يدهشني ويثير غيظي ونقمتي تعامل أشخاص بعينهم من عينة أم »قويق» البرادعي .. مع كارثة غرق مركب رشيد لتهريب البشر وهو ما يتسم بسوء النية والرغبة في التنفيث عن أحقادهم. رغم هذا فإنني اتفق معهم في بعض ما يقولون بأنه لا حل لهذه المشكلة سوي بالتنمية والعدالة كأمل نسعي إليه جميعا.. ولكن ليس علي طريقتهم وفقا لفكرهم الذي تحيط به الريبة من كل جانب. ليس خافيا أن أعضاء هذه الجوقة المنحرفة أصابهم الاحباط نتيجة عدم استكمال أهدافهم من وراء أدعائهم الانتماء لثورة 25 يناير. إنهم تناسوا عن عمد أن الوصول إلي التنمية والعدالة لا يمكن تحقيقه دون أن يكون هناك إيمان يسود المجتمع وعلي جميع المستويات بأهمية العمل والإنتاج وضرورة وأهمية الاخلاص والتفاني وبذل العرق سعيا إلي الارتفاع بمستوي المعيشة والنهوض بالوطن الذين يعمل المنحرفون علي مناهضته. في نفس الوقت فلا جدال أن مطلب التنمية والعدالة يتحمله الشباب باعتبارهم عدة المستقبل ولكنهم يقعون وللأسف فريسة لغياب الوعي وسيطرة الوهم. هذا الامر يدفعهم إلي التضحية بحياتهم استجابة لإغراءات الهرب عن طريق سفن تهريب البشر إلي شواطئ أوروبا . إنهم يعتقدون بتأثير هذا الوهم الكاذب امكانية تحقيق حياة أفضل في هذه البلاد التي يغامرون بالسفر إليها عن طريق البحر الغادر بالسفن المتهالكة غير الصالحة للقيام بمثل هذه الرحلات. المنتمون لهذه الفئة اختارت المغامرة بالحياة تحت ضغط المغالاة في أحلامهم وفقدان القدرة علي التمييز بين ماهو لصالحهم وما هو في غير صالحهم. إنهم لايفهمون انه وحتي اذا وصلوا إلي شواطئ أوروبا المستهدفة ونجحوا في التسلل إليها كاللصوص سوف يتحولون إلي عمالة سخرة مثلهم مثل العبيد. سوف يصبحون عرضة لاستغلال وجودهم غير الشرعي الامر الذي يجعلهم يقبلون بأي عمل مهما كان متدنيا في مقابل التغاضي عن هذه الشرعية واستغلال خطر التهديد بأنهم مطاردون من الشرطة في هذه البلاد. محصلة كل هذا تؤدي إلي عدم الراحة في معيشتهم واستقرارهم في كسب لقمة العيش التي يحتاجونها. هذه التجربة القاسية تجعل غالبية الذين أقدموا علي هذه المغامرة دون أن يلقوا حتفهم يندمون علي ما اقدموا عليه بتخليهم عن كرامتهم بالوجود علي غير أرض وطنهم. إنهم معرضون في أي لحظة للقبض عليهم ووضعهم في السجون ثم ترحيلهم بعد ذلك إلي حيث أتوا. إن هذا الشباب وللأسف يرفض فرص العمل المتاحة لتشغيلهم بوطنهم لوقوعهم ضحايا لطموحات وهمية. ليس صحيحا أبدا بأنه لا وجود لفرص عمل كما يدعون تحت تأثير الاستجابة لما يروج له الحاقدون والمتآمرون. الحقيقة أن فرص العمل متاحة لا تجد من يقوم بها وفقا لشكاوي أصحاب المشروعات التجارية والصناعية والخدمية والزراعية. هذا الفكر المعوج الذي يسيطر علي هذا الشباب يعكس الشعور بعدم الصبر وفقدان الرغبة في المثابرة والعمل والإنتاج إلي جانب الوقوع فريسة لنزعة استعجال تحقيق الآمال والطموحات. إنهم يعانون من نقص الوعي والاقتناع بأن اقدامهم علي العمل أي عمل في بلدهم سيفتح الطريق أمامهم إلي هذه الآمال. انهم في نفس الوقت وبهذا السلوك البناء يحققون مطلب التنمية والعدالة المنشود في وطنهم باعتباره الطريق إلي التقدم والنهوض الشامل. انني دائما ما أجد نفسي أفكر في مصير هذا الشباب المسكين الهارب إلي حجيم الموت تحت اغراء الحلم بجنة أوروبا الوهمية وأنا أسير علي طريق محور 6 أكتوبر متجها إلي عملي الذي أفنيت فيه حياتي وعافيتي لأقرأ إعلانات علي بعض أوتوبيسات المصانع والشركات التي أمر بها أو وتمر بي.. تتضمن طلبا لعمالة بأجور مغرية . ليس من تفسير لهذه الاعلانات سوي أن هناك أزمة في ايجاد عمالة لهذه المصانع وهو ما يتنافي مع ادعاء عدم وجود فرص عمل. كنت أرجو من الندابين المتربصين الانتهازيين الذين يبحثون عن أي دور علي حساب آلام وأحزان الكوارث.. توعية الشباب بالإقبال علي العمل والاجتهاد لتحسين أوضاعهم الحياتية والمعيشية حتي الوصول إلي أحلامهم. عليهم أن يعلموا أن طريق معظم الذين وصلوا إلي أحلامهم بشرف وكرامة وشفافية وحققوا الحياة الكريمة عرقوا وشقوا وجاهدوا. انهم لاقوا المصاعب والأهوال ولكنهم صبروا وواصلوا الجهد والعمل دون كلل حتي وصلوا إلي ما هم فيه.