» وسيخرج من المشيخة لاحقاً طائفة من التكفيريين يأخذون من فتوي الإمام بالتكفير طريقاً مفروشاً بالجامجم، وسيرسمون فتوي الإمام بالدماء في بقاع وأصقاع بعيدة بدماء بريئة.» لم يكفّر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر داعش، رغم أن داعش كفّرت الطير في السماء، لماذا؟. لأن الأزهر منارة الوسطية والاعتدال والدعوة إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يسجل علي الأزهر تاريخياً تكفير أو تفسيق، وإذا ولج الأزهر باب التكفير فلن يغلق أبداً. المؤاخذات التي يتباري فيها نفر من الناقدين للأزهر شيخاً ومشيخة ومرجعية، ويسجلون علي الإمام الأكبر رفض تكفير داعش رغم الإلحاحات داخلياً وخارجياً، تحتاج إلي مراجعة حقيقية وتبصّر لدور الأزهر كما نتمناه ونرجوه في مواجهة هجمة تكفيرية شرسة، لم تترك مسلماً إلا ونالت من إسلامه، ووصمته بالكفر فقط لأنه لم يتبع خليفتهم الذي ينتهج التكفير سبيلاً. من يطلبون من الأزهر تكفير داعش الآن، لا يلومن إلا أنفسهم، سيكتوون بنار التكفير المستعرة غداً، وستدور عليهم الدوائر تباعا، وسيخرج من المشيخة لاحقاً طائفة من التكفيريين يأخذون من فتوي الإمام بالتكفير طريقاً مفروشاً بالجامجم، وسيرسمون فتوي الإمام بالدماء في بقاع وأصقاع بعيدة بدماء بريئة، متي كان الإمام الأكبر إمام التكفير الأكبر، متي كان الأزهر قِبلة التكفيريين؟. يقيناً لم يتأخر الأزهر عن حرب داعش فقهياً، وتفنيد ما يصدر عنها، وبيان الحكم الشرعي في منشوراتها ومقولاتها، وكيف خرجت بهذا البغي الصريح عن صحيح الإسلام، ولم يهادن الازهر داعش ولم يمار في حربها، وردها عن بغيها، لكنه قطع بعدم كفرها، هل تكفير داعش أزهرياً يفرق كثيراً في الحرب علي داعش، وإذا كفّرها الأزهر هل يفوز بالرضا الأمريكي والقبول الأوروبي؟.. الإمام الأكبر علي هدي الأئمة العظام لم يكن يوماً شتاماً ولا لعاناً ولا مكفراتياً، وما يؤخذ علي الأزهر، يؤخذ علي مؤسسات مصرية عديدة من السلفية الفكرية والمنهجية، ومخاصمة الثورة الفقهية المنشودة، الأزهر يتأخر علينا ونتمناه سباقاً، وما حرصنا علي نقد الأزهر إلا نتاج اعتبارنا الكامل للأزهر شيخاً ومشيخة، ونعلق آمالاً عريضة في رقبة الإمام الأكبر أن يثور الأزهر تثويراً، وأن ينقل الأزهر من مرحلة النقل إلي مرحلة العقل، وأن يتصدي للتجديد الديني بعزم لا يلين، وأن يضطلع بالمهمة التي ينتظرها المشرق جميعاً. الأزهر وشيخه الجليل صاحب وثيقة المواطنة الموثقة في تاريخه بحروف من نور، وشارك في صياغتها خلاصة العقول من داخل وخارج المشيخة، علي عاتقه مهمة ينوء بحملها الجبال، الإمام الأكبر يواجه ريحاً صرصرا عاتية، يختلط فيها الديني بالسياسي، وللأسف محسوب عليه أصوات وأقلام وعمائم تشوّه الصورة التي رسمها أئمة أجلاء عبروا بالأزهر القرون نوراً وتنويراً وتجديداً. إذا تخلص الإمام الأكبر من هؤلاء، واجتبي من العلماء أصحاب الآفاق، المحلقين في الاجتهاد والتجديد، الطامحين إلي استعادة الدور والمكانة، المنفتحين علي العلوم والفنون والآداب، الذين يأخذون بالأسباب، ويعملون العقول في المنقول، ويفرقون بين الشريعة كونها تنزيلاً والفقه كونه اجتهادا، وينزعون القداسة عن التراث، ولا يحتكرون الحقيقة، ولا يراءون ويمنعون الماعون بينهم وبين المختلفين والناقدين، فبها وأكرم دونما تكفير!