هي إحدي النساء السابقات في الإسلام، التي ضربت أروع أمثلة التضحية والصبر للمسلمين جميعاً، إنها الصحابية الجليلة أم سليم سهلة بنت ملحان بن خالد الأنصارية، التي أسلمت قبل هجرة رسول الله صلي الله عليه وسلم من مكة، وبايعته حين مقدمه إلي المدينة، ولم يؤمن زوجها مالك بن النضر، فكانت تقول لولدها الصغير أنس "قل لا إله إلا الله، قل أشهد أن محمدًا رسول الله"، فكان زوجها مالك يقول لها: لا تفسدي عليَّ ولدي، ثم خرج مغاضباً إلي بلاد الشام حيث قتل، عندها قررت أم سليم التفرغ لرعاية صغيرها حتي يبلغ أشده، وامتنعت عن الزواج إلي حين، وقالت: "لا أتزوج حتي يأمرني أنس". وعندما بلغ أنس أشده، تقدم أبو طلحة زيد لطلب يدها، وكان مشركاً، ولم ترض الزواج منه إلا بعد أن أعلن إسلامه، وكانت قد قالت له: "إن تسلم فذاك مهري"، وقدمت ابنها عن طيب خاطر ليتشرف بخدمة رسول الله. وكانت أم سليم تصحب رسول الله في غزواته، فتداوي الجرحي وتسقي العطاش، وربما جاوزت ذلك فانغمرت في الجيوش غازية، ففي يوم أحد، عندما انهزم الناس عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم... تنقلان القرب علي متونهما (أيّ ظهورهما) ثم تفرغانه في أفواه القوم فتملآنها ثم تجيئان فتفرغان في أفواه القوم. وكانت يوم غزوة حنين حاملاً فرآها زوجها متقلدة خنجراً مشهوراً، فشاكها إلي رسول الله، فقالت: يا رسول الله أتخذه إن دنا أحد من المشركين بقرت بطنه، أقتل الطلقاء وأضرب أعناقهم إن انهزموا بك، فتبسم رسول الله وقال: يا أم سليم إن الله قد كفي وأحسن. وتوفيت أم سليم رضي الله عنها في حدود سنة أربعين هجرية في خلافة معاوية، بعد أن ضربت أروع الأمثلة في الصبر والتضحية في سبيل الله، فكانت تلميذة نجيبة في مدرسة النبوة.