ليست مجرد حرفة، لان الفن يغلب عليها، لكنها تحتاج ايضا إلي قوة تتطلب صانعا ذا مواصفات خاصة وفي النهاية ينتج هذا »الفن الخشن» تحفا عديدة من الكراسي والأسرة، غير ان المنتج الشعبي لها هو الاقفاص التي يتم تداولها بمعدلات اكبر، وكغيرها من الحرف التقليدية اصبحت مهددة بالانقراض فإيرادها الضعيف جعل 90٪ من العاملين بها يهجرونها وساعد في ذلك غزو الصناعات البلاستيكية التي لا تعتمد علي الفن وتستهلك مجهودا اقل وهو ما جعل اسعارها اكثر انخفاضا وأدي إلي نقص حاد في »فناني الجريد». في حوش كبير يجلس »عم عبدالنبي» بيده جريد النخيل يشكله بطريقة شبة آلية لتخرج من يده مكتملة بأطوال محددة، تنتشر حوله عدة آلات ينسج بها الجريد ليصنع الكراسي والسرير الهزاز واقفاص الطماطم والخضراوات، يبدأ كلامه قائلا: »الحمد لله رزقنا اللي قسمه لينا وصنعتنا اللي ورثناها عن آبائنا واجدادنا ونعلمها لابنائنا لنواجه متاعب الحياة واعباء المعيشة». ويضيف: اعمل بهذه المهنة التي ترجع للعصر الفاطمي منذ اكثر من 35 عاما بعدما تعلمتها من والدي وشقيقي، واحببت الحرفة وتعلقت بها، وطوال تلك السنوات الطويلة الماضية كنت استيقط من نومي في الصباح الباكر حيث لا يشغلني الا تقطيع جريد النخيل واتركه حتي يذبل ثم اعيد تقطيعه إلي دوائر ومربعات وعيدان واسقف واطواق استخدمها في صناعة الاقفاص. يمارس »عبدالنبي» حرفته التي تعلم منها الصبر وبجانبه ادواته، ومنها المقاس وهو عبارة عن خشبة يقيس بها ارتفاع وعرض جريد النخل وقطعة من المعدن يطلق عليها »مساورة للتخريم» وساطور للتقطيع و »قرمة» من الخشب يجلس واضعا قدمه عليها وهي قطعة خشبية يستخدمها في تسوية اعواد الجريد واحدة تلو الاخري ويقول »شغلنا كله يعتمد علي المقاسات والمقاس المظبوط يطلع شغل مظبوط مثل الاقفاص والكرسي الهزاز وكرسي البلاج وكرسي الصيد وقد قمنا بتصدير بعضها إلي المانيا من قبل عن طريق مدير الحرف الصغيرة بمدينة العاشر من رمضان». يشرد قليلا قبل ان يؤكد ان حوالي 90٪ من صانعي الاقفاص ومن كانوا يعملون بالمهنة تركوها بسبب قلة عائدها المادي مقارنة بالمهن الاخري فلا يوجد لها دخل ثابت والدخل حسب الجهد في العمل وانتاج اكبر عدد من الاقفاص فضلا عن ان الصناعات البلاستيكية قد أثرت بالسلب عليها. بني سويف - حمدي علي