أعلنت الحكومة الكولومبية، منذ أيام، توصلها إلي اتفاق سلام تاريخي مع »فارك» أكبر مجموعة متمردين بكولومبيا.وينهي هذا الاتفاق نحو أربع سنوات من المفاوضات الشاقة التي تقودها كوبا لإنهاء نزاع مسلح بين »فارك» والحكومة الكولومبية امتد أكثر من 52 عاما.و علي مدار الأربع سنوات كانت الحكومة الكولومبيا تخرج من المفاوضات مرارا وتكرار لتعلن للرأي العام أن المفاوضات قد وصلت إلي طريق مسدود،و لكن هذه المرة أعلن الجانبين توصلهم إلي اتفاق نهائي لن يتم نقضه. وقال الرئيس الكولومبي مانويل سانتوس في خطاب بثه التليفزيون عقب اعلان الاتفاق »اليوم وضعت نهاية للمعاناه والألم ومأساة الحرب»،و أضاف »دعونا نفتح الباب معا لمرحلة جديدة في تاريخنا».و يمثل اتفاق هافانا ،حيث عقدت المفاوضات، نهاية أخر أكبر حرب عصابات في أمريكا اللاتينية. ويحدد الاتفاق جدولا زمنيا يتخلي فيه المتمردين المعروفين ب»القوات المسلحة الثورية» عن سلاحهم،كما يحدد مسار لدمج المتمردين في الحياه المدنية وفي بعض الحالات الترشح لمناصب عامة. وينظر معظم الكولومبين إلي الأتفاق علي أنه وعد بأن الحرب، التي استمرت لمدة 52 عاما واسفرت عن مقتل 220 ألف شخص وتشريد ما يزيد عن 5 ملايين،قد انتهت. و تري صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها أن احتمالية التوصل إلي اتفاق السلام في كولومبيا أكبر من أي وقت مضي.و لكن هناك عقبة واحدة يجب أزالتها أولا قبل التصديق علي الاتفاق الا وهي الاستفتاء الذي سيجري في أكتوبر القادم والقرار سيكون بيد الشعب الكولومبي. ويقود الرئيس السابق ألفارو أوريبي الذي انتهت ولايته عام 2010 حشدا ضد الموافقة علي هذا الاتفاق علي الرغم من أنه ينسب إليه أنه في عهده حقق مكاسب عسكرية أجبرت المتمردين علي الجلوس علي طاولة المفاوضات،و لكنه الان يقول ان هذا الاتفاق يرقي إلي مستوي عفو ظالم عن المتمردين.و تضيف بالوما فالنسيا ،و عضو مجلس الشيوخ عن حزب الرئيس أوريبي »أنهم لن يقضوا يوم واحدا في السجن وبالإضافة إلي ذلك سيكون لهم تمثيل سياسي»..و انهت حديثها بأن هذا الاتفاق مخالف للقانون. ومن ناحية أخري أشاد أخرون بالاتفاق وأعتبروه خطوة مهمة تدعم الأقتصاد الذي يعيق تحقيق نمو فيه حقيقة بسيطة جدا ألا وهي أن الدولة لا تملك السيطرة علي كل أراضيها.و تقول ماريا إيما وهي محللة سياسية بالمركز الوطني للذاكرة التاريخية »الاتفاق فرصة كبيرة لاقامة دولة ديمقراطية نعيش فيها بسلام»،و لكنها حذرت »الاتفاق يواجة معارضة قوية لذا فان المهمة القادمة هي حشد التأييد العام له». يذكر ان هذه الحرب تسببت في انتشار الرعب في المجتمع الكولومبي بسبب عمليات الخطف والمذابح التي ترتكب ضد المدنيين. وطرح التقرير عدة أسئلة يتوقف علي الإجابة عليها نجاح هذا الاتفاق حتي إذا وافق عليه الرأي العام ومنها هل سيوافق عليه جميع المتمردين الذي تعهدوا بجلب الثورة المركسية إلي كولومبيا،و كيف يمكن لأعضاء هذه العصابات ،الذين تم خطفهم منذ الصغر وتربوا في الغابات،ان يجدوا طريقهم للاندماج في المجتمع وهل سيتقبلهم المجتمع.و السؤال الأهم هل سيتخلي هؤلاء المتمردين ليس فقط عن أسلحتهم ولكن أيضا تجارة المخدرات المربحة كذلك؟. وكانت وزارة الخارجية الكولومبية قد أعلنت »فارك» منظمة إرهابية تسيطر علي معظم عمليات تصنيع وتوريد الكوكايين إلي كولومبيا والعالم أيضا. ومع ذلك فقد وضع الاتفاق وعودا كثيرة لإعادة تشكيل كولومبيا فيما بعد الصراع.و في إشارة إلي المظالم التي طال أمدها بين المتمردين،قدمت الحكومة وعودا بضخ استثمارات لتنمية المناطق الريفية التي يقول المتمردون أن الأهمال طالها علي حساب مدن مثل بوجوتا. وعلي مدار عقود كان المتمردون يحصلون عي مصدر تمويلهم من خطف مدنيين واحتجازهم للحصول علي فدية ،و هو ما نتج عنه انتشر الرعب بين الألاف من بينهم المرشح الرئاسي السابق الذي احتجز لسنوات. ويحاول هذا الاتفاق تسوية المظالم السابقة بجرة قلم تحت ما يسمي بنظام العدالة الانتقالية وهو ان كل هذه الجرائم الخطرة للمتمردين يتم حلها بأحكام مخففة. ويقول سيلفيو هيرنانديز وهو جندي قتل إبنه علي أيدي المتمردين عام 2011 » أشعر أن هذا الاتفاق لا يحقق العدالة».