هو شاعر وناشط ثقافي وأكاديمي أفريقي بارز، وهو الرئيس السابق لاتحاد كُتاب غانا، ويشغل منصب الأمين العام لاتحاد كتاب أفريقيا في الوقت الراهن، كما تم انتخابه عضوًا شرفيًا في اتحاد كتاب أسبانيا، واتحاد كتاب نيجيريا. ولد "أتوكوي أوكاي" بمدينة أكرا عاصمة غانا عام 1941. حصل علي التعليم الأساسي في غانا، ثم سافر إلي الاتحاد السوفيتي عام 1961، ودرس الأدب في معهد مكسيم جورجي. بعد عودته إلي وطنه في 1968، لم يجد عملًا لأن النظام الجديد كان يُعادي الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت، وينظر بعين الريبة إلي كل من أكمل دراسته في موسكو، حتي وإن كانت بعيدة عن السياسة، ويحكي أنه عاش فترة عصيبة حتي تمكن من السفر إلي انجلترا، حيث حصل علي درجة الماجستير في الفلسفة من مدرسة الدراسات السلافية والأوروبية من جامعة لندن عام 1971. وفي نفس العام، تمكن من العمل بجامعة غانا وتدريس الأدب الروسي. وفي عام 1984، أصبح باحث أول في الأدب الأفريقي بمعهد الدراسات الأفريقية. بدأ "أوكاي" كتابة الشعر وهو لا يزال في المدرسة الثانوية، وانضم إلي "مُجتمع أدباء غانا" الذي أصبح اتحاد الكتاب فيما بعد، في السادسة عشرة من عمره. كانت تجربة ثرية بالنسبة لمراهق؛ أتاحت له التعرف علي كبار أدباء وطنه والاحتكاك المُباشر بهم، فضلًا عن الحصول علي الكتب والتشجيع. أتاح له التواجد بينهم فرصة مُبكرة لنشر قصائده في "مجلة غانا" عام 1957. بعد سنوات قليلة، أصبحت إذاعة غانا تذيع قصائده؛ وهي فرصة كبيرة في ذلك الوقت. صدر ديوانه الأول "سقوط زهرة" عام 1969 عن مُنتدي الأدباء في لندن، وصدر ديوانه الثاني "قسَم الطبلة وقصائد أخري" في نيويورك عام 1971، وبعدها بثلاث سنوات أصدر ديوانه "لوغاريتمات لوجورليجي"؛ الذي مزج فيه بين كلمات اللغة الغانية الأصلية وبين اللغة الانجليزية. توقف عن الكتابة لفترة طويلة لانشغاله بالتدريس الجامعي ودوره التنظيمي في اتحاد الكتاب، وأصدر ديوانًا رابعًا عام 2008 بعنوان "قصائد مُختارة وقصائد حُب جديدة"، وكان آخر ديوان له عن "نيلسون مانديلا" بعنوان "مانديلا الرُمح وقصائد أخري" عام 2013. أصدر "أوكاي" كذلك ثلاث دواوين شعرية للأطفال. نالت قصائده شهرة عالمية، وظهرت في العديد من الجرائد والمجلات الشهيرة علي مستوي العالم، إضافة إلي أغلب الكتب التي تضم مُختارات لشعراء القارة السمراء. وتُرجمت أعماله إلي سبع لغات حتي الآن، كما اشتهر بطريقته المُميزة في إلقاء القصائد، سواء في الإذاعة أو التليفزيون، مما جعله يحل ضيفًا علي الكثير من البرامج الإذاعية والتليفزيونية العالمية في بريطانيا والولايات المُتحدة. حصل "أوكاي" علي العديد من الجوائز المحلية والدولية تقديرًا لأعماله الأدبية ودوره الثقافي الكبير في أفريقيا، ومن أبرزها "جائزة كتاب غانا" عام 1979، تقديرًا لإسهامه المُتفرد في تطوير الثقافة الوطنية، وفي ذات العام حصل علي جائزة محمد إقبال من الحكومة الباكستانية. وحصل علي جائزة "لوتس" الدولية من رابطة الكتاب الأفروأسيوية، وفي عام 1986، حصل علي ميدالية ماركوني الذهبية من مجلس الأبحاث الوطني الإيطالي، إضافة إلي عدة جوائز أخري، وهو يُعد أحد أبرز الوجوه الثقافية في غانا وفي أفريقيا، كما حصل علي زمالة عدة جامعات أوربية وأمريكية. أخلص "أوكاي" في شعره إلي المنطقة الريفية التي نشأ بها شمالي غانا، وكتب قصائد ذات طابع غنائي علي عادة أهل تلك المنطقة، وتمسك بتقاليد الشعر الشفاهي الأفريقي لدرجة أن المُتلقي يجد مُتعة في الاستماع إلي قصائده أكثر من مُطالعتها. ربما كان هذا دافعًا لقيامه بإلقاء شعره في الإذاعة والتليفزيون، وهناك تسجيلات علي يوتيوب للعديد من قصائده. يُعتبر "أوكاي" أول شاعر حديث في أفريقيا "يؤدي" القصائد علي غرار شعراء أفريقيا القدماء الذين كانوا يُلقون قصائدهم علي جمهور كبير في المهرجانات والاحتفالات الدينية والاجتماعية بمُصاحبة الطبول والرقص أحيانًا. لهذا قال عنه الروائي والناقد النيجيري "فيمي أوسوفيسان": "أوكاي هو أول من حاول العودة بالشعر الأفريقي إلي أصوله الأولي". كتب "أوكاي" كذلك قصائد الحُب العُذري، ووصف الطبيعة علي عادة أسلافه من شعراء غانا، وتأثر بلغته المحلية ذات الإيقاع الموسيقي الصاخب. اتسمت قصائده بقوة الإيقاع وسيطرة الموسيقي الصاخبة عليها أحيانًا، وكان يعتمد علي تكرار الكلمات، والمُجاورة بين مفردات لغته الأصلية ومفردات اللغة الانجليزية للحصول علي إيقاع صوتي خاص، كما كان ينتهك قواعد اللغة وبينة الجملة الانجليزية من أجل تحقيق التأثير الموسيقي في بعض الأحيان. أغلب قصائده، سيمفونية الطابع؛ إذ تنقسم إلي أجزاء تحمل نفس العناصر ولا تتغير فيها سوي حركة واحدة. يظهر هذا بوضوح في قصيدته "روزيمايا"، التي تضم تيمات ثابتة عبر مقاطع القصيدة السبعة. أدت هذه البنية التكرارية إلي إعاقة التطور الدرامي في النص، وأثرت علي التشكيل الجمالي إلي حد بعيد، لكنها أفسحت المجال للخطاب الشعري ذي الطبيعة الغنائية، إلا أن "أوكاي" حاول إقامة توازن عبر اختتام قصائده بمُفارقات قوية، ذات طابع درامي. يتفق كثير من النقاد علي أن "أوكاي" هو صوت أفريقيا الأصيل، الذي التزم بتقاليد الأداء الشفاهي في أغلب قصائده، وحاول إحياء تجربة التواصل المُباشر مع المُتلقي، في محاولة للحفاظ علي جزء أصيل من تراث شعوب أفريقيا. هذا فضلًا عن تكريس جانب كبير من وقته وجهده ومشروعه الإبداعي من أجل مُجابهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبيرة والمُتراكمة في أغلب بلدان القارة السمراء منذ الحقبة الاستعمارية حتي يومنا هذا.