شهدت العاصمة الكينية نيروبي مؤخرا القمة السادسة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (تيكاد). وتعهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي خلال القمة بتقديم 30 مليار دولار لدعم تنمية القطاعين العام والخاص في إفريقيا خلال السنوات الثلاث المقبلة من بينها 10 مليارات دولار لمشروعات البنية التحتية التي يتم تنفيذها بالتعاون مع البنك الإفريقي للتنمية. وفي حين تعد مساهمات اليابان الكبيرة للتنمية في إفريقيا علامة إيجابية علي تعزيز التعاون الدولي لكنها أيضا علامة علي احتدام المنافسة بينها وبين الصين في القارة السمراء بحسب تقرير لمعهد "بروكينجز". وتهيمن علي الصين رؤية سلبية حول اهتمام اليابان بإفريقيا، فقد اتهمت وزارة الخارجية الصينيةاليابان ب"محاولة فرض إرادتها علي البلدان الإفريقية لتحقيق مصالحها الأنانية ولإحداث وقيعة بين الصين والبلدان الإفريقية" واستندت في ذلك علي أن اليابان حاولت (لكنها فشلت) تسييس القمة وإدراج قضايا سياسية علي جدول الأعمال مثل إصلاح مجلس الأمن الدولي - الذي يمثل طموحا مشتركا بين الجانبين- وحرية الملاحة. وتثير هذه القضايا السياسية قلق الصين التي تعتبر الوجود العسكري الياباني في القارة بمثابة مؤشر علي نية اليابان استخدام التهديدات الأمنية الإفريقية كذريعة لتوسعها العسكري وتغيير النظام الدولي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. حيث أقامت اليابان قاعدة عسكرية في جيبوتي للمساعدة علي مكافحة القرصنة بالقرن الإفريقي. وفي الواقع تقف اليابان بمسافة بعيدة وراء الصين فيما يتعلق بإفريقيا فمن الناحية الاقتصادية بلغ إجمالي الاستثمار المباشر لليابان في إفريقيا 1،24 مليار دولار عام 2015 في حين بلغت الاستثمارات الصينية في غينيا الاستوائية وحدها وفي شهر أبريل فقط 2مليار دولار. ويبلغ حجم تجارة اليابان مع إفريقيا 24 مليار دولار في حين يبلغ حجم التجارة بين الصين وإفريقيا 179 مليار دولار. سياسيا تعد إفريقيا من أولويات السياسة الخارجية الصينية وعلي مدي السنوات ال26 الماضية ظلت إفريقيا هي المحطة الأولي لكل وزراء الخارجية الصينيين بعد بداية العام كما حافظ كبار القادة الصينيين علي زياراتهم السنوية لأفريقيا. وأقيم منتدي التعاون الصيني الإفريقي بالتبادل بين الصين وأفريقيا منذ انطلاقه عام 2000 علي العكس من مؤتمر تيكاد الذي عقد مرة واحدة في افريقيا منذ انطلاقه عام 1993. لذا فإن اليابان عليها أن تفعل الكثير لتلحق بالصين في أفريقيا ومع هذا تتمتع طوكيو بمزايا فريدة فعلي الرغم من أن المنتجات الصينية أرخص إلا أنه لا خلاف علي جودة المنتجات اليابانية كما تتمتع اليابان بنظرة إيجابية لدي المجتمعات الإفريقية لأنها تستخدم موارد وعمال محليين. الا ان تبدو الصين وأنها تفعل كل ما تتهم به اليابان فلم يكن اهتمام بكين بإفريقيا خاليا أبدا من أجندة سياسية وهو ما يمكن تأكيده من خلال قضايا مثل تايوان حين اعتمدت الصين علي الدعم الأفريقي في عدم اقامة علاقات دبلوماسية مع تايوان. ومازال الدبلوماسيون الصينيون يفخرون بنجاحهم في الحصول علي تأييد 26 صوتا أفريقيا عام 1971 لدعم استعادة الصين لمقعدها في الأممالمتحدة. كما قامت بكين أيضا ببناء قاعدة عسكرية في جيبوتي - مثل اليابان - وفي ملف النزاعات البحرية طالبت الصين بدعم الأفارقة لموقفها. واقتصاديا لا يمكن أن نقول أن مشروعات الصين تحقق مصالح إفريقيا فقط وأن مشروعات اليابان تحقق المصالح الأنانية لطوكيو.