الحكومة نضجت بالقدر الكافي لكي تصارح وتكاشف الشعب بكل قراراتها، وربما يكون بعض هذه القرارات لا يلقي القبول، وبخاصة تلك التي تمس الأسعار. ورغم ذلك فانه يحلو لبعض وسائل الاعلام ان تقوم بنشر أخبار عن قرارات مستقبلية غيبية ولن ادخل في نوايا هؤلاء الاعلاميين والصحفيين، اذا كانت طيبة أو خبيثة، ولكنها في كلتا الحالتين تؤدي الي بلبلة في الرأي العام، وتخوف وقد تدفع البعض الي حالة غضب وانفعال، واتخاذ ردود افعال سلبية علي قرار لم يتم. وأقصد تحديدا ما يتم نشره حاليا تعويم سعر الجنيه امام الدولار، وزيادة اسعار الوقود. وكلاهما يمس كل فئات الشعب الغني والفقير علي حد سواء. وهذه الأخبار اذا كانت غير صحيحة فضررها أكثر من نفعها، فإذا كانت الجريدة تسعي لزيادة عدد قرائها، أو القناة تلهث وراء زيادة نسبة المشاهدة. فإن خسائر البلد الاقتصادية تفوق مكاسب الجريدة أو القناة بكثير، هذا مع افتراض حسن نية من ينشرون الخبر، أما اذا كانوا من الذين يريدون تخريب البلد فلهذا حديث آخر. وطبعا انا مع البحث والتنقيب وتعقب اي معلومة أو خبر يهم الرأي العام، ولكنني لست من مدرسة التخمين، واخطف واجري، ونشر الخبر ناقصا لحين ميسرة او لاستفزاز المسئول لتأكيده او نفيه.. ولكني من مدرسة مصطفي أمين ودار أخبار اليوم التي تتبني منطق ان يفوتك الخبر خير من ان تنشره خطأ او ناقصا حتي نحتفظ بالمصداقية والدقة امام القارئ. واذا كانت الصحافة تعاني من المنافسة الشرسة للمواقع الالكترونية الخبرية، فإن امضي سلاح في يد الصحافة هو المصداقية والدقة والحيادية للمنافسة، ولخوض الحرب الشعواء التي تتعرض لها بلادنا، من الداخل والخارج، وبعد أن أصبحت المعلومة تنتقل وتسري كالنار في الهشيم، ومن الصعب تلافي اضرارها، او تصحيحها. إعلان الرئيس السيسي عن استعداده لاتخاذ قرارات صعبة وتواكب ذلك مع الاعلان عن الاتفاق علي قرض من صندوق النقد الدولي دفع الكثيرين الي التخمين في كل ما يمكن ان يكون صعبا، ونشروه علي أنه قرارات لهثا وراء تحقيق سبق صحفي. نحن الآن في حالة حرب ضد الإرهاب والفساد والازمة الاقتصادية، ولابد ان نكون علي قدر المسئولية لخوض هذه الحرب، والمسئولية تبدأ بقول الحقيقة من قبل الحكومة، ونشر الحقيقة من قبل وسائل الاعلام. آخر كلمة القانون يعاقب الصحفي او الاعلامي علي نشر أو اذاعة أخبار كاذبة، ولكنه لا يعاقب المسئول الذي يدلي بتصريحات كاذبة.