منظومة الفساد التي حدثت في توريد الأقماح خلال السنوات السابقة وتحديداً منذ عام 2010 حينما شرعت الحكومة في تشجيع المزارعين علي التوسع في زراعة القمح لتحقيق أكبر نسبة من الاكتفاء الذاتي محليا باعتبار ان مصر كانت سلة غذاء الامبراطورية الرومانية وان رغيف الخبز من السلع الاستراتيجية للدرجة التي يطلق فيها المصريون علي الخبز كلمة »عيش» لإرتباطه بمعيشة الانسان المصري ارتباطا وثيقاً، وعلي الرغم من انخفاض تكلفة استيراد الأقماح من الأسواق العالمية مقارنة بالإعتماد علي الإنتاج المحلي حيث لايزيد متوسط سعر الطن عالميا عن 1800 جنيه فإن الدولة رفعت سعر توريد الاقماح المحلية الي حوالي 2800 جنيه للطن وبزيادة تصل الي الف جنيه لكل طن عن الاسعار العالمية وذلك لتأكيد خطتها الرامية الي إحلال الاقماح المحلية محل الاقماح المستوردة. ونظرا لإنعدام الرقابة علي هذه المنظومة رغم خطورتها لانها تتعلق بالأمن القومي للبلاد فقد تغلغل الفساد رويداً رويداً الي هذه المنظومة حتي اصبحت منظومة الفساد في توريد القمح هي الاصل ومنظومة توريد الاقماح هي الفرع واعتمدت منظومة الفساد علي ثلاثة اعمدة رئيسية هي عدد من المسئولين الحكومين في الوزارات والهيئات والمصالح ذات الصلة بهذا الموضوع واصحاب الصوامع واصحاب المطاحن، وقد بدأت منظومة الفساد بتوريد اقماح مستوردة لتكون بديلة عن الاقماح المحلية للاستفادة بفارق السعر وتطورت المنظومة بعد ذلك لاستيراد اقماح مستوردة فاسدة لا تصلح اساساً لعلف المواشي بل وصل الفجور الي استيراد اقماح مسرطنة وتوريدها علي انها اقماح محلية ووصلت منظومة الفساد قمتها خلال هذا العام بالتوريد للاقماح للحصول علي الفارق المالي بين سعر الاقماح المستوردة والاقماح المحلية. ما يهمني في هذه الاطالة القصيرة ان منظومة الفساد هذه تفتق ذهنها علي حيلة شيطانية يعجز ابليس عن تدبيرها وهي ان يكون لعدد كبير من اصحاب الصوامع مطاحن تتبعهم ولدي اسماء لمن يريد من الاجهزة الرقابية لاصحاب الصوامع الذين يمتلكون في نفس الوقت مطاحن ومن هنا اصبحت مقولة الفنان الراحل صلاح منصور في فيلم الزوجة الثانية »اكتب يا ابوالعلا الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا» متحققة فأصحاب الصوامع يستوردون القمح الفاسد والمسرطن عن طريق منظومة الفساد في عدد من الموظفين الحكوميين وعن طريق هؤلاء النافذين ويقومون بعد ذلك بطحنها في مطاحنهم وبذلك يتم اخفاء معالم الجريمة ويتم توزيع الدقيق الناتج عن عملية الطحن علي المخابز المنتشرة في انحاء الجمهورية ليتم عجنه وخبزه وتوزيعه علي الشعب المصري الذي انتشرت في جسده جميع الامراض وفي مقدمتها الفشل الكبدي »فيروس سي النشط» الذي وصل في آخر احصائية الي ان 13٪ من المصريين يعانون من هذا المرض اللعين هذا فضلا عن انتشار الفشل الكلوي والامراض السرطانية في اجساد المصريين كانتشار النار في الهشيم ولا يتسع المجال لاستعراض الامراض التي انتشرت في اجساد المصريين نظرا لتناولهم منتجات هذا الدقيق الفاسد والمسرطن. واختتم هذا المقال بتأكيدي علي اهمية استرداد حقوق المصريين الذين يعانون من الامراض التي انتشرت في اجسادهم نتيجة لهذا الفساد وعدم اكتفاء الحكومة باسترداد ما نهبوه هؤلاء الفاسدون من اموال الشعب وسن تشريع جديد يحظر الجمع بين ملكية الصومعة والمطحن. آن الاوان لسد منابع الفساد أمام مافيا استيراد الاقماح او المتاجرين بالآم المواطنين وتطبيق العقوبات عليهم في اطار من الشفافية والعلانية حتي يكونوا عبرة لغيرهم فهذا هو الطريق الخالص لتصحيح منظومة استيراد الاقماح.. واقرار استراتيجية للاكتفاء الذاتي.