالتدريج بحكم الجوار الجغرافي من ناحية وعلاقات المصاهرة التي تجمع بين عدد من قبائلها والعشائر الليبية من ناحية ثانية وثقة معظم الاطراف المؤثرة في الساحة في قدرتها علي التوفيق وعلي ضبط الإيقاع فيما بينها من ناحية ثالثة.. ان الدولة المصرية ليست لها أطماع في الوطن الليبي وليس من مفرداتها تصيد الأخطاء، بل تُعد في ضوء تجاربها السابقة من القوي العربية الساعية إلي اقامة توازنات لمصلحة مختلف القوي الوطنية القادرة علي تخطي الإشكاليات المحلية لمصلحة الوطن العليا.. أن الزيارات التي دأبت اطراف ليبية، منذ فترة، علي القيام بها لمقابلة كبار المسئولين السياسيين والأمنيين في القاهرة، كانت في مجملها ناجحة وساهمت في إقناع الكثير منهم بخفض سقف طموحاته، ومن هنا جاء القبول بان تشرف لجنة من الجامعة العربية علي عملية التصويت التي سيجريها البرلمان الليبي في طبرق عند التصويت علي طرح الثقة بالمجلس الرئاسي والحكومة الجديدة.. أن عددا من الأطراف الدولية الفاعلة تخطط مع القاهرة لإحداث نوع من القبول بين القوي الأكثر تأثيراً في كل من طبرق وطرابلس وسرت بهدف إقامة كيانات ليبية متجانسة علي مستوي البرلمان الليبي والقيادة العامة للقوات المسلحة وحكومة الإنقاذ الوطني والمجلس الرئاسي، تعمل من خلال الوسيط الدولي بهدف حماية المدنيين وخلق نقاط تلاقي حل إصلاح النظام ومؤسساته أو استبداله بآخر يسير تحت قيادة رئاسية جماعية متوافق عليها.. نقول.. لم تؤد الملاحظات التي وردت في التقرير البريطاني الذي نشر منذ ثلاثة أعوام باسم » تقرير تشيلكوت » حول الحرب في العراق خاصة ما وصف بانه » معلومات مغلوطة » اعتمد عليها رئيس الوزراء الاسبق توني بلير في تبرير دخوله تلك الحرب » غير المبررة » إلي جانب الولاياتالمتحدة، إلي اصلاح الأوضاع التي لا زالت متردية في العراق ولم تتعلم لندن من اخطائها وسارت في نفس درب الحماقة وهي تخطط للتدخل في ليبيا.. فهل تتمكن القاهرة من اصلاح ما أفسده العطار الأوربي علي مستوي الملف الليبي ؟؟.. ونقول.. ان مظاهر هزيمة تنظيم داعش في سرت وفي غيرها من المدن الليبية تشير إلي إمكانية فرار من بقي من كوادره الإرهابية إلي دول الجوار وفي مقدمتها مصر، من هنا جاء حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي علي شرح وجهة النظر المصرية فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب سواء ضمن خطاباته أمام اللجان الأممية المتخصصة والجمعية العامة أو ضمن لقاءاته المتعددة مع الزعامات الدولية، علي شرح النقاط التالية.. 1 - جماعية المحاصرة لكافة اشكال التنظيمات الإرهابية المهددة للاستقرار والأمن المحلي الإقليمي والعالمي.. 2 - حتمية التخطيط الجماعي القائم علي قطع التمويل المالي والمعنوي عنها بلا استثناء.. 3 - الرفض التام لاستخدام الميليشيات / المرتزقة الإرهابية تحت أي ستار سياسي.. 4 - العمل الجماعي الدولي علي ايجاد صيغ متنوعة للتنمية والمستدامة والعدالة الاجتماعية..