قضت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإدارى، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، برفض الدعوى القضائية المقامة من المحامى محمد حامد سالم، والتى تطالب بإغلاق مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر"، لاستخدامهما فى التحريض على أعمال العنف. وقالت الدعوى، التى حملت رقم 79798 لسنة 68 قضائية، إن أجهزة الاستخبارات الخارجية استخدمت مواقع التواصل قبل ثورة 25 يناير وحتى الآن، فى إشعال التظاهرات والتحريض على أعمال العنف والقتل وإشعال النيران فى الممتلكات العامة والخاصة داخل مصر. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إن المدعى يهدف في الدعوى إلى الحكم بحجب الفيس بوك على شبكة المعلومات الدولية، حيث أكدت أن الحق فى المعرفة ليس حقاً مقرراً لمحض المعرفة دون تبنى موقفاً ايجابياً يعبر عن الغاية من تقرير الحق وإنما يرتبط الحق فى المعرفة ارتباطا وثيقاً بحق آخر والحق فى تدفق المعلومات وتداولها، وكليهما يرتبط بحق أوسع واشمل، وهو الحق فى التنمية الذى نصت عليه المادة الأولى من عهد الدولة بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة الأولى من إعلان الحق فى التنمية الصادر بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 41 / 128 فى الرابع من ديسمبر 1986 وهو بدوره وثيق الصلة بالحق فى الحياة ، وكذلك بالحق فى بناء قاعدة اقتصادية تتوافر أسبابها. وأضافت المحكمة، أن حرية تداول المعلومات تفرض الحق فى تلقى المعلومات والأفكار ونقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود، وذلك من خلال كافة وسائل التعبير والإعلام أو بأى وسيلة أخرى يمكن نقل الأراء ونشرها وتداولها من خلالها ومنها خدمات الاتصالات والانترنت، وبدون القدرة على الحصول على المعلومات وإمتلاك حق تداولها وابلاغها للرأى العام لن يكون لحرية الرأى أى مدلول حقيقى داخل المجتمع، كما أنه بدون التواصل المجتمعى عبر المواقع المختلفة على شبكة الانترنت لا تكون ثمة حرية من الحريات القائمة أو لها وجود ملموس، ولا يقيد حرية التعبير وتداول المعلومات ويحد منها سوى بعض القيود التشريعية. وأشارت المحكمة إلى أن الحق فى تدفق المعلومات وتداولها، هو حق ذو طبيعة مزدوجة، فهو فى وجه الأول يفرض التزاما سلبياً مفاده امتناع الجهة الإدارية عن إتخاذ أى إجراءات تشريعية أو إدارية للحيلولة دون التدفق الحر للأنباء والمعلومات سواء فى الداخل أو من الخارج، ومن ثم يمتنع على الدولة وضع العوائق ضد تدفق المعلومات أو السماح باحتكارها الا فى حدود المحافظة على النظام العام، ولا تكون المحافظة على النظام العام والأمن القومى بحجب التواصل وقطع خدمات الاتصالات والتلصص على ما يتم منها، وإنما تكون صيانة المجتمع لحمايته من المنحرفين والمعادين للحريات العامة. وأوضحت المحكمة، أنه من حيث أن شبكات التواصل الاجتماعى على الانترنت والهواتف المحمولة، ومنها الفيس بوك، وتويتر، ويوتيوب، وغيرها هى مجموعة مواقع تقدم خدمات للمستخدمين قد احدثت تغيراً كبيرا فى كيفية الاتصال والمشاركة بين الأشخاص والمجتمعات وتبادل المعلومات، وليس هناك شك أن تلك المواقع لم تكن سوى وسائل للتعبير انتزعها المتواصلون اجتماعيا وسياسياً تاكيدا على لحقوقهم المقرره دستوريا فى الاتصال والمعرفة وتدفق المعلومات وتداولها والحق فى الحياة الحرة التى تظلها العدالة الاجتماعية ومن ثم باتت حقوقا اصليه لهم لا يكون حجبها أو تقيدها بالكامل، إلا انتهاكاً لكل تلك الحقوق، وذلك اعمالا لصريح أحكام الدستور، والتى جاءت التشريعيات المصرية الحالية والمعمول بما فيها قانون تنظيم الاتصالات.